أطلقت مؤسسة ياسر عرفات، مساء اليوم السبت، كتاب "رفقة عمر" مذكرات انتصار الوزير "ام جهاد"، في حفل أقيم في متحف الشهيد ياسر عرفات بمدينة رام الله.
وجرى حفل الاطلاق بحضور أعضاء من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح، وكتاب وأدباء، وممثلين عن مختلف الفصائل الوطنية، وعدد من الشخصيات الوطنية.
وصدر الكتاب عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ضمن سلسلة ذاكرة فلسطين، ويقع في 280 صفحة.
وتروي انتصار الوزير (أم جهاد) في الكتاب سيرتها ورحلة نضالها مع زوجها ورفيق دربها الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد)، وتوثّق بدايات تأسيس حركة فتح، كما عاشتها واطّلعت عليها، حيث عايشت تحولات ومنعطفات في مسار الحركة الوطنية الفلسطينية. وهي التي أسست أول خليّة نسائية لحركة فتح، وتولّت قيادة قوات العاصفة مؤقتًا. ورحلت وتنقّلت حيثما تطلّب الواجب النضالي، فطبعت البيانات ونقلت الرسائل والسلاح، وشاركت في معسكرات التدريب.
توثق أم جهاد كذلك تجربتها في العمل النسائي، وتأسيس الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، وكيف استطاعت المواءمة بين دورها أمًا وزوجة ومناضلة، وصمودها في جميع المراحل الصعبة، ولعل أقساها اغتيال رفيق دربها أمام عينيها. تمكّنت أم جهاد أخيرًا من العودة إلى فلسطين في تموز/ يوليو 1994، بعد اثنين وثلاثين عامًا أمضتها في الغربة والمنافي.
وتروي أم جهاد قصة لقائهما الأول، وهي في الخامسة من العمر، حين ذهبت مع أمها في عام 1946 إلى الرملة لزيارة عمها إبراهيم الوزير، والد أبو جهاد. فتقول: "مش متذكرة من الرملة غير خليل". إنها عبارة شديدة الكثافة ومجللة بالحياء، لكنها ذات أبعاد كاشفة. وفيما بعد، في غزة، اعترف لها بحبه ليتزوجا في عام 1962. وتعترف: "كنتُ أفتقده وأشتاق إلى رؤيته"، ثم تنثني إلى تذكر "اللحظات الحلوة التي عشتُها مع خليل"، وتنبش تفصيلات "سعادة اللقاء بعد طول غياب"، بينما كانت رسائلهما تزحم البريد بين غزة والكويت.
وتسرد أم جهاد حكاية الشهيد خليل الوزير منذ وصوله مع عائلته من الرملة إلى غزة في عام النكبة، وكيف عمل في بيع أدوات الحلاقة على بسطة صغيرة، كالشفرات والمقصات، ثم انتهى إلى العمل لدى بائع قماش، وما أن جمع بعض المال حتى اشترى كاميرا تصوير، وراح يصوّر حياة اللاجئين الفلسطينيين وأطفالهم وخيامهم ويرسلها إلى الصحف ووكالات الأنباء والمؤسسات الدولية. وهذه التفصيلات جديدة إلى حد بعيد حتى على مَن عرف سيرة طفولة أبو جهاد.
وتبرز أهمية هذه المذكرات في أنها توثق بدايات تأسيس حركة فتح كما عرفتها أم جهاد، وهي رواية تُضاف إلى كثير من الروايات الأخرى، بحيث يُصبح في إمكان أي مؤرخ حصيف أن يستخلص منها كلها رواية تقارب الحقيقة وتقترب مما حدث في عام 1959، عام التأسيس السرّي لحركة فتح.
تحدثت أم جهاد عن رحلة التنقل ما بين بيروت والقدس وعمان، وزيارة مخيمات اللاجئين، ثم الانتقال إلى الكويت حيث عرّفها أبو جهاد بياسر عرفات. وتحدثت عن الأيام الأخيرة قبل الاغتيال وروت بالتفصيل بعض الأحاديث الخاصة بينها وبين زوجها. وذكرت نوع انشغالاته في تلك الفترة. بعد ذلك بدأت تروي تفاصيل لحظة الصفر.
وقدم أستاذ العلاقات الدولية أحمد جميل عزم الكتاب، وقال: إنه صناعة للمعنى والاستحضار من أجل المستقبل، ومشروع هذا الكتاب استمر مع أم جهاد نحو 40 عاما وفكرته بدأت بعد حرب بيروت وركز على 40 سنة من الثورة الفلسطينية، وذهابها للرملة وكيف التقت ابن عمها خليل الوزير.
وأضاف أن كتاب أم جهاد يستحق أن يتحول لعمل درامي بكل ما فيه من تأثير ودرامية وهي قصص يصعب أن ترويها امرأة غير ام جهاد فهي مناضلة وجزء من القيادة.
من جانبه، رحب الروائي يحيى يخلف، "باسم مؤسسة ياسر عرفات ومتحف ياسر عرفات، بإطلاق هذا الكتاب الهام الذي صدر حديثا لام جهاد، والذي يتحدث عن تاريخ مجيد كتب بالدم وبالنضال".
وأضاف أن صدور الكتاب له أهمية شخصية وتاريخية، وهو جزء من الارهاصات الأولى لبدايات تأسيس حرك فتح، واستقطاب قامات من جيل العمالقة خطوا صفحات مشرقة من تاريخ الثورة وإجابات على أسئلة تتعلق بتأسيس الثورة الفلسطينية وكيف أصبحت ثورتنا واحدة من أهم حركات التحرر.
وأوضح يخلف أن الكتاب تكمن أهمية بكونه مرجع للثورة الفلسطينية ويعيد الاعتبار لمسيرة كفاحية طويلة للشعب الفلسطيني ويصب في كتابة تاريخنا الوطني وفي تسجيل وتوثيق تاريخ الثورة الذي لم يكتب بعد.
[email protected]
أضف تعليق