من المقرر أن تُعرض أمام لجنة التخطيط والبناء المحلية في بلدية القدس ، خطة بالغة الخطورة لتوسيع ما يسمى بـ (الحديقة الوطنية) لتشمل أراضي الديرة المسيحية الشرقية في جبل الطور، وتعرض الخطة للحصول على موافقة مبدئية في 2 من الشهر المقبل، حيث كان من المقرر عقد جلسة الاستماع في 10 أبريل/ نيسام، فتم تقديم الموعد لأنه يصادف – أحد الشعانين –.
وحسب البلدية، فإن سلطة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية، التي تروج للمشروع لابتلاع مساحة واسعة من أراضي الكنائس المسيحية الشرقية، تهدف إلى توسيع مصمم لتجديد الأراضي التي تم إهمالها منذ فترة طويلة والحفاظ بشكل أفضل على المناظر الطبيعية التاريخية، وأنها لن تضر بممتلكات الكنيسة المدمجة في الحديقة الوطنية، حسب زعم القائمين على المشروع المرتبط بالتصور (اليهودي الأرثوذكسي الديني – الحوض المقدس) والحدائق التوراتية.
وعلى حد زعمهم يجري التقدم في خطة توسيع ((الحديقة الوطنية)) وسط توتر متزايد في العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية وقادة الكنائس، الذين أكدوا في أكثر من رسالة مكتوبة ومصورة للمجتمع الدولي أن مجتمعاتهم المسيحية – الإسلامية المشتركة مهددة من قبل الجماعات الإسرائيلية المتطرفة والمستوطنين.
وأكدت مجموعات حقوقية أن توسيع مخطط ما يسمى بـ(الحديقة) هو جزء من استراتيجية قومية أكبر لـ “تطويق” البلدة القديمة في القدس من خلال السيطرة على المناطق المجاورة للقدس الشرقية.وفي ما سبق وروجت جماعات استيطانية السيطرة على محيط البلدة القديمة تحت مسمى (الحوض المقدس).
وحسب مخطط بلدية القدس ستشهد الخطة 101-674788 توسيع حدود(( حديقة أسوار القدس الوطنية )) لتشمل جزءا كبيرًا من جبل الزيتون إلى جانب أجزاء إضافية من وادي قدرون ووادي هنوم وتلتف على كافة محيط البلدة القديمة من الشرق والجنوب والغرب.
وتقول الجهات المشرفة على خطة التوسيع في البلدية والآثار وما يسمى بسلطة الطبيعة، أنه تم إطلاع وفد ديمقراطي أميركي زائر من مجلس النواب على الخطة، وفي وقت لاحق أعرب أعضاء الوفد لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت خلال اجتماع يوم الخميس عن قلقهم بشأن المشروع، لكن بينيت لم يبدو على دراية بالخطة التي لم تُعلن من قبل، لكنه أخبر المشرعين الأميركيين أنه يبذل قصارى جهده لتقليل التوترات في القدس ومنع الخطوات التي قد تؤدي إلى اندلاع أعمال عنف جديدة. وفق وصفهم.
ويوم الجمعة، كتب بطريرك القدس للروم الأرثوذكس ثيوبوليس الثالث وحارس الأراضي المقدسة للكنيسة الكاثوليكية فرانشيسكو باتون وبطريرك الأرمن الأرثوذكس نورهان مانوجيان رسالة إلى وزيرة حماية البيئة الإسرائيلية تمار زاندبرغ، التي يشرف مكتبها على سلطة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية، دعوها فيها إلى العمل من أجل ضمان إلغاء التوسيع المخطط له.
وكتب قادة الكنائس “على الرغم من أن الخطة تم تقديمها رسميًا من قبل سلطة الطبيعة والحدائق، يبدو أنه تم طرحها ويتم تنسيقها وتطويرها والترويج لها من قبل كيانات هدفها الوحيد الظاهر هو مصادرة وتأميم أحد أقدس المواقع المسيحية وتغيير طبيعته”، وجاء في الرسالة “هذا إجراء وحشي يشكل هجومًا مباشرًا ومتعمدًا على المسيحيين في الأراضي المقدسة، وعلى الكنائس وحقوقهم القديمة المضمونة دوليًا في المدينة المقدسة، تحت ستار حماية المساحات الخضراء، ويبدو أن الخطة تخدم أجندة أيديولوجية تنكر مكانة وحقوق المسيحيين في القدس”.
كما أرسل قادة الكنائس الرسالة إلى قناصل فرنسا، تركيا، إيطاليا، اليونان، إسبانيا، بريطانيا، والسويد في القدس، في محاولة لحشد الدعم الدولي لمعارضتهم.
وقالت متحدثة باسم سلطة الطبيعة والحدائق إنه في حين أن الكنائس قد لا تدعم المشروع، تأمل السلطة في التواصل معها جميعها قبل مناقشة الخطة في لجنة التخطيط الشهر المقبل من أجل إجراء حوار بهذا الشأن.
علاوة على ذلك، أصرت على أن المشروع لن يضر الكنائس وأنه مصمم للحفاظ على التضاريس التاريخية كما من المفترض أن تفعل الحدائق الوطنية.
وأصدر البطاركة ورؤساء الكنائس في القدس بيانًا مشتركًا حذروا فيه من أن المجتمعات المسيحية أصبحت هدفاً لـ “الجماعات المتطرفة” في إسرائيل التي تهدف إلى طردها من القدس، مشيرين إلى الاستحواذ الاستراتيجي على عقارات في مناطق مسيحية، داعين الحكومة الإسرائيلية إلى التحرك ضد الجماعات القومية اليهودية التي تهدد وجودهم.
ويذكر أن جبل الزيتون يضم أكثر من اثني عشر موقعًا مقدسًا تاريخيًا مسيحيًا، بما في ذلك دير راهبات بريدجتين، وكنيسة ويري الجليلي، ومغارة جثسيماني وحديقة الرسل.
وزعمت المتحدثة باسم سلطة الطبيعة والحدائق التوراتية في بلدية القدس أن الهدف من المشروع هو إصلاح الأراضي في وادي هنوم، والتي “تم إهمالها لسنوات وتعاني من التخريب والحرق المتعمد، وقالت المتحدثة إن جزءا كبيرًا من الـ 68 فدانًا المقرر دمجها في ((حديقة أسوار القدس الوطنية)) يُعتبر من أراضي الدولة.قد يكون هذا هو الحال بالنسبة للأراضي المعنية في وادي هنوم، لكن أراضي جبل الزيتون، التي تشكل غالبية ما تسعى سلطة الطبيعة والحدائق إلى دمجه في الحديقة الوطنية، مملوكة ملكية خاصة.
وعرضت بلدية القدس الخطة التي تم مشاركته داخليًا مع مسؤولي البلدية – خريطة تحدد أي أجزاء من أراضي جبل الزيتون مملوكة ملكية خاصة لملاك فلسطينيين وأي منها تملكها الكنائس الفرنسيسكانية أو الأرمينية أو الأرثوذكسية اليونانية.
وكشفت الصلة بين ما يسمى بـ (سلطة الطبيعة والحدائق ) ومؤسسة ما يسمى بـ (مدينة داوود) التي تديرها جمعية العاد الاستيطانية المتطرفة، وزعمت المتحدثة باسم سلطة الطبيعة والحدائق أن إعلان المناطق كحدائق وطنية أتاح للهيئة إطلاق مشاريع تهدف إلى تجميل المنطقة.
واضافت المتحدثة “كجزء من أنشطتنا، ندير مشروعًا مشتركًا مع مؤسسة مدينة داوود حيث يعمل المدارس والشباب، من بين أمور أخرى، لتنظيف وترميم المدرجات وزراعة الأشجار. إن نتائج هذه المشاريع تتحدث عن نفسها – أصبحت الأماكن المهملة زوايا جميلة تخدم أولا وقبل كل شيء سكان المنطقة”.
وقالت منظمات حقوقية إن استيلاء العائلات اليهودية تدريجيًا على منازل وأراضي في حي الشيخ جراح وحي وسلوان شمال وجنوب البلدة القديمة وتوسيع ما يسمى بـ ((حديقة أسوار القدس الوطنية)) لتشمل جبل الزيتون شرق البلدة القديمة، ستتمكن جمعية العاد الاستيطانية من تطويق البلدة القديمة بالبؤر الاستيطانية مع المشاريع السكنية والأثرية والبيئية اليهودية، مما سيشعل المنطقة ويدخلها في حرب دينية لا تحمد عقباها.
وفي بيان مشترك ، قالت منظمات “بيمكوم” و”عيمق شافيه”و”عير عميم” و”سلام الآن” إن “هناك صلة مباشرة بين ما يحدث في الشيخ جراح وخطة التوسع، ونحن نعترض على سوء الاستخدام الساخر للتراث وحماية البيئة كأداة من قبل السلطات الإسرائيلية لتبرير التوسع الاستيطاني، ولإعادة تشكيل السرد التاريخي ولتحديد ملكية حوض البلدة القديمة”.
وقال داني سيدمان، الخبير في شؤون القدس ومؤسس منظمة “القدس الدنيوية” اليسارية، إن “الدوافع الكامنة وراء المخطط لا علاقة لها بالصيانة، والدوافع هي دوافع خفية تمامًا – إيديولوجية منظمات المستوطنين ذات الدوافع التوراتية إلى جانب حكومة تقدم عطاءاتها عن طيب خاطر، وتغض الطرف بسهولة أو أنها لا تفهم الأمر”.
وتدفع السلطات الاسرائيلية بهذا المشروع وتدعم بلدية الاحتلال في القدس لتنفيذ مشاريع فوق ممتلكات الكنائس في جبل الزيتون، مثل مشروع التلفريك الذي يعتبر من المشاريع الاستيطانية والتي تروج للرواية التوراتية في اقدس الأماكن المسيحية والإسلامية إذ يمر هذا القطار الطائر من أجواء البلدة القديمة وجنوب المسجد الأقصى المبارك ووصفه الكثير من الخبراء بأنه يمس بقدسية وتاريخية المدينة المقدسة ويحولها إلى (دزني لاند ) ولعبة في أيدي حفنة من المتطرفين اليهود.
وأكدت بلدية القدس أنها لا تزال تدعم خطة التلفريك، إلى جانب مؤسسة (مدينة داوود) وهو الاسم الجديد لجمعية العاد الاستيطانية التي تبني وتدير مركزًا سياحيًا في سلوان سيكون بمثابة المحطة الأخيرة على مسار التلفريك، وتعمل على الاستيلاء على العقارات والمنازل والأراضي في سلوان وداخل البلدة القديمة.
ويرى حقوقيون وأصحاب الأراضي في تلك المنطقة إن التلفريك سيسلبهم جزء كبير من أراضيهم وستصبح منازلهم مكشوفة ومخترقة في حال تم مد هذا القطار الطائر فوقها وسيحول أثمن المناظر التاريخية في القدس إلى حديقة ترفيهية، ويرى الفلسطينيون المشروع على أنه محاولة من قبل الاحتلال الإسرائيل لتأكيد سيطرة إضافية وتهويد لمدينة القدس الشرقية المحتلة.
[email protected]
أضف تعليق