في ظل التقلبات التي تشهدها أسعار المحروقات على المستوى الدولي، قررت الحكومة المغربية تقديم دعم مالي لمهنيي قطاع النقل البري للركاب والبضائع، من أجل الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين.

ويدخل هذا الإجراء في إطار مواجهة الظرفية الاستثنائية الدولية، ولمنع "انفجار" أسعار المواد الاستهلاكية، التي يمكن أن تتأثر بأي زيادة محتملة في أسعار النقل البري.

وقد تم تشكيل لجنة وزارية للعمل على أجرأة هذا الدعم، الذي يرتقب أن يتم الإعلان عن تفاصيله خلال الأيام المقبلة، حيث تم في هذا الإطار إطلاق منصة رقمية لتضمين معطيات المهنيين حتى يتمكنوا من الاستفادة من الدعم.

ويتزامن هذا القرار مع الارتفاع الصاروخي الذي شهدته أسعار المحروقات في المغرب، حيث بلغ سعر اللتر الواحد من البنزين حوالي 1.5 دولار، بينما قارب سعر الغازوال 1.3 دولار للتر الواحد.

وتتأثر أسعار المحروقات في المملكة، بتقلبات السوق الدولية وتداعيات الحرب في أوكرانيا.

ضمان استقرار الأسعار

وخلال الأسبوع الماضي، انخرطت الحكومة في حوار مع مهنيي النقل أفضى للوصول إلى قرار الدعم المالي المباشر، في هذه الظرفية المتسمة بتقلبات أسعار الوقود على المستوى الدولي.

وقد أكد الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أن الحكومة رصدت الاعتمادات الضرورية من أجل الحفاظ على استقرار أسعار التنقل اليومي للمواطنين سواء داخل المدن أو بينها.

وأضاف الوزير، خلال لقاء صحفي للإعلان عن مخرجات الحوار مع مهني النقل، أن الحكومة ستتدخل أيضا من أجل تخفيف عبء أسعار النقل، لا سيما نقل البضائع، من أجل الحفاظ على استقرار أسعار مختلف السلع في الأسواق المحلية.

من جهته، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن الهدف من هذا الإجراء هو المحافظة على مستويات معقولة للأسعار ودعم القدرة الشرائية للمواطنين.

وأشار الوزير إلى أنه ستتم أجرأة هذا الدعم والإعلان عن تفاصيله في الأيام القليلة المقبلة، بعد استكمال تجميع المعطيات الخاصة بهذه الفئة من المهنيين.

في انتظار صرف الدعم

وكان مهنيو النقل قد قرروا سابقا خوض إضراب وطني، احتجاجا على الارتفاع الذي شهدته أسعار الوقود، والمطالبة بتحديد سقف لأثمنة المحروقات في محطات التوزيع.

ويقول الصديق بوجعرة، رئيس الاتحاد النقابي للنقل الطرقي، التابع للاتحاد المغربي للشغل (نقابة)، إن قرار الحكومة جاء من أجل تخفيف العبء على المهنيين بعد الأزمة الخانقة التي مروا منها منذ أشهر، جراء الزيادات المتتالية في سعر المحروقات بالمغرب.

وأكد بوجعرة، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذا الوضع قد تسبب في خسائر كبيرة لمعظم المهنيين، ودفع بعضهم للإعلان عن إفلاسه.

ويضيف النقابي، أنه في ظل ارتفاع أسعار المحروقات، وغياب إجراءات مستعجلة وموازية لهذا الارتفاع من قبل الحكومة، كان من الصعب على قطاع النقل بكل أصنافه، تأمين خدماته.

وأكد المتحدث أن الحكومة عبرت خلال لقاءاتها مع ممثلي قطاع النقل عن التزامها بصرف الدعم للمهنيين، دون الكشف عن التفاصيل المرتبطة بكيفية تنزيل هذا الإجراء، والصيغة التي سوف تتم بها العملية.

ويعتقد بوجعرة بأن أي زيادة في تسعيرة نقل الركاب أو البضائع، كانت ستنعكس بشكل مباشر على أسعار المواد الغذائية، وعلى القدرة الشرائية للمواطنين.

دعم القدرة الشرائية للمواطنين

وتندرج هذه الخطوة ضمن مجموعة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، منذ شهر أكتوبر الماضي، قصد الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين والتخفيف من وقع أسعار المحروقات على المواد الاستهلاكية الأساسية.

ويعتبر بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك (غير حكومية)، أن دعم مهنيي قطاع النقل يعد خطوة مهمة، "لكنها غير واضحة، ولا تدخل في إطار الدعم المباشر للمستهلك".

وفي حديث مع "سكاي نيوز عربية" عبر الخراطي، عن أمله في أن تتخذ الحكومة إجراءات ملموسة لدعم المستهلكين خلال الظرفية الاستثنائية التي تشهدها البلاد، في ظل تدهور القدرة الشرائية للأسر، جراء موجة الغلاء وعدم تحسين الأجور.

ودعا المتحدث، الحكومة إلى التدخل الفوري للحد من تأثير التهاب الأسعار على القدرة الشرائية للمواطنين، عبر تخفيض الضريبة على القيمة المضافة بـ50 في المئة، خصوصا على المواد الأساسية.

ويعتبر الخراطي أن المبادرة الملكية لمواجهة تداعيات أثار الجفاف في المناطق القروية والتي رصد لها غلاف مالي فاق مليار دولار، تبقى أهم إجراء اتخذ خلال الفترة الأخيرة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]