عند الاعلان عن انشاء مدينتين يهوديتين في النقب احداهما كاسيف للمتدينين قرب كسيفة العربية ، وبكلمات يبدو على قائلتها التأثر الشديد وصفت وزيرة الداخلية الاسرائيلية اييلت شاكيد وضع المجتمع اليهودي الارثوذكسي المتطرف قائلة :" من حقهم ان يكون هنالك سقف فوق رؤوسهم" ، لكنها غضت النظر تماما عن كون الحكومة الاسرائيلية قد حرمت اللف الشبان العرب من فرصة الحصول على سقف حتى ولو كان من الصفيح فوق رؤوسهم ليكون منزلا لعروسين جديدين يشقان طريقهما نحو الحياة باولى الخطوات وهي بناء بيت صغير قد لا تتجاوز مساحته 55مترا مربعا ، هذا الامر لم يشفع للشبان العرب وبالتالي تصاعدت وتيرة هدم بيوتهم وحرمانهم من السكن وبالتالي من الزواج.
موقع كاسيف
على بعد مسافة بسيطة وفي الاتجاه الشمالي لشارع 31 في النقب في المنطقة بين كسيفة وتل عراد ستكون كاسيف، مدينة مع كافة المستلزمات والبنى التحتية وبما يلائم نمط حياة اليهود الحريديين ، وبالمقابل ما تزال كسيفة التي يفصلها عن جارتها الشارع فقط تعاني من كافة انواع النقص سواء في المرافق او البنى التحتية او حتى الموافقة على تسويق قسائم البناء للشبان ، ما يجعل فرصة البناء والزواج لدى ممهم شبه مستحيلة، الا اذا قرر السكن في بيت العائلة والذي غالبا ما يكون مكتظا بساكنيه ، او حاول الاستئجار في بلدة يهودية للخروج من هذه المعاناة .
دعاء ازريقات سيدة متزوجة وام لثلاثة اطفال تعيش في كسيفة في منزل صغير المساحة تجعل من الصعب عليها وعلى اطفالها الحركة داخله احيانا ، لسنوات حاولت الحصول على قسيمة بناء دون جدوى ، تقول دعاء :" مقلق جدا لي كاحد سكان كسيفة تواجد مستوطنة يهودية بقرب قريتنا، الازمة السكانية الحالية وعدم توفر قسائم البناء هي احد مواضيع الساعة المتداولة يوميا، مع نسبة التكاثر الطبيعية وتغيير نمط الحياة حيث سابقا كان الابناء يعيشون في بيوت ابائهم حتى بعد الزواج، والان الكل يبحث عن سكن مستقل.
سياسة تجريد البدو من ارضهم وتضييق الخناق عليهم ستؤدي الى حصرهم وجعلهم قنبلة موقوتة قد تنفجر في اي لحظة، من يرى مستوطنة ذات بناء متطور وسكان يتنعمون بشتى الخدمات على أرضه، ويتكاثرون بنسبة تفوق نسبة تكاثر البدو (وصلت ل6.64 في سنة 2020) لن يقف صامتا امام هذا التمييز الصارخ !!
نريد حقنا التاريخي بأراضينا، وتوسيع الخارطة الهيكلية لقريتنا بنسبة طردية لنسبة التكاثر السكاني، لا نريد مستوطنه تخنقنا وتسلب ارضنا!!".
يقول الشيخ سلمان ابو عبيد وهو احد الاباء الذي لا يجد للاسف امكانية لتزويج اي من ابنائه لعدم وجود قسيمة بناء :" بطبيعة الحال كسيفة اقيمت عام 1980 وتم ترحيل اهلها من قرية تل الملح وفي حينه وعدت الدولة ان تحل مشاكل قسائم البناء ،و ولكن مع الاسف الشديد تمت مصادرة اراضي السكان التي اقيم عليها المطار واعطيت كل عائلة قسيمة بناء واحدة فقط، واليوم ومع التكاثر الطبيعي هنالك نقص بمقدار 3000 وحدة سكنية للازواج الشابة، وهذه المأساة متكررة على اعتبار ان الدونم الواحد فيه اكثر من 10-15 شخص على قسيمة البناء الواحدة وهذه ازمة سكن خانقة جدا تسبب اضرار نفسية واجتماعية وتؤدي الى تنامي مظاهر العنف بسبب هذه الضائقة المستشرية في البلدة ، اليوم كسيفة تحتاج حوالي 4000 قسيمة بناء كحل مرحلي ، ومع شديد الاسف قامت الحكومة بالمصادقة على اقامة بلدة يهودية اخذت اسمها من قريتنا كسيفة ليكون اسمها كاسيف ، وستقام هذه البلدة فقط لليهود المتدينين وهذا دليل صارخ على الظلم الذي عاشه اهالي كسيفة ، فبعد تهجيرهم من تل الملح ومصادرة اراضيهم ومن ثم حرمانهم من القسائم والان ايضا ممنوع ان نشتري قسيمة بناء لاي عربي في هذه المستوطنة ، نحن نطالب بحقنا الطبيعي بان تتحول كاسيف لحل لازمة السكن في بلدة كسيفة ، لا يعقل ان يتم استيراد سكان يهود للسكن في المستوطنة في الوقت الذي نعاني فيه نحن من شح قسائم البناء ، والحقيقة ان وضعنا في البلدة مؤلم جدا بعض البيوت وصل عدد ساكنيها من 20- 30 شخص في البيت الواحد ، وهذه ازمة لها ابعاد.خطيرة جدا على سكان البلدة ".
معاناة مستمرة لسنوات
الدكتور ابراهيم ابو عجاج الناشط والباحث الاكاديمي علق على الموضوع قائلا :" كسيفة كباقي القرى العربية البدوية في النقب التي تعاني منذ سنوات من الضائقة السكنية وبالذات للجيل الشاب ، منذ سنوات يتداعى السكان المحليين لافتتاح احياء جديدة في البلدة من اجل اتاحة امكانية التوسع لهم في القرية ، وما نسمعه في الايام الاخيرة من اقامة مدينة يهودية بجانب القرية هذا يزيد من حدة وسوء الضائقة السكانية مما لا يتيح المجال امام السكان للتوسع خارج الخطوط الخضراء والزرقاء للقرية ، لذلك نحن على امل ان هذه المدن الجديدة بمحاذاة القرية ان لا تخرج الى حيز التنفيذ مع امل افتتاح احياء جديدة للسكان المحليين بالذات للشباب الصاعد لحل هذه الضائقة السكانية وهذا ما وعد به رئيس المجلس المحلي في حملته الانتخابية الاخيرة بأن يتم توسيع مسطح البلدة وافتتاح احياء جديدة ، نحن نعيش في ضائقة سكانية منذ قيام وتأسيس كسيفة بطبيعة الحال وحتى يومنا هذا ".
الشباب اليوم في كسيفة وفي غيرها من القرى والبلدات العربية في النقب ليس لديهم الامكانية للمجازفة ببناء بيت من الصفيح حتى، كونهم يعلمون ان اليات الهدم اسرع بكثير من قرارات تسويق قسائم البناء ، لذلك فإن اي شاب يرغب بالزواج يجد نفسه محاصرا بين فكي الحكومة بكل الاحوال ، اما الهدم والغرامة واما التأقلم مع الضائقة السكنية او الامتناع عن الزواج والتكاثر الطبيعي والمشروع.
[email protected]
أضف تعليق