أصدرت سلطة الضرائب الإسرائيلية خطط جديدة تهدف إلى زيادة الإجراءات الضريبية على المواطنين ومصادرة الاموال في حال ادخارهم مبالغ تصل الى 200 ألف شاقل، جاء هذا القرار في أعقاب محاربة المال الأسود الذي يشغل من قبل المجرمين وأصحاب السوق السوداء.
د.عصمت وتد مراقب حسابات، محاضر وخبير قانوني واقتصادي قال: "إن الإطار الجديد لخطة الضريبة لا يزال صارما للغاية مقارنة بالطريقة التي يمكن فيها تفسير القانون الإسرائيلي, حيث أن المبلغ المتاح يصل الى 50 ألف شاقل , وفي حال وجود مبلغ أضافي يتم تقديم شكوى للضريبة لإثبات مصدر هذه الأموال".
ومن جهة أخرى أضاف: "إن التعامل السلوكي في إدارة الاقتصاد مهم للغاية بالمجتمع العربي وأيضا لليهود المتدينين, حيث يعتقد الكثير أن المناهج الدينية قد تؤثر على قرار ادخار الأموال في البنك المصرفي, إذ يفضل إبقاء هذه الأموال في البيت عوضا عن المساس بمعتقدات دينية مختلفة".
وأضاف وتد: "في حال دخل هذا البرنامج حيز التنفيذ وأصبح قانونا ملزما، سيؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة صعبة تمس بشرائح مجتمعية عريضة لا يستهان بها، وأخص بالذكر مواطنين من المجتمعين العربي واليهودي المتدين ، والذين لا يتعاملون مع البنوك التجارية لأسباب دينية فكرية أيديولوجية أو أسباب تقنية سلوكية. فهل أخذ مبادرو تلك الخطة بالحسبان شأن هؤلاء المواطنين؟ أنسوا أن تلك الأسباب الدينية الأيديولوجية والتقنية تمنع عشرات آلاف من المواطنين من تلك الشريحتين المجتمعية من تغيير سلوكهم المالي الاقتصادي راسا على عقب، بين عشية وضحاها؟ كلا وألف كلا".
قرار خطة المال الاسود
بادرت اللجنة الخاصة لمحاربة المال الأسود برئاسة المدير العام لوزارة المالية، السيد رام بلينكوف، في الأيام الأخيرة، بإعداد خطة او برنامج لمحاربة تفشي ظاهرة المال الأسود في البلاد، والذي يقدر بعشرات المليارات من الشواقل. وتأتي هذه الخطة بعد سن قانون تقليص استعمال المال النقدي قبل ثلاثة أعوام.
يحتوي البرنامج على عدة بنود أهمها:
1- يسمح للمواطن أن يدخر في بيته مالا سائلا نقدا حتى قيمة 50000 شاقلا, بشكل مطلق ودون الحاجة لتقديم أي تقرير أو بيان من قبله لسلطة الضرائب في البلاد.
2- يسمح للمواطن أن يدخر فيبيته مالا سائلا نقدا قيمته تتراوح بين 50000 إلى 200000 شاقلا، شريطة أن يتوجه بمبادرته لسلطة الضرائب مبينا ومفصلا لها ما مصدر ذاك المال.
3- لا يسمح للمواطن أن يدخر في بيته مبلغا قيمته أعلى من 200000 شاقلا بأي حال من الأحوال.
4- لسلطة الضرائب كامل الحق والشرعية في مباغتة المواطن في بيته او مكتبه او مكان عمله، وإجراء تفتيش وبحث عن أمواله السائلة، دون سابق إنذار.
5- لسلطة الضرائب كامل الحق والشرعية في مصادرة جميع أموال المواطن السائلة النقدية، إذا فاقت قيمتها 200000 شاقلا، وجدتها بحوزته. في حالة كهذه يصح لها مصادرة جميع تلك الأموال.
6- لسلطة الضرائب كامل الحق والشرعية في إلقاء غرامة مالية ضد كل مواطن مخالف لهذا البرنامج كما فصلنا وبينا آنفا، إضافة إلى تقديم لائحة اتهام ضده في حالات استثنائية خاصة متطرفة.
7- لا يحق لسلطة الضرائب القيام بإجراء تفتيش في بيت المواطن قبل الحصول على مصادقة خطية لذلك من جهاز سلطة المحاكم. ويجد التنويه أن تجربة الماضي تؤكد أن الحصول على تلك المصادقة هو أمر ليس يسيرا، ولم يعط إلا في حالات استثنائية خاصة.
وتابع وتد:" ما زالت هذه الخطة في بداية عهدها,وما هي إلا فكرة أولية لم ترتق ولم تصل إلى مكانة "إقتراح قانون". من هنا فالطريق لإدراجها في كتاب القوانين هي شاقة وعرة مريرة. أضف إلى ذلك، هنا نفرض جدلا أنها تخطت حاجز تحفظ وزارة العدل ولجنة الكنيست وصودق عليها في الكنيست بثلاثة قراءات لتصبح قانونا ملزما. ففي حالة كهذه، سينتظرها تحد عملاق هو الإلتماس للمحكمة العليا ضد شرعيتها والمطالبة بإلغائها بسبب انتهاكها واختراقها لحقوق الإنسان الدستورية الأساسية، المتربعة على عرش هرم المعايير وفقا للقانون الدستوري الإسرائيلي، تلك الحقوق ألأقوى والأمتن من القوانين الرئيسية والثانوية على حد سواء".
واكمل حديثه: " إن ادوافع التي تدعي سلطة الضرائب أن الدافع الأساسي لتلك الخطة الحارقة الجارفة الصارمة هو محاربة تفشي وباء المال الأسود المستوحش، الموجود بأيدي المجرمين، والذي حصلوا عليه بطرق غير شرعية كتجارة المخدرات وبيع السلاح وتجارة النساء وال"بروتكشين"وغيرها من الطرق غير الشرعية وغير القانونية. ويذكر أن جميع هذه الأموال السوداء ازدلفت وتدحرجت إلى أيدي أولئك المجرمين دون أن يصرحوا عنها لسلطة الضرائب وقبل أن يقدموا بشأنها تقارير مالية ودون أن يسددوا عنها الضرائب كسائر المكلفين العاديين.
حجم المال الأسود
وكما أكد ان إظهار حجم البيان للوباء المتفشي المستوحش في الاقتصاد الإسرائيلي، يلخص بحجم المال الأسود المقدر في السوق السوداء يقيم ب- 50 مليار شاقلا، وهذا يعادل 10% من حجم ميزانية الدولة لعام 2022 – أرقاما مروعة مذهلة لا تشرف مجتمعا حضاريا، يندى لها الجبين حقا. وفي سياق اصطدام وتلاطم المطبات القانونية الدستورية لهذه الخطة، تعارضها ينتهك حقوق الإنسان الأساسية الدستورية التي نص عليها قانونان أساسيان دستوريان في القانون الإسرائيلي، الا وهما "قانون أساس احترام الإنسان وحريته –و"قانون أساس حرية العمل. وهذا هو السبب الرئيسي لمعارضة وتحفظ وزارة العدل من قسم لا يستهان به من بنود تلك الخطة.
"من الجذير ذكره أن لا علاقة لهذه الخطة بنسب ضريبة الدخل المفروضة اليوم وفقا لفقانون ضريبة الدخل ، فهذا القانون يفرض اليوم ضريبة دخل على الأفراد بنسب تصاعدية تبدأ من 10% فتتصاعد مع تصاعد الدخل إلى أن تصل إلى 50% في أعلى درجاتها، كما ويفرض نفس القانون ضريبة على الشركات بنسبة ثابتة مقدارها 23%، لا تتغير مع ارتفاع دخل تلك الشركات. من هنا، فلن تتغير هذه النسب فيما إذا صودقت هذه الخطة وأصبحت قانونا حيز التنفيذ".
[email protected]
أضف تعليق