״إنّ وضع [العرب – البدو في النّقب] اليوم على أنهم أفقر شريحة في إسرائيل، يفرض على الحكومة الإسرائيليّة مسؤوليّة العمل من أجل تمكينهم من الخروج من وضعهم وتقديم، وخاصة لجيل الشباب الأدوات اللازمة والبنى التّحتية المادية لمواجهة تحديات المستقبل بنجاح."
هذا الاقتباس من توصيات تقرير مراقب الدولة الذي نُشر مؤخرا والذي تطرق فيه للعرب-البدو في النقب ، هذه التوصيات ليست بجديدة فنحن نسمع بها دوما
ولكن لا نراها تُطبّق على ارض الواقع -نسمع جعجعة ولا نرى طحنا- ، عوضا على ان تحديات ومشاكل النقب وما يعانيه ليست بجديدة على اهله فهي ليست وليدة اليوم او الأمس بل هي نتيجة تراكمات على مدى عقود من الأهمال والغبن المؤسساتي تجاه العرب-البدو في النقب.
وهنا نشير عن احدى اهم المشاكل والازمات التي يعاني منها النقب ألا وهي أزمة التعليم !
يعتبر المجتمع العربي-البدوي في النقب مجتمع فَتِيْ ،حيث بلغ عدد الطلاب المسجلين في جهاز التربية والتعليم
البدوي في النقب أكثر من 100 الف طالبة وطالب يشكّلون 30% من مجموع الطلاب في الجنوب ، فيما تبلغ نسبة تسرّب الطلاب من المدارس في النقب -ما قبل جائحة الكورونا- اكثر 30% والنسبة اليوم أعلى بكثير في ظل ازمة الكورونا وتعتبر هذه النسبة الأعلى في البلاد.
هذه النسبة المرتفعة والخطيرة من الطلاب المتسربين تسلبهم مستقبلا الادوات المطلوبة للاندماج في الحياة العامة وسوق العمل مما سيؤدي لارتفاع معدلات البطالة والعنف داخل هذه الاوساط ،التي فقدت ليس فقط الاطار التعليمي بل وايضا اطارا لتذويت القيم والعطاء المجتمعي، واذا ما اشرنا انه
حتى في حال اراد المتسربين دخول مراكز استكمال لشهادة البجروت ، فأنه لن يجد مركزا كهذا في البلدات العربية في النقب ، حيث من بين 185 مركز استكمال لشهادة البجروت في الجنوب لا يوجد أي منها في البلدات العربية-البدوية في النقب.
واذا ما اشرنا بأن المجتمع العربي يعتبر الساحة الخلفية في البلاد ، فإن المجتمع العربي-البدوي في النقب بمثابة -الساحة الخلفية للساحة الخلفية- ونتحدث هنا ارقام ومعطيات لا يمكن وصفها بأقل من خطيرة بما يخص قضايا التعليم !!!!
اذ تصل نسبة الاستحقاق لشهادة
البجروت *الرسمية* 36.8% ! , وايضا 61.8% ممن أنهوا المرحلة الثانوية من طلاب النقب لم يلتحقوا بالتعليم الأكاديمي فيما تبلغ نسبة الحاصلين على شهادة بجروت متميزة 1% بينما النسبة العامة في البلاد 8.4%
هذه النّسب والمعطيات ما قبل الكورونا
واذا ما اشرنا الى الوضع الحالي نجد ان النقب يعاني اكثر من غيره على جميع الأصعدة والمستويات كعدم وجود بنى تحية وشبكات الإتصال والإنترنت في القرى الغير معترف بها في النقب وكذلك عدم وجود حواسيب بالشكل الكافي خاصة بما يتعلق بالتعليم عن بعد ، والحال ليس بأفضل في البلدات والمجالس العربية في النقب.
*التعليم الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل*
يشهد النقب مؤخرا بداية نهضة خاصة في مجال بالالتحاق بالتعليم الاكاديمي، ولكن تبقى الحاجة لأقامة مركز توجيه أكاديمي للطلاب العرب-البدو في النقب يعمل على توجيه وتصويب هذه النهضة ووضعها في المسار الصحيح لتتناسب مع احتياجات ومتطلبات سوق العمل
حيث على سبيل المثال يوجد 380 خرّيج وخريجة من النقب للتربية الخاصة يبحثون عن وظيفة فيما عدد الوظائف الشاغرة في الوزارة لا يتعدى
ال 15 !
كذلك في الاعوام 2017-2019 بلغ عدد الأكادييمين العرب-البدو في مواضيع الهندسة في جامعة بن غوريون في بئر السبع 3 أكادييمين فقط.
فيما يبلغ عدد العاملين في مجال الهايتك من عرب-النقب 50 شخص من بين 350 الف في البلاد!!
أقيم عام 2015 مركز تمار في النقب ، على أيدي مجموعة من شباب النقب ، بهدف إحداث تغيير بمنظومة التعليم في النقب والتركيز على دراسة المواضيع العلمية بالمرحلة الثانوية سواء
الرياضيات ، الفيزياء والعلوم الدقيقة
يعمل المركز الذي يضم اليوم اكثر من 1000 طالب في النقب على متابعة الطلاب بدءاً من المرحلة الثانوية مرورا بالالتحاق بالتعليم الاكاديمي ومرافقة الطلاب بشكل دوري خاصة ما بعد المرحلة الثانوية.
هذا النموذج الفريد من نوعه في النقب نرى نتائجه الملموسة على ارض ومن الواجب تطويره ليشمل شرائح اوسع لتوجيه الطلاب العرب ومساندتهم من خلال فهم ادراك الواقع ومتطلبات العمل.
على أهل النقب الأخذ بزمام المبادرة وتحمل المسؤولية وأخذ مستقبلهم
بأيديهم ، إن لم يهتموا لواقعهم ومستقبلهم فلن يهتم ولن يكترث أحد بهم ، ومن خلال التعاون الجاد الحقيقي من قبل المؤسسات والمكاتب الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني يمكن حينها الحديث عن مستقبل افضل للنقب واهله على جميع الأصعدة والمجالات وفي مقدمة ذلك قضايا التعليم.
* ابراهيم النصاصرة - من سكان بلدة اللقية-النقب، مبادر اقتصادي-اجتماعي في المجتمع العربي
مؤسس ورئيس مجلس ادارة مجموعة تمام للأعمال والمبادرات الاجتماعية-الاقتصادية.
[email protected]
أضف تعليق