لم يمض سوى أسبوع واحد على الهطولات المطرية الغزيرة التي شهدتها مختلف أنحاء المغرب، حتى عادت موجة الحر لتجتاح مناطق في جنوب المملكة متسببة في حرائق بأكثر من موقع.

وتسبب ارتفاع درجة الحرارة بحريق كبير في واحات مدينة الراشيدية، ودقّ خبراء في المناخ ناقوس الخطر، نظرا لزيادة حرائق الواحات في فصل الصيف، الأمر الذي يتسبب بهلاك محصول التمر.

كذلك اندلع حريق ليلة الاثنين- الثلاثاء بغابة قصور المعاضيد التابعة لإقليم الرشيدية، وعاش سكان الواحات حالة من الرعب والهلع بسبب تصاعد ألسنة النيران والتهامها لهكتارات من أشجار النخيل ومحاصيل زراعية أخرى.

وقالت مصادر لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن أسباب اندلاع الحريق مازالت مجهولة، مضيفين "الحمد لله الحريق لم يخلّف خسائر في الأرواح، ولكن الأضرار اقتصرت على الماديات".

وعن المخاطر البيئية التي تحيط بالواحات، قال الخبير البيئي والمتخصص في المناخ والتنمية المستدامة، محمد بنعبو: "المنظومات البيئية تعاني في صمت بمواجهة ظاهرة تغير المناخ، وفي مقدمتها واحات المغرب التي رغم التوعية في صفوف السكان المجاورين والمشاريع الهيكلية التي تهدف للحفاظ على هذا الموروث الثقافي اللامادي، لازالت الحرائق تشب بها بشكل مفاجئ".

وأضاف بنعبو في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "ما وقع بواحات الراشيدية خير مثال على ما تعانيه هذه المنظومات في تحد صارخ للتدخل البشري الذي يزيد من الطين بلة حيث تكرار سيناريو الحرائق نفسه بالواحات بجهة درعة تافيلالت في السنوات الأخيرة".

وعلى مستوى التوزيع الجغرافي للمساحات المتضررة بالجنوب، أوضح مصطفى بنرامل، الخبير في المناخ والمنظومات الإيكولوجية أن "المنطقة الجنوبية الغربية التي تضم مدن (تارودانت وتيزنيت وأكادير وشتوكة آيت باها)، تأتي في المقدمة، من خلال اندلاع أكثر من 48 حريقا طال 535 هكتار، يليها الأطلس الكبير (الصويرة ومراكش وشيشاوة) بـ15 حريقا مسّ 239 هكتارا".

ومن جانبه، أكد عبد الحق بوحمي، رئيس جمعية "تعليت" التنمية الاقتصادية والاجتماعية بزاكورة، في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" أنه من خلال دراسة ميدانية أنجزها فريق بحث عن الحرائق بواحات الجنوب، تبين أن الأسباب من وراء الحرائق، طبيعية منها ارتفاع درجة الحرارة، وأخرى لها علاقة بالإنسان والإهمال والتصرفات "الطائشة".

وبالنسبة للعامل المتعلق بالطبيعة أوضح بوحمي، أن المنطقة بسبب تأثير تغير المناخ تعاني من موجات الجفاف وندرة المياه، ما يؤثر سلبا على أشجار النخيل.

يذكر أن غابة واحة زيز شهدت بدورها خلال السنوات الأخيرة، عدة حرائق وآخرها حريق زاوية أملكيس، ثم حريق آخر في الواحة هو حريق غابة القصر الجديد الصيف الماضي، الذي دمر عشر كلومترات من واحات النخيل.

وشهدت واحة "أولاد شاكر" حرائق مماثلة في أغسطس الماضي، حيث التهمت النيران ما يزيد على عشرة كيلومترات من النخيل، وخلفت خسائر في المحاصيل، بعدما تدخلت طائرات تابعة للقوات المسلحة الملكية لإخماد الحرائق.

وترجع مصادر متخصصة بمجال البيئة والمناخ الأسباب الأساسية للحرائق التي مازالت متواصلة بشكل كبير في مناطق الواحات، إلى مباشرة وغير مباشرة، وهذه الأخيرة ذات صلة بتوالي سنوات الجفاف منذ سنة 2014، وشح الهطولات المطرية، التي لا تتعدى 30 ميليمترا في السنة، ما ساهم في تراجع الاحتياطات المائية الباطنية والسطحية، ما أثر على الواحات التقليدية التي تشغل 26 ألف هكتار.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]