لا تمل السلطات الإسرائيلية من ملاحقة النشطاء الفلسطينيين في مختلف أنحاء البلاد، وخصوصا بعد أحداث هبة الكرامة وما سبقها من حالة حشد وغليان في الشارع تنديدا بظاهرة العنف.

يقول مراقبون أن السلطات الإسرائيلية لا تريد استمرار لحالة الحشد في الشارع والتي تتوسع رقعتها يوما بعد يوم بدعمها للأسرى في معركة الأمعاء الخاوية أو الأسرى الذين يواجهون سياسة الإهمال الطبي المتعمد. وأيضا، مع تصاعد سياسات التضييق في النقب، مما أدى لتوافد الحشود لمظاهرة ضخمة في مدخل قرية سعوة قبل اسبوعين التي واجهتها السلطات الإسرائيلية بالحديد والنار واعتدت واعتقلت العشرات من الشبان والشابات المتظاهرون، الأمر الذي أنتج وقفات احتجاجية يومية في النقب مطالبة بالإفراج عن المعتقلين، ووقفات أسبوعية في مختلف البلدات العربية.

وبمحاولتها لتفكيك هذه الحشود، قامت السلطات الإسرائيلية بالفترة الأخيرة بملاحقة النشطاء الفلسطينيين في القدس ويافا وحيفا والناصرة، إما بقرار حبس منزلي أو بتحقيقات مع جهاز المخابرات.

ردة فعل طبيعية 

وفي سياق قرار حبسه المنزلي قال العضو في الحراك النصراوي الفلسطيني منهل حايك: " الملاحقة ردة فعل طبيعية لمنظومة خائفة من حركة الناس، وطرق الترهيب والتخويف هذه تعبر عن فشلهم الكبير في كي وعي الشارع".

وتابع حايك: " الشارع الذي استمر بالتظاهر بالرغم من حبس الناشطين، والمظاهرة الأخيرة في الناصرة والأعداد التي كانت فيها خير دليل على بوصلة شعبنا الواضحة".

معقبةً على قرار حبسها المنزلي قالت عضو الحراك النصراوي الفلسطيني هناء ظاهر: " محاولة ترهيب النشطاء بتهمة تنظيم وقفات هي سياسة جدا غبية، لأنها ببساطة ستحرك الشارع بشكل أكبر، ولن يستطيعوا نهائيا من السيطرة على الشارع".

وأردفت ظاهر " قضيتنا عادلة، وليس نحن من نحرك الشارع، الشارع اذا أراد أن يتحرك سيتحرك، ومعادلاتهم خاسرة".

ومن جهته قال حايك: " أتوقع توسع الملاحقات، وخصوصا أن توقعات خبرائهم ومراكز أبحاثهم أن التصعيد آتٍ لا محالة في الأشهر القريبة، وكل هذه الملاحقات هي محاولة لتخفيف ما وطأة ما هو آتٍ".

وكما نعلم أن المرحلة الثانية من تشجير النقب ستكون في آذار القادم، الأمر الذي سيفجر الأوضاع اذا ما استمرت سياسة الهدم والتضييق على الفلسطينيين في كل البلاد، وأيضا مع شهر رمضان المبارك واستذكار ما كان في هبة الكرامة.

وأشار حايك: " لا يمكن لأي شعب أن يمارس حياته الطبيعية وهو تحت الاحتلال، وما حدث في أيار الماضي وما سيحدث اذا استمرت هذه السياسات هو الوضع وردة الفعل الطبيعية".

لائحة اتهام 

وفي حوار مراسلنا مع الناشط الاجتماعي المقدسي رمزي عباسي قال: " صدر في أكتوبر الماضي لائحة اتهام ضدي بزعم ضرب جندي واثارة الشغب بالمسجد الاقصى المبارك في أحداث عيد الاضحى عام 2019، يومها كنت كأي ناشط ومشهور على مواقع التواصل الاجتماعي أقوم بتغطية الأحداث، وقد كسر جندي رجلي حينها، وتم التحقيق معي وانتهت القصة".

وتابع عباسي: " وصلت هذه الشكوى لمكان عملي بداية العام، وأعطوني مهلة 10 أيام حتى أثبت بطلان التهم وإلا يفصلوني من عملي، وفعلا فصلوني، فكيف سأثبت خلال 10 أيام عن موضوع عمره 3 سنوات، والجلسة الأولى للمحاكمة في 8/3".

وفي سياق متصل قال عباسي: " يحاولون كسر إرادتنا وكتم صوتنا، لأن صوتنا عالي، ونوصل صورة وصوت القدس للعالم كله، حاليا هم بدأوا بمحاربة النشطاء، بالميدان، وأماكن عملهم ولقمة عيشهم، لكن لن ينجحوا أبدا بتمييع هويتنا، ومستمرون بكرامتنا".

وكتبت الناشطة اليافاوية يارا غرابلى على صفحتها على "الفيسبوك" عن استدعائها لتحقيق مخابراتي والطريقة التي تمت فيها، بعد وقفة احتجاجية عند دوار الساعة في يافا، وتحدثت أيضا عن الضغط النفسي الذي تعرضت له خلال التحقيق.

وكتبت أيضا عن أسلوب السلطات الإسرائيلية في تخويف النشطاء وملاحقتهم، وكتبت أنه ما دامت الوقفة قانونية ولم تشكل خطرا على أحد، فلماذا يتم استدعاء المشاركين للتحقيق!

وبالطبع نستذكر الملاحقة التي تتعرض لها الناشطة والباحثة الحيفاوية سمية فلاح، حيث مددت محكمة الصلح في حيفا حبسها المنزلي لأسبوع إضافي بعد طلب "الشاباك" بتهمة التخابر مع عميل أجنبي.

وهناك المئات من الشبان والشابات، لاحقتهم السلطات الإسرائيلية على خلفية نشاطهم الاجتماعي والسياسي ولم نعرف عنهم شيئا، وآخرهم اعتقال 130 شابا وشابة في النقب بعد الأحداث الأخيرة

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]