طالبت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فلسطين بالإسراع في تطبيق ما خلصت إليه لجنة التحقيق التي شكلتها وزارة الصحة في ظروف وفاة الطفل سليم النواتي (16 عاما) من قطاع غزة نتيجة مرض السرطان بتاريخ 9/1/2022، حيث ساهمت الإجراءات البيروقراطية المتبعة في نظام التحويل للعلاج في الخارج بحرمانه من حقه بالحياة، الذي هو حق أصيل لكل إنسان.

جاء ذلك في أعقاب توثيق "الحركة العالمية" لحالة وفاة ثانية للطفل لؤي الطويل (14 عاما) من قطاع غزة أيضا، الذي توفي في الثامن من شهر آذار الجاري (بعد شهرين تقريبا من وفاة النواتي) جراء إصابته بمرض السرطان في رأسه، بعد معاناة من المرض ومن إجراءات التحويل للعلاج في الخارج.

مراجعة نظام التحويل 

وجددت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال مطالبتها بضرورة إجراء مراجعة شاملة لنظام التحويل للعلاج بالخارج ما بين وزارة الصحة ومقدمي الخدمات، بحيث تأخذ بعين الاعتبار الحقوق الصحية للمرضى كأولوية قصوى.

وبينت أنه تم تشخيص إصابة الطفل الطويل بمرض سرطان الدماغ في 26/12/2021 حيث بدأ الأهل منذ ذلك التاريخ بالإجراءات المتبعة للحصول على التحويلة الطبية "نموذج رقم 1"، ومن ثم توجهوا لدائرة العلاج بالخارج لحجز موعد بالمستشفى والحصول على التغطية الطبية اللازمة.

وقال أسامة الطويل، عم الطفل، في إفادته لـلحركة العالمية، إنهم قاموا بالتنسيق من خلال دائرة الشؤون المدنية بغزة للحصول على تصريح مرور من خلال معبر بيت حانون وكان ذلك بتاريخ 26/1/2022، وقد طُلب منهم وضع أسماء مرافقين اثنين مع الطفل حتى يرد الجانب الإسرائيلي بالموافقة على أحدهما، فتم وضع اسمه (عم الطفل) ووالدته لمرافقة لؤي إلى مستشفى المقاصد في القدس، ومساء يوم الإثنين الموافق 7/2/2022 جاء الرد بموافقة الجانب الإسرائيلي على عم الطفل كمرافق، فيما تم الرد على والدة الطفل أن طلبها "تحت الدراسة" .

وأضاف أسامة الطويل أنه توجه برفقة ابن شقيقه بتاريخ 8/2/2022 إلى مستشفى المقاصد، وهناك قدم لهم كافة الأوراق والتحويلة الطبية والتغطية المالية الخاصة بعلاج لؤي، حيث قام الأطباء هناك بإدخاله إلى قسم جراحة الأعصاب، وقد أشارت الصور والتحاليل التي أجراها الطفل في قطاع غزة إلى أن الجهة اليمنى من دماغه يوجد بها ورم وبناء على ذلك تقرر إجراء عملية استئصال يوم الأربعاء 9/2/2022، لكن الأطباء بمستشفى المقاصد أجروا تحاليل وفحوصات جديدة تبين من خلالها أن الورم امتد إلى الجهة اليسرى من الدماغ، فقرروا عدم القيام بعملية استئصال وإنما أخذ خزعة فقط لمعرفة نوع الورم ودرجته.

وتابع أن الخزعة أخذت بتاريخ 9/2/2022 وقد ظهرت نتيجتها الأولية بتاريخ 17/2/2022 التي بينت أن الورم من الدرجة الثالثة وهو ورم سرطاني، وبناء على ذلك فإن لؤي يحتاج لعلاج إشعاعي، وهذا العلاج غير متوفر في مستشفى المقاصد وإنما في مستشفى المطلع بالقدس.

وقال عم الطفل: توجهت مباشرة إلى مستشفى المطلع بتاريخ 17/2/2022 لعرض النتائج والفحوصات والأوراق، وهناك أخبرتني المسؤولة عن هذا الموضوع أن لؤي طفل وله علاج بالمستشفى لكن أنا مرفوض من مرافقته داخل قسم الأطفال لأن المرافقين يجب أن يكونوا من النساء، فأخبرتها أنني من غزة ووالدته رفضت من قبل الجانب الإسرائيلي وقمت بتزويدها برسالة الرفض، فقالت لي "بصير خير" وأن هذه ليست المشكلة الوحيدة التي تواجه لؤي لدخول المستشفى، وإنما يجب الحصول أيضا على النتيجة النهائية للخزعة وليس النتائج الأولية فقط، وقد كتبت ملاحظتها باللغة الإنجليزية على خلفية ورقة النتيجة الأولية للخزعة وختمتها.

اسبوعان 

عاد عم الطفل إلى مستشفى المقاصد وهناك أخبروه أن النتيجة النهائية تحتاج إلى أسبوعين من تاريخ أخذ الخزعة، وأنه لا يوجد علاج يمكن أن يقدموه للؤي خلال هذه الفترة، وأعطوه ورقة خروج من المستشفى.

يقول العم: لم يكن أمامي سوى أن أتوجه لمنزل شقيقتي التي تسكن في بئر السبع لانتظار النتيجة النهائية للخزعة، وابنة شقيقتي طبيبة قامت بمتابعة وضع لؤي خلال وجودنا هناك، وبتاريخ 26/2/2022 صدرت النتيجة النهائية فتوجهت مباشرة لمستشفى المقاصد وأخذتها ومن ثم توجهت لمستشفى المطلع، وقد ساءت حالة لؤي خلال هذه الفترة فأصبح لا يقوى على الوقوف على قدميه، وكنت أتنقل به بواسطة كرسي متحرك.

وتابع: حصلت على موعد لمقابلة رئيس قسم العلاج الإشعاعي بمستشفى المطلع وكان الموعد بتاريخ 28/2/2022، وعندما ذهبت أخبرني موظف الاستقبال هناك بعد أن فحص الأوراق أنه لا يوجد تغطية مالية لابن أخي لؤي، لكن بإمكاني مقابلة رئيس قسم العلاج الإشعاعي بما أنني أخذت موعدا مسبقا وبعد أن دفعت الكشفية، وقد أخبرني الطبيب أن لؤي بحاجة لـ27 جلسة إشعاع وممكن أن يحتاج أيضا لعلاج كيمائي، لكنه لن يستطيع البدء بجلسات العلاج الإشعاعي إلا بعد وصول التغطية المالية له من قبل وزارة الصحة الفلسطينية، فقمت بالتواصل مع الأهل والأصحاب والمعارف في غزة من أجل عمل تغطية مالية للؤي في مستشفى المطلع حتى يستكمل علاجه.

وأضاف: حاول أقاربي الحصول على التغطية المالية من دائرة العلاج بالخارج في غزة لكن جميع محاولاتهم باءت بالفشل، وقد أخبرتهم دائرة العلاج بالخارج بضرورة إرجاع المريض إلى غزة لكي يتم عمل نموذج تحويل رقم "1" جديد، وذلك بعد عرضه على لجنة طبية متخصصة بالأورام، الأمر الذي دفعني للعودة لقطاع غزة يوم الأربعاء الموافق 2/3/2022 وخلال ذلك كانت صحة لؤي تتدهور بشكل مستمر، وفي اليوم التالي من وصولنا القطاع، تم نقل لؤي إلى مستشفى شهداء الأقصى بسبب تدهور وضعه الصحي، وبسبب عدم وجود قسم أعصاب هناك تم تحويله لمستشفى الشفاء بمدينة غزة، وأصبح يتلقى مسكنات الألم فقط، وقد تم إبلاغنا بأن حالته الصحية ستعرض على اللجنة الطبية بعد أسبوع تقريبا أي في 10/3/2022 حتى يحصل على نموذج التحويل "رقم 1".

وقال عم الطفل إن وضع لؤي الصحي لم يكن يسمح بالانتظار كل هذه المدة، فتم عرضه على طبيب أورام في عيادته الخاصة الذي طلب نقله إلى المستشفى التركي لأن مستشفى الشفاء لا يوجد فيه علاج لحالته، كما يمكن حينها عمل تحويلة طبية عاجلة "إنقاذ حياة" وبالفعل تم ذلك بتاريخ 6/3/2022 وعلى الفور تم تعبئة نموذج "رقم 1".

"في اليوم التالي توجهنا لدائرة العلاج بالخارج للحصول على موعد في مستشفى المطلع، لكن في حوالي الساعة الخامسة من فجر الثلاثاء الموافق 8/3/2022 أعلن الأطباء بالمستشفى التركي وفاة لؤي"، قال عم الطفل.

وتابع: "خلال تشييعنا لؤي ظهر يوم الثلاثاء 8/3/2022 جاءني اتصال يفيد بأن مستشفى المطلع وافق على استقبال الحالة بتاريخ 13/3/2022 الموافق ليوم الأحد فقلت لهم لؤي مات".

تدخل الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال 

وقد تواصلت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال هاتفيا مع مستشفى المطلع بتاريخ 12/3/2022 للاستفسار عما حصل مع الطفل لؤي الطويل فأجاب الموظف الذي رد على الاتصال بأنه "لا يجب تصديق كل ما نسمعه في الإعلام" وأغلق الهاتف، فقامت "الحركة العالمية" بتوجيه رسالة في اليوم نفسه عبر البريد الالكتروني للمستشفى حول الموضوع نفسه وحتى الآن لم تتلق أي رد.

يذكر أن لجنة التحقيق الخاصة بوفاة الطفل سليم النواتي شكلت بتاريخ 12/1/2022 وأوصت خلال مؤتمر صحفي عقدته بهذا الخصوص بتاريخ 22/1/2022، بـــ"معاقبة كل من تمت الإشارة له بالخطأ بما تراه مناسبا، وأن يحال الملف إلى النيابة العامة للقيام بالإجراءات القانونية اللازمة، وأن تنشر نتائج التحقيق كاملة في مؤتمر صحفي".

وأكد مدير عام الخدمات الطبية المساندة في وزارة الصحة رئيس اللجنة أسامة النجار، خلال المؤتمر الصحفي، "ضرورة إعادة النظر في آلية عمل دائرة شراء الخدمة إداريا وماليا وفنيا، وتشكيل لجان بهذا الخصوص بالتعاون مع مقدمي الخدمات، وأن على أي جهة ترفض استقبال مريض محول إليها من الوزارة توضيح السبب بشكل رسمي وموثق باسم الشخص الواضح وختمه وتوقيعه وتاريخه".

وكان من ضمن الاستنتاجات التي خلصت لها اللجنة في حالة الطفل النواتي، والتي عرضها النجار خلال المؤتمر الصحفي، أن "مستشفى المطلع أخطأ بعدم قبول الحالة، بالرغم أن كافة الحالات للوكيميا يتم تحويلها من طرف الوزارة إلى المطلع، وهو مخصص لهكذا حالات، متذرعا من الوضع المالي للمستشفى، وكان هذا قرارا إداريا".

وقد أكدت وزيرة الصحة مي الكيلة، خلال المؤتمر الصحفي ذاته، أنه "لا يعقل أن يُتخذ قرار إداري بشأن دخول مريض من عدمه إلى المستشفى"، وأن "موضوع التحويلات دائما مطروح على طاولة الحكومة، لأن الصحة حق لكل مواطن وفي كل الظروف"، وأضافت "أن العمل جارٍ على إصلاح نظام التحويلات الفلسطيني، بما يضمن تكافؤ الفرص في التحويلات لكل المواطنين بكافة مستوياتهم الاجتماعية، خاصة غير المقتدرين ماديا الذين يجب الاهتمام بهم بشكل خاص، وهذا ما يتم العمل عليه من الحكومة، والذي يندرج ضمن أولوياتها، من أجل توفير الخدمة للجميع وهو مكفول بالقانون".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]