متاريس اسمنتية حولت حارتي البيان والنور في رهط الى شبيهتين بالمخيمات والمدن في الضفة الغربية المحتلة، هذا هو الاجراء الذي قررت الشرطة الاسرائيلية اتخاذه بعد ليلة حامية الوطيس في المدينة الاسبوع الماضي، استمر فيها اطلاق الرصاص لمدة 11 ساعة متواصلة، لم يتحرك فيها شرطي واحد من محطة الشرطة في رهط لفرض الامن والامان في المدينة، ما ادى فيما بعد لاصابة طفلة بعيار طائش خلال نومها في غرفتها ليلا.

هذا الاجراء اعتبره الكثير من الاهالي بفشل على فشل في معالجة الأزمة من قبل جميع الاطراف المسؤولة عن اتخاذ القرار في المدينة لا سيما الشرطة ورئاسة البلدية ان كان تم الامر بالتنسيق معها، اذ يعتبرون ان الشرطة فشلت في ابسط الحلول وهو تحويم طيارة عمودية او مسيرة مع إضاءة لمنع الاشتباكات تلك الليلة، وبالتالي اغلاق الحارات حسب الاهالي هو حل فاشل ومرفوض ويعني الاعلان عن الحارتين مناطق عسكرية مغلقة ومعاقبة جماعية لأهالي الحارتين، وهذا كله بعد العطوة العشائرية والهدنة وتهدئة الوضع باتجاه الحل بين العائلتين المتناحرتين من قبل وجهاء المدينة ورجال الاصلاح فيها.

تباينت ردود الفعل الرافضة لهذا العقاب الجماعي في المدينة، واظهرت اراء الناس ان الواضح من هذا الاجراء هو فشل الشرطة في التعامل مع الاحداث في المدينة العربية مقارنة بسرعة التحرك في حال وقوع اي حادث في مدينة يهودية، والتي يتم التعامل معها مباشرة وفي نفس لحظة وقوع الحادث وليس بعد ليلة كاملة، الصيلاني احمد ابو مديغم عقب قائلا:" فصل الخِطاب: تبيّن سوء إدارة منقطع النّظير من إدارة البلدية في أزمةِ بلدنا الحالية وتبيّن تخبّطهم وعدم استيعابهم للمشكلة وعدم وجود حلول حتى لو كانت حلولًا مبدئية ، وما ذاك إلّا لأنّ كل واحدٍ منهم انتقل من العمل لمصلحة العائلة وهو منبوذٌ أصلًا إلى العمل للمصلحة الشخصية لا أكثر ، فصار عليهم إدارة الأزمات كالموت أو أشد ، وإن كان "إنّ بعض الظنّ إثم"،وهو والله حقٌ لا جدال فيه فإنّما هو بعض وليس الكل ولعلّ بعضه الآخر من فِطنة المرء، فإنّي لا أثق بهذه الشرطة التي انتظرت حتى تعالت الأصوات والنّداءات والكتابات كي تأتي لنا بحلّ هو العقوبة الجماعية وإغلاق شوارع حيوية وكأنّ البلد كلّها تشارِكُ في إطلاق النار ، ولو كانت الشرطة تتحمّل مسؤوليّتها كما يجب لتقبّضت على المجرمين من أول يومٍ وأودعتهم غياهب السجون وانتهى الأمر. إنّ إغلاق الشوارع والحارات بهذه الطريقة سابقةٌ لابدّ لها من لاحِقة، وتفريق لابدّ وأن يتبعه سياسات عنصرية فإن فرّقت بيننا ضعُفنا وسادت أكثر، فصلُ الخِطاب يا سادة إنّ الحواجز الإسمنتية بين الحارات والشوارع لا يخدم الّا سياسات المحتلّ ولا يخدم ابناء مجتمعنا قيد أنملة".

حكم مدني فعال

ومن ضمن الاصوات الرافضة لهذا الاجراء كان صوت المواطن عقل ابو فريح، والذي كان من ضمن اصوات كثيرة تعالت قبل تفاقم الاوضاع الى العمل على الصلح بين العائلتين حتى لا يتفاقم الحال وتصل المدينة الى وضع لا تحمد عقباه، يقول السيد عقل ابو فريح:" في رأيي أن على الشرطة القيام بكل عمل مدني يلائم الحكم المدني لحل قضية العنف وإطلاق النار المستمر يومياً. والحقيقة أنه لا يوجد سبب أو مبرر لإغلاق الحارات وقلبها لثكنات عسكرية أو ما يشابه مخيمات اللاجئين، أنا متأكد أن على الشرطة وقيادة البلد ووجهاء العائلات ومشايخنا التعامل معاً لصد ووقف الصراع بين العائلات ووقف إستعمال الأسلحة وإزهاق الأرواح، الشرطة لا تتواجد بشكل ملحوظ في البلد إلا بعد أن يحدث إطلاق نار أو إقتتال، والقصد أن الشرطة تكثف عملها فقط لحلب المواطنين بالغرامات والإنسحاب. تواجد الشرطة بشكل دوريات سيسد كثير من الثغرات، بالنسبة لي التدهور الحالي هو بحد ذاته فشل للشرطة ولقيادة البلد المنتخبة والقائمة على شؤون البلد، هناك كثير من الخلافات تتعلق في البلدية بحيث انها تستطيع وضع حل بقرار يوقف كثير من الصراعات المتعلقة في القسائم والتوسع".

اهل الفن ايضا هم سكان رهط والمعاناة من اطلاق الرصاص ليلا تشكل عبئا عليهم وعلى عائلاتهم، ولكن الحل الذي اتخذته الشرطة لا يبدو مرضيا لهم، يقول عن ذلك الفنان الرهطاوي سهل الدبسان:" هذا فشل ذريع في اتخاذ الاجراءات، اغلاق الحارات والعقاب الجماعي هذا يدل على عجز الحكومة في معاجلة العنف لذلك هم يتجهون لحلول تبين للناس انهم يقومون بشيء وهم عمليا لم يقوموا بأي شيء، هذا كله صور للتسويق وتجميل وجه الشرطة ليس اكثر لكن على ارض الواقع لا يوجد اي محاربة للجريمة، والعقاب الجماعي امر مرفوض، الاجراء الافضل ان يكون هنالك خطة شاملة من قبل الحكومة والشرطة ومعاملة المواطنين العرب كمواطنين وليس كأعداء، قصة اتخاذ قرار باطلاق النار على مطلقي الرصاص ايضا هذا يقول اننا لسنا في دولة انما اصبحنا في غابة، المفروض على الشرطة القاء القبض على المذنب وتقديمه للمحاكمة، والمحكمة بدورها تقرر ان كان مذنبا ام لا وما هي العقوبة المناسبة له، وليس ان يتم اطلاق النار عليهم واعدامهم ميدانيا وتصبح الشرطة هي جهة القضاء والحكم بدلا من المحاكم، هذا ليس عمل شرطة انما عمل عصابات الشرطة، ليس من وظيفة الشرطة معالجة العنف بالعنف هذا يسمى اعدام واغتيال".

العقاب الجماعي 

يرفض اهالي رهط رفضا تاما سياسة العقاب الجماعي، فلا يعقل ان يتم احتجاز حي بأكمله ردا على قيام بضعة اشخاص بمخالفة معينة ايا كانت، الشرطة التي تأخرت في التعامل مع الموقف منذ بداية شهر رمضان الى احتدمت الامور الاسبوع الماضي ارادت ايصال رسالة للناس بأنها موجودة ولكنها فشلت في ذلك، فهي موجودة حسب قومية المدينة ومواطنيها لا حسب الحالة المفروضة على الناس كما يرون، وبالتالي لن تكون نتيجة هذا الاغلاق للحارات ايجابية كما تعتقد الشرطة، بل ربما تزيد الطين بلة لا سيما وان جهودا للاصلاح باشرتها العشائر كان بإمكانها انهاء الخلاف برمته ومن جذوره، وهو ما اراده الناس من البداية بإعادة حكم القضاء العشائري والعرف بين الناس والذي كان مسيطرا على طيش القتلة وعبثية حملة السلاح.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]