صورة الطفل سالم سند الهربد التي ظهر فيها يبكي اباه لحظة تشييع جثمانه الى مثواه الاخير في مقبرة ابو منصور غربي مدينة رهط، حركت مشاعر اهالي النقب بشكل خاص وجعلتهم يظهرون حالة من الغضب الشديد التي تنتابهم، اثر الاوضاع المتردية التي يعانون منها في الاونة الاخيرة والتي كان اخرها جريمة قتل الشهيد سنظ الهربد بدم بارد .
النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا الصورة التي ظهر فيها الطفل ناظرا الى والده نظرة الوداع الاخيرة مكفنا داخل التابوت قبل ان يوارى جثمانه الطاهر الثرى ، وكأنه وهو يبكي يقول له الى من تكلني دون سند يا ابي ؟! وتفاوتت التعقيبات على الصورة ما بين الحزن والغضب والاسى على الحال الذي وصل اليه سكان النقب نتيجة سياسات ظالمة ممنهجة تمارس ضدهم على مدار سنوات ، وازدادت وتيرتها في الفترة الاخيرة.
دموع
صاحب اللقطة المؤثرة المصور وليد العبرة ابن مدينة رهط عقب على لحظة التقاطه للصورة قائلا :" بصراحة صورتها والدمعة في عيني! هنا كان ينظر الى ابيه في التابوت، شعرت انه قطع قلبي ، اليوم اذا طلب منك ابنك لعبة ولم تحضرها له وبكى امامك لن تستطيع ان تقاوم حزنه ، فكيف الحال اذا بكى يبكي على فراقك؟ الدموع خنقتني ، عندما التقطت الصورة لم اعتقد انها ستنتشر بهذه السرعة وبهذا الحجم الرهيب جدا" .
الناشطة حنان الصانع عبرت عن حالة الغضب التي اثارتها الصورة في داخلها بكلمات على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك قائلة:" لن الوم النهج الجديد ، صورة الطفل سالم وهو يبكي في وداع والده الذي قُتل على يد مستعربين ،ذبحتنا أهلكتنا أخجلتنا وعكست لنا صورتنا .. لن الوم النهج الجديد ولن اقول هذا نتيجة لنهج الحركة الاسلامية الجنوبية .. لأنه هذا القمع نواجهه منذ سنوات طويلة ، لكن بسبب النهج الجديد تفككنا ونستصعب التنظيم والعمل سوية كجماهير عربية من أجل فضح هذه السياسة وهذه الحكومة ، النهج الجديد أخرسنا ، النهج الجديد مانعنا نصرخ بأعلى صوت مثل ما كنا من قبل ونقول هذه حكومة فاشية وأخطر من الي قبلها ! سامحنا يا سالم سامحينا يا امه ".
سألتها لمذا اخترت هذه الكلمات القاسية للتعبير عن الصورة فقالت :" ان النقب يفتقد التنظيم الجماهيري ويفتقد القيادة الحقيقية المخلصة لقضايانا
وانا شخصيا لا اشك بنوايا اشخاص كثر في النقب التابعين للحركة الاسلامية الجنوبية اعرف اعمالهم عن قرب وعن نواياهم الطيبة لكن جاء الوقت لنقول سكوتهم يقمع صرختنا وحان الاوان ان نسمع للجماهير ولمطالبهم".
الشرطة
لم تكن حنان الوحيدة التي المتها الصورة، غدير هاني ناشطة نقباوية عبرت عن الحالة بقولها :" اطفال تيتم وأمهات ثكلى ونساء أرامل بسبب بطش الشرطة وعنهجيتها وسياسة الحكومة تجاه المواطنين العرب، عندما نطلب من الشرطة العمل على كبح جماح العنف والجريمة ليس لكي يقوموا باطلاق النار واستعمال السلاح ضد شبابنا انما لكي يعملوا كما يجب من اجل القبض على المجرمين ، دموع هذا الطفل ستلاحقهم وعلى القيادات والجماهير عدم السكوت على ما يحدث.
لم يتعلموا مما حدث مع المرحوم يعقوب ابو القيعان، ايضا كذبوا كعادتهم وقالوا اطلق عليهم النار وكان اطلاق النار دفاعا عن النفس لكن سرعان ما بان كذبهم."
لكن الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي لم تطل فقط السياسات المتخذة ضد المواطنين العرب انما ايضا طالت الوضع العام القائم في المجتمع العربي بشكل عام وفي النقب ورهط بشكل خاص ، الناشط طلال الطوري من رهط كتب قائلا :" طخ وإطلاق نار ليل نهار ونقتل بعضنا البعض وتقتلنا الشرطة القوي يأكل الضعيف ولا يجد من يسانده وكأننا في غابة تقام المدن اليهودية على الاف الدونمات ونحن لا نجد دونم للسكن نقتل بعضنا البعض على قطعة أرض والكثير من العائلات أرادوا ان يسكنوا فرحلوا والسبب شجار او قتل على قطعة أرض وانتم يا اعضاء الكنيست واصحاب الحكومة الظالمة تروجوا وتزينوا الأكاذيب على اخوانكم المسلمين بالسكن ومكافحة جرائم العنف وانتم اكبر مجرمين في الداخل الفلسطيني تباً لكم ولحكومتكم".
دم فلسطيني
الناشط من النقب رأفت ابو عايش قال :" من المهم ان نبدأ بالطريقة الصحيحة ، في نفس الليلة التي استشهد فيها سند استشهد فيها شابان اخران في مناطق مختلفة من فلسطين ، الدم الفلسطيني واحد والمعاناة الفلسطينية واحدة ، وحتى مع النهج الجديد واشكاله في الاخر انت ستبقى عربيا ويتم التعامل معك كعربي ، حتى لو نسوا او تناسوا او حاول البعض تصدير رواية مختلفة سنبقى فلسطينيين ، وفلسطينيتنا نستقيها من قمع الاحتلال انما من احساسنا بشعبنا الكامل ، رحم الله سند واعتقد ان التعويل والاتجاه الان هو للمراقبة وشعبنا عليه ان يكون اوعى في مراقبة تصرفات القيادة ، من يعطي صلاحيات للشرطة والاجهزة الامنية للدخول الى بلداتنا ليست لديه الصلاحية ان يتحدث ويدعم ويستنكر قضية سند، ومهما كان فعل الشهيد فنحن ندعمه ولا نجرمه في يوم من الايام ، ورحم الله سند الذي مات مظلوما واعود واقول التعويل دائما على شعبنا ووعيه".
سالم سند الهربد الصغير الذي اوجعنا ببكائه اصبح يمثل ايقونة توضح مدى الظلم والقهر الذي يعانيه اهالي النقب على مدار سنوات ، فليست قضية الشهيد يعقوب ابو القيعان ببعيدة عنا ، وها هم اهل النقب يمرون بالتجربة من جديد وتذكرهم بمرارتها دموع سالم الصغير.
[email protected]
أضف تعليق