أعلنت الشرطة الأسبوع الماضي، عن أكبر عملية ضبط أسلحة غير مرخصة منذ قيام الدولة، والتي شملت اعتقال 64 مشتبهًا بحيازة السلاح والمتاجرة به من أبناء المجتمع العرب.

وقالت الشرطة أن عميلًا سريًا تم تجنيده ودسّه داخل هذه العصابات قبل عام نجح بالمساهمة في انجاز هذه العملية التي تم فيها ضبط أكثر من 60 بندقية ومسدس ووسائل قتالية أخرى في عدة بلدات عربية.

واحتفى وزير الأمن الداخلي، عومر بار ليف، وكبار قيادات الشرطة في هذا الإنجاز مؤكدين على أنه جزء من الخطة الجديدة للشرطة لمكافحة العنف والجريمة المنظمة في المجتمع العربي.

إلّا أن هذه العملية، لم تحظ بذات الترحيب والتعظيم في المجتمع العربي، إذ تمحورت الكتابات في وسائل التواصل الاجتماعي أن ضبط أمر جيد ومطلوب، ولكن محاربة الجريمة المنظمة يحتاج إلى نوايا حقيقية، ومحاربة واضحة لرؤوس الجريمة، الذين لم تصلهم هذه الحملة، ووصف بعض الناشطين هذه العملية بأن "الشرطة تسترجع الأسلحة التي سمحت هي بانتشارها".

حملة لتجنيد الشبان في المخابرات
"باعتقادي، حتى يمكن أن نقول أنها خطوة غير مرحب بها، وليست خطوة غير كافية فحسب" يقول الناشط الاجتماعي شادي حصري من أم الفحم "أن يقوم عميل سري بالإيقاع بأكثر من 60 شابًا صغيرًا، هو نفسه قد يكون من ساهم بإدخال بعضهم إلى عالم تجارة السلاح، هذا يبدو وكأن خطة الشرطة والمخابرات هي اسقاط هؤلاء الفتية الصغار لتبييض صفحة الشرطة وتهدئة الاحتجاجات وغضب الشارع، وفي نفس الوقت سيتم الضغط على هؤلاء الفتية للعمل مع الشاباك. بمعنى أن التجار الحقيقين ما زالوا في الشوارع وكل شيء طبيعي وعادي ولم نلحظ أي تغيير، جرائم القتل مستمرة وجرائم اطلاق النار كذلك، ولا نرى أن تغيير أو تحسّن في الشارع".

مسرحية

"لا يمكن أن نقول عن حملة ضبط عدد كبير من الأسلحة أنها غير جيدة، ولكنها ببساطة ما زالت تبدو كأنها ضمن مسرحية كبيرة، وهذه مشكلتنا"- يقول ناشط من النقب فضّل عدم ذكر اسمه "مجتمعنا منذ سنوات، يشعر بأن الشرطة هي عدو له، وهذا شعور غير طبيعي، لا يشعره أي مواطن في العالم مع الشرطة في بلده، وهذا الشعور سببه تراكم اعتداءات الشرطة علينا، احداث أكتوبر 2000 وعشرات الشبان الذين قتلوا برصاص الشرطة خلال السنوات الماضية، قبل شهور قليلة قتل محمد كيوان في أم الفحم وأحمد حجازي في طمرة برصاص الشرطة، وغيرهما، وفوق كل هذا، نحن نرى الشرطة تأتي بقوات كبيرة عند هدم بيوتنا، ونراها منذ سنوات تسمح لعناصر الاجرام بالسيطرة على مجتمعنا، وكأنها غير موجودة، وبعد هذا هل يظن أحدهم أننا سنثق بالشرطة من أول بيان تصدره؟".

هذا يعني أن الشرطة كانت تستطيع فعل هذا ولم تفعل
تقول فداء شحادة، وهي ناشطة وعضو في بلدية اللد: "في هذه العملية اتضح أن الشرطة كانت تمتلك أدوات ولم يستخدموها وتركونا نعاني، نحن نعرف جيدًا أننا بحاجة لمساعدة حقيقية وأننا في حالة طوارئ.

ومن جهة أخرى، تعتقد فداء أنه بالرغم من أن هذه الحكومة لا تنشر الكراهية كما كانت تفعل الحكومة الماضية، لكن لا يوجد تغيير ملحوظ في الشارع، إذ تقول "أمير أوحانا كوزير للأمن الداخلي كان ينشر الكراهية ضدنا بشكل يومي، لكن الشارع العربي لا يشعر بالتغيير حتى الآن، في أقل من أسبوع وقت الأحداث تم اعتقال اكثر من 300 شخص في اللد، لا نسمع هذه الأرقام في جرائم القتل".
ومتابعة: نحن في خطر حقيقي وعندما نريد تنظيم مظاهرة صغيرة وبسيطة نسمع الكثير من الملاحظات العنصرية، من عناصر الشرطة وغيرها، ويأتي المئات منهم إلى المظاهرة وعندما تقع جريمة قتل في المدينة، نشاهد 3-4 عناصر فقط، رغم أن الجريمة تقع غالبًا على بعد 5 دقائق من مركز الشرطة".

" ترجيع الأمانات لأهلها"
الناشط علي فتحي علي من الناصرة وصف عملية الشرطة الأخيرة بأنها " ترجيع الأمانات لأهلها"، وقال: "الشرطة والمخابرات خلال عملهم بطريقة او بأخرى سمحوا بانتشار السلاح في المجتمع لعربي بشكل واسع جدًا الأمر الذي أدى إلى ما نراه اليوم من جرائم قتل وخاوة وفقدان السيطرة بكل ما يتعلق بالأمن والأمان، والآن وضمن مسرحية سياسية ارادتها بعض الأطراف قاموا بهذه الحملة، من يريد العمل ضد الاجرام لا يجمع السلاح ويحتفل كأنه أنجز أكبر انجاز في العالم، فهذا طرف الخيط ليس إلّا. انتشار السلاح كالنهر الجاري، وما قامت به الشرطة الآن كأنها قامت باعتقال بعض الأشخاص الذين يشربون من النهر، بينما يستمر بالجريان وتستمر مصادره بالتدفق، كيف وصلت بندقية M16 من معسكرات الجيش إلى الشبان العرب؟ هل من المعقول أن الشاباك لا يعرف؟ نريد أن ترفع الدولة حمايتها عن المجرمين الذي قال أحد ضباط الشرطة مؤخرًا أن الشاباك يحميهم، نريد عملًا حقيقيًا، وهذا يحتاج إلى ما يشابه العملية الجراحية الكبيرة لاستئصال هذه الآفة".


ويعتقد علي أن الأجواء في الشارع لا تبدو في تحسّن، أو أن العصابات الاجرامية تتراجع، بل على العكس، يقول " آخر حدث في الناصرة، كان تفجير مكاتب وزارة الصحة وإطلاق نار على سيدة تبلغ من العمر 70 عامًا، وهذا يعني تصعيد في حدة الاجرام، فقد كان الجرائم تتمثل بالاعتداء على شبان وأشخاص عاديين وصارت تتمثل بالاعتداء على مؤسسات الدولة وعلى المسنين، فأي تحسن هذا؟ هنالك ثقة مكسورة بين المواطن العرب وأجهزة الأمن ويجب علاجها أو حتى بناؤها من جديد، كما تصرفوا بحزم وبنوايا صادقة في نتانيا وغيرها، الأمر لا يحتاج ميزانيات مسبقة والإعلان عن تجنيد من المزيد من العناصر والبيانات الصحفية بقدر ما يحتاج نية صادقة، التي لا نراها حتى الآن".

ولا يرى علي بوجود حزب عربي في الحكومة، إلّا خدمة لأحزاب اليمين، إذ يقول "تواجد الموحدة في الحكومة هو فقط لتبيّض هذه الحكومة صورتها، ومن جهة أخرى، الهدم مستمر، الجرائم مستمرة، الأسعار في ارتفاع والمجتمع العربي الفقير أصلًا سيكون أكثر المتضريين، والخوف الأكبر هو أن يكون اختيارهم لحزب ذا طابع ديني، لأسباب معينة، تتعلق بالمقدسات، المسجد الأقصى بشكل خاص، فكما نرى، فإن الاقتحامات من قبل المستوطنين المتطرفين للمسجد الأقصى ارتفعت بأضعاف مؤخرًا، وكل هذا بدعم من حزب عربي إسلامي داخل الحكومة، هذا يبدو أنه سيكون فاتحة لشيء أخطر بكثير".

ضابط سابق في الشرطة: الشرطة عندما تريد، تستطيع
"باعتقادي عملية ضبط الأسلحة هذه مهمة جدًا وصحيحة جدًا ولكنها لا تحل المشكلة بالطبع، فالمشكلة أعمق من ضبط عدد من الأسلحة وعدد من المشتبهين"- يقول المحامي يعقوب بروفسكي، وهو قائد لواء الشمال في شرطة إسرائيل سابقًا "ولكن من ناحية أخرى هذه العملية تؤكد أن الشرطة عندما تريد، تسطيع، وبأبسط الطرق، زرع عميل شرطة وتركه يعمل لمدة سنة دون أن يكشف عن أمره، يثبت أن عملية ادخال عملاء ممكنة لكل عصابة إجرامية" -

وأضاف: "كي تنجح الشرطة في مكافحة الجريمة، يجب أن تتعامل مع المجتمع العربي مثلما تتعامل مع كل بلدة يهودية في البلاد، ويجب أن يكون للشرطة بمختلف أدواتها حضور كبير في البلدات العربية. وقبل كل شيء يجب إعادة الثقة بين المجتمع العربي والشرطة، وهذه وظيفة الشرطة، فالمواطن العربي يشعر بنقص في الخدمات من قبل الشرطة، وحصلت أحداث عديدة كسرت الثقة بين الطرفين، مثلًا اذا ذهبت أكثر من مرة لطبيب ولم يعالجني كما يجب، سأفقد ثقتي به، والأمر مناسب لكل مجال ومجال بما في ذلك الشرطة، فالمواطن العربي حاله كحال أي مواطن يهودي أو أي مواطن في أي دولة في العالم، يريد من الشرطة أن تحميه، أن يجد الشرطة في بلده لتخدمه، لا لأن تحرر له المخالفات فقط، يجب على الشرطة أن تبحث عن اللغة المشتركة، وأن تثبت عبر تقديم الخدمات صدق نواياها، يعني حتى لو ضبطت اليوم 1500 قطعة سلاح وهي تعرف أن هنالك 200 ألف قطعة، هل هي بذلك حلت مشكلة ما؟ ببساطة سيحرص المجرمون على إخفاء سلاحهم أكثر، لذلك فإن هذه الخطوة مع أهميتها، لا تعني شيئًا، المواطن ينتظر من الشرطة أن تحل المزيد من جرائم القتل، أن تعمل بشكل مستمر وتحقق نتائج، هذا ما سيجلب الثقة، وهذا ما على وزير الأمن الداخلي ومفتش عام الشرطة وكل الجهات فهمه.

وأضاف: " مرة أخرى أنا أبارك هذا النشاط الأخير وكل نشاط للشرطة ولكن المطلوب نشاط أكثر وحضور أكبر وعمل متواصل، وبالطبع باعتقادي مسألة الجريمة فقط الشرطة مع يجب أن تحاربها، وضد ادخال الشاباك أو أي جهة أخرى، بالإمكان الاستعانة بالوسائل المتقدمة، ولكن فقط من قبل الشرطة".
وردًا على سؤال حول ما قيل قبل فترة عن علاقة عناصر من عالم الاجرام بالشاباك، الأمر الذي يمنع الشرطة من ملاحقتهم، يقول: " الشرطة يجب ان لا تعطي أي تخفيضات وتسهيلات لهذه المنظمات الاجرامية، لا من أجل الشاباك ولا من أجل أي جهة، لأن هذه المنظمات هي عدو لكل مواطن، والشرطة واجبها خدمة وحماية المواطن، علمًا بأني لا اعتقد أن الشاباك يحتاج هؤلاء المجرمين في أي شيء".

نتفوق على الدول العربية .. في عدد الجرائم!
يقتل في المجتمع العربي في إسرائيل، وفق معطيات العام الماضي 5.5 أشخاص لكل 100 ألف شخص، وهذا العام الأرقام أكبر حتى الآن، وهذه النسبة وفق معطيات الأمم المتحدة الـUN Office on drugs and crime هي ثالث أعلى نسبة بين الدول العربية، فقط اليمن والعراق أكثر، ونتحدث عن دولتين تشهدان حروبات وينتشر فيهما داعش وجماعات إرهابية أخرى، بينما مثلًا النسبة في مناطق السلطة الفلسطينية 1.3 والنسبة بين أوساط اليهود في إسرائيل 0.4 قتيل لكل 100 ألف مواطن.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]