اثارت قضية اطلاق النار على مقهى كافيه كافيه في القصر الثقافي في مدينة رهط ردود فعل متباينة، خاصة بعد ان صدرت معلومات اولية افادت بأن خلفية الحادث هي الغضب والغيرة لوجود فتيات يعملن نادلات في المقهى، وازدادت وتيرة الجدل بعد ان قرر رئيس بلدية رهط فايز ابو صهيبان واعلن بشكل لا يدع مجالا للشك انه سيجتمع مع افراد عائلته كاملة في المقهى للافطار، في خطوة اعتبرها البعض خطوة قيادية جريئة وفي الاتجاه الصحيح، بينما رآها اخرون خروجا على العادات والتقاليد ونوعا من دعم الاختلاط المحرم وجرأة على الدين، فهل حقيقة الامر هي عمل النادلات؟

ليلة رمضانية هادئة مرت على رواد المقهى من ضمنهم عائلة من اب وام وطفل، قبل ان تنقلب الاية ويتحول الهدوء الى اطلاق رصاص حي وتكسير لمحتويات المكان بالهراوات، وبلطف من الله لم يصب احد الحاضرين بأذى، ابراهيم العبرة صاحب المقهى نفى تماما ان يكون ما حدث هو على خلفية تشغيل النادلات وقال :" هؤلاء الشباب غضبوا عندما تحدثت معهم وطلبت منهم عدم إزعاج زوار المقهى بالحركات البهلوانية بالدارجات النارية والهوائية امام المقهى.وهذا كان حوالي الساعة التاسعة مساء، أخبرتهم أن هناك عائلات مع أطفالهم حضروا للجلوس بهدوء، فقالوا إنهم حضروا للمقهى فأخبرتهم أن المحل للعائلات، فبدؤوا بالحديث عن وجود فتيات ولكن الحديث لم يرق لهم رغم أنني تحدثت معهم بصورة لائقة، عدت إلى المقهى وبعد نحو ساعة بدؤوا بإطلاق النار على المحل من الخارج ومن ثمّ اعتدوا بالعصي داخل المحل وكسروا محتوياته، حين كانت عائلات بينهم رجل وزوجته وطفله يجلسون هنا، هم عادوا للانتقام واستعملوا قضية تشغيل الفتيات كوسيلة، بناتنا يعملن في كل مكان في مدينة رهط وهن في المستشفى وفي العيادات وفي المحلات التجارية فلماذا الادعاء هنا هذا ما اتفاجأ منه!".

رئيس بلدية رهط فايز ابو صهيبان عبر عن رفضه للحادث ودعمه للمقهى والقائمين عليه بخطوة الافطار فيه حيث كان قد قال :"نستنكر الإعتداء وإطلاق النار على مقهى(كافيه كافيه)فهذا عمل جبان وهمجي ونحمّل الشرطة إلقاء القبض على المعتدين الذين روّعوا الناس بإطلاق الرصاص فوق رؤسهم!"، ليتبعه بنشر منشور على صفحته على الفيسبوك يعلن فيه نيته اصطحاب الاسرة للافطار في المقهى، الامر الذي اثار حفيظة فئة ليست بالقليلة من المتابعين الذين انهال عدد منهم بالفاظ نابية على السيد فايز واتهامات ادعوا فيها انه يخرج على قواعد الدين ما دفعه لحذف منشوره لاحقا.
الا ان هذا الامر لم يمنع قيادات ونشطاء من عموم النقب للتأييد بل والتوجه الى المقهى للافطار وقضاء بعض الوقت فيه كنوع من الدعم للقائمين عليه، وهنا برز التساؤل الهام الذي طرحه عدد من المتابعين مستفسرين فيه عن الوقت الذي سيتم فيه القضاء على العنف والجريمة وسحب الاسلحة من الميليشيات كما اسموها التي تسبب المشاكل للمواطنين وتروع الامنين؟ وهل سيكون تواجد القيادات لليلة واحدة في كافيه كافيه رادعا لهؤلاء؟! ام انها ستكون كسابقاتها مجرد خطوة احتجاجية اتت كردة فعل على الحدث سرعان ما تنتهي وتذهب ادراج الرياح كسابقاتها؟!.
احد الحاضرين للتضامن مع ادارة المقهى كان المحامي طلب الصانع الذي قال :" الاعتداء على مقهى كافية كافية في مدينة رهط مرفوض جملة وتفصيلا !!مسؤوليتنا دعم المبادرات الاقتصادية والتجارية في بلداننا بما في ذلك المطاعم والمقاهي وتطوير بنية تحتية تسمح للكل من سكان والبلد ومن خارجها ان يأتوا يتسوقوا في البلد وياكلوا ويسهروا كافراد وكعائلة بدل من السهر في مقاهي كافيه كافيه او اروما في بئر السبع، علينا دعم وتشجيع هذه المبادرات والمبادرين من شبابنا وليس ضرب هذه المبادرات ونشر الاستياء بين المبادرين. الاخلاق اولا واخيرا تتمثل في عدم ترويع المواطنين واطلاق النار او الاعتداء بالعنف على الامنين هذه جريمة بحد ذاتها، مهم ان يكون موقف عام ضد هذه الممارسات التي تسيء لبلداننا وامكانية تطورها وتعزيز روح المبادرة بين شبابها" .
للشرطة ايضا دورها في الحادث الذي وقع في المقهى، حيث انها تأخرت في التجاوب مع شكوى الادارة في حينه، وهذا هو الحال دائما مع كل حدث في بلدة عربية لا سيما في الجنوب، مدير المقهى السيد صبري أبو فريح تحدث عن تأخر شرطة رهط في الرد على اتصالاته المستمرة والتي كانت قد تمنع حدوث هذا الهجوم، وفند ادعاء تشغيل الفتيات وتسببه بالهجوم قائلا : "ادعاء تشغيل الفتيات كاذب وغير صحيح ويأتي لأسباب غريبة، لقد استثمرنا هنا نحو 2 مليون شيكل لافتتاح المقهى بدل أن يذهب أهل المدينة إلى مدينة بئر السبع، اليوم في العام 2022 بناتنا يعملن في كل مكان، علما أننا نفصل بين العائلات التي تقدم لهن الفتيات الخدمة، وبين الرجال الذين يصلون للمقهى ويتلقون الخدمة من شبان".
ورغم ارتفاع الكثير من الاصوات ضد تشغيل فتيات كنادلات لكونه عملا لا يناسب الفتيات ومنافٍ للعادات والتقاليد على حد زعم اصحاب هذا الرأي، الا انه كانت هنالك اصوات عقلانية اكثر ترى الامر من منظور مختلف وملتزم ايضا، من ضمن هؤلاء الصيدلاني احمد ابو مديغم الذي عقب موجها رسالة الى صاحب المقهى ابراهيم العبرة قائلا:" أخي ابراهيم أعدّ وجهز محلك فكلنا معك، لأنّ الشمس لا يمكنُ أن تُغطّى برغيف خبز ولأنّ الحقّ أحقّ أن يُقال وأن يتّبع ولأنّي قد عوّدتُ نفسي دائمًا أن أنتظر حتى أرى الصّورة كاملةً إن شاء الله فأقول وأجري على الله فيما أقول إنّ الذي حدث في قهوة كافيه كافيه أمس القريب لهو مرفوضٌ جملةً وتفصيلًا تحت أيّ مسمىً وتحت أيّ عنوان فإن كان الذي فعل ذلك الفعل المشين فعله بدافع الحسد والحقد والكِبر وإنّها والله صفاتٌ تقتل صاحبها لا خصمه فلا جمع الله بينه وبين عباده بعد اليوم أبدًا وإن كان الذي فعل فعلته تلك بدافع الغيرة وهي غيرةٌ كاذبة لا محلّ لها نقول له ان كانت هذه القهوة تخدم العائلات فمن يقدّم لطالباتنا وبناتنا الخدمة ايكون رجلاً افضل؟!
مالكم كيف تحكمون؟! الا يصطحب الرجل منكم زوجته وأم أولاده إلى رحلة او مطعم او حتى التسوق في الحوانيت الكبار اتحب أن يخدم زوجتك او أختك رجل؟!"
واستدرك ابو مديغم قائلا:" على ادارة المحل ان تبقي الأمر على ما هو عليه لا يقدّم الخدمة للرجال الا الرجال ولا يقدم الخدمة للنساء الا النساء وكذلك المحافظة على عدم الاختلاط كما هو الحال عليه الآن. سبحان الله الكيل بمكيالين شيمة البعض، ولأنّي قد كتبت فكان لابدّ عليّ أن أكملَ النّقد فلعله يكن نقدًا بنّاءًا أين صاحب البيانات الخارقة الذي لم نسمع صوته هذه المرة؟ اين المنتقدون الذين يرفضون العنف واطلاق الرصاص؟ اين صاحب فكرة الأرجيلة المعارض المخالف؟اين أناسًا كنّا نعدّهم من وجه البلد وحضرته؟اللهم انك تعلم انا ما أردنا الا الحق فلك الحمد".
وفي النقب بشكل عام وفي السنوات الخيرة بشكل خاص ارتفعت نسبة النساء والفتيات العربيات العاملات بشكل كبير جدا، رغم انه كان مسبقا بالنسبة للبعض مدعاة لما يسمى العار والعيب وامرا غير مقبول، الا ان الامور اخذت منحا افضل بعد اقبال النساء على التعليم وتطوير قدراتهن اكثر، واصبحت الكثير من النساء صاحبات مشاريعهن الخاصة والتي من ضمنها مقاهي على غرار كافيه كافيه موجودة ايضا في مدينة رهط، ولربما لاول مرة تعمل فتيات عربيات كنادلات في مقهى الا ان الامر اقتصر على تقديمهن الخدمة للنساء والعائلات وتركت مهمة تقديم خدمات قسم الرجال للرجال، وهذا يؤكد ان اساس الهجوم لم يكن قضية النادلات وانما كانت حادثة انتقام كما اسماها صاحب المقهى، وقد يكون هنالك امور لم يتم توضيحها كما يجب من كلا الطرفين، وقد يكون الامر برمته بدافع الحقد والحسد لا اكثر، اما الامر المستهجن فهو تقاعس الشرطة كالمعتاد عن الاستجابة لاي طاريء، فعمليات التفحيط منذ بداية رمضان تؤرق المواطنين منذ ما قبل الافطار بوقت قصير وحتى ساعات الفجر، ورغم الشكاوى الكثيرة التي يتوجه بها المواطنون للشرطة الا انها لا تتجاوب اطلاقا وتترك الامور حتى تتفاقم وتصل الى ما وصلت اليه في كافيه كافيه، وربما تصل الى مدى ابعد كإطلاق النار بشكل مباشر على انسان اثناء اذان المغرب وقبل تناوله شربة ماء للافطار.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]