على غرار يحدث في معظم مناطق وسط وجنوب العراق، فإن مناطق شاسعة من شمال وشرق سوريا، التي تسمى عرفا "الجزيرة السورية" ويقطنها حوالي 5 ملايين نسمة، مهددة بموجة جفاف شديدة، بسبب القطع المستمر لنهري دجلة والفرات المحيطين بالمنطقة.
وحسبما يقول الخبراء، فإن هذا الجفاف قد يؤدي خلال أقل من عقدين من الآن إلى أشكال من التصحر، وتاليا يقضي على الغطاء الزراعي في المنطقة التي تقدر مساحتها بثلث مساحة سوريا، وكانت تعتبر سلة غذاء البلاد خصوصا بالمواد الزراعية الاستراتيجية، من الحبوب والبقوليات والقطن.
ويروي أحمد الرويشد المزارع ابن المنطقة الأوضاع المأساوية لمئات أشجار الزيتون والعنب التي يملكها، فالرويشد الساكن مع عائلته في قرية علوة البجارة على نهر الخابور جنوب مدينة الشدادي الذي يعتبر من أهم روافد نهر الفرات، لم يتمكن من ري تلك البساتين إلا مرات قليلة طوال فصل الصيف.
وارتفعت درجات الحرارة بشكل استثنائي في صيف العام الجاري، وسط انقطاع تام للقنوات والترع التي كانت تمر من قريته.
وفي حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، يقول الرويشد: "حتى في سنوات الجفاف الشديدة في أوائل الستينات، بقيت الترع والسواقي المائية المتدفقة من الشمال تزودنا بالمياه. كان الفلاحون يستطيعون عبرها سقاية مزروعاتهم وبساتينهم".
وتابع المزارع السوري: "المجاري النهرية وقتئذ كانت الأساس للزراعات المروية والبساتين الشجرية، على عكس الزراعات البعلية التي كانت تعتمد على الأمطار. خلال العام الجاري حدث انقطاع تام. فأمطار العام الماضي لم تتجاوز ربع المعدل، وقطعت السواقي النهرية تماما، سواء في منطقتنا أو حتى في نهر الفرات نفسه، حيث تمكن سكان القرى المجاورة له من عبوره مشيا على الأقدام. وفي قريتنا وحدها ثمة قرابة 1500 شجرة مهددة بالجفاف".
وكانت اتفاقيات سياسية ومائية سابقة بين الحكومتين السورية والتركية قد حددت كمية 500 متر مكعب من المياه في الثانية الواحدة كنسبة تدفق لنهر الفرات من الأراضي التركية إلى داخل سوريا، و400 متر مكعب في الثانية الواحدة بالنسبة لنهر دجلة.
لكن، وبسبب مجموعة السدود التي بنتها تركيا على النهرين، ونتيجة استخدامها ورقة المياه ضد الإدارة الذاتية الكردية في المناطق الشمال الشرقية من سوريا، فإن تلك الحصة صارت تصل بنسبة الثلث فحسب، وتذهب أغلبها إلى التسربات الأرضية.
وبدأت انقطاعات المياه منذ أواخر فصل الخريف من العام الماضي، وتسببت بتحطم موسم القطن الذي يعتمد على الري النهري، لكنه صار يتجاوز ذلك للتأثير في البساتين والمناطق الشجرية، ويغير حتى من طبيعة التربة نفسها.
[email protected]
أضف تعليق