قررت الحكومة الإسرائيلية، صباح اليوم، تأجيل التصويت على قانون المواطنة إلى الأسبوع المقبل، وذلك في ظل الفشل المتوقع بعدم المصادقة عليه، ومعارضة التوجه لتمديد سريان العمل بمنع لم شمل العائلات الفلسطينية والمعمول به منذ العام 2003، علما أن القانون يمس بحوالي 45 ألف عائلة فلسطينية. 

ويتساءل المواطنون العرب في اسرائيل عن موقف المعارضة الاسرائيلية من قانون منع لم الشمل، وهل حقًا ستصوت ضده فقط بهدف معارضة الحكومة؟

تأتي هذه التساؤلات في ظل ان رئيس المعارضة بنيامين نتنياهو عقد العزم على ان يسقط الحكومة ومن جهة اخرى فان مبادئ بنيامين نتنياهو مع سن القانون.
ومن المتوقع، ان يتم التصويت على القانون في الكنيست، هذا الاسبوع.

 المرحلة المقبلة ستشهد امتحانات

وقال المحلل السياسي محمد دراوشة لبكرا: دور المعارضة دوماً هو احراج الحكومة والائتلاف، والسعي لإسقاط اي اقتراح قانون يتم عرضه، الا في حالات تفضيل المصلحة العامة فوق المصلحة الحزبية.

وتابع: بالنسبة لليكود المعروف بموقفه العنصرية، وكذلك الاحزاب اليمينية التي تدور في فلكه، فان اعتماد حكومة بينيت على اغلبية ضيقة يشكل فرصة سانحة لتوسيع الخلافات بين مركبات الحكومة حول قضايا مثل قانون منع ام الشمل. الليكود سيصوت من منطلق مصالح حزبية، حتى ولو كان الثمن الغاء القانون، لانهم سيعاودون طرح القانون فيما بعد، وربما بصيغة اكثر تشدداً، هادفين أولاً لضعضعة الحكومة، ومن ثم، اخذ الرصيد بتمريره مجدداً مقدماً من المعارضة لاجبار احزاب اليمين المشاركة في الحكومة دعمه كمبادرة ليكودية.

واضاف: المرحلة المقبلة ستشهد امتحانات بقاء لهذه الحكومة المتواجدة في غرفة الانعاش المكثف في شكل دائم، وبحاجة لعمليات احياء من جديد يوماً بعد يوم.

وعن الحكومة الحالية، قال: مركبات الحكومة ضعيفة، واذا خرجت من الحكومة وذهبت لانتخابات مبكرة، فقد تتلاشى، ولذلك، يبدو ان مصلحتها العليا هي البقاء لمدة سنتين على الاقل، حتى لو كان الثمن خسارة بعض المعارك الثانوية في الطريق.

وانهى حديثه: بالنسبة لهذه الحكومة، فان قضية قانون منع لم الشمل، ليست في محور وبرنامج عملها، فسيستغلونها بالاساس لرمي الاحراج في ساحة المعارضة، بدون اكتراث حقيقي لما ستكون نتيجة التصويت. فمصالح احزاب الائتلاف بابقاء الحكومة اكبر من هذه القضية.

الواقع أقوى من أي خيال

وبدوره، قال المحامي والمحلل السياسي علي حيدر لبكرا: ان الواقع أقوى من أي خيال. وما لم يفكر به السياسيون يمثل بكل قوته وتعقيداته أمامهم جميعا. فحكومة لبيد-بينت التي أرادت تجاهل القضايا الأيدولوجية والهوياتية وجدت نفسها أمام معضلة وعقبة أولى لا ينفصل بها الايدولوجي عن اليومي ولا الفردي عن الجماعي ولا المدني عن القومي ولا فلسطيني الداخل عن فلسطيني الأراضي المحتلة ولا اليهودي عن العربي. حيث من المفروض وبحسب النهج الذي اتبعته الحكومات الأسرائيلية منذ 18 عام تمديد فاعلية قانون منع لم الشمل.قانون منع الشمل( قانون المواطنة والدخول الى إسرائيل) والذي عُدلَ عام 2003 هو من أكثر القوانين عنصرية وظلما في سفر القانون الإسرائيلي.

وتابع: بموجب التعليمات المؤقتة والتي يتم تمديدها  كل عام  تحرم عشرات آلاف العائلات العربية- الفلسطينية من حقها بالحياة الكريمة ومن حقوقها الأساسية باختيار شريك الحياة وتكوين عائلة. والحق بالحركة وبحقوق الانسان والمواطن الأساسية.

وعن القانون، قال: قانون منع الشمل هو التجسيد الواضح والملموس لسياسات وتشريعات الفصل العنصري والتمييز العرقي.يهدف القانون، الذي يتستر مشرعوه باعتبارات أمنية، إلى ضمان وجود أغلبية يهودية وتكريس ممارسات التفوق والاستعلاء العرقي والاعتبارات الديموغرافية المجحفة.

وأردف كلامه: بعد 18 عاما من العمل  وفق هذا القانون الجائر والمعاناة المستمرة والمتواصلة لعشرات الآف الأشخاص، آن الأوان لإلغائه وتصحيح كل الجُرمات التي اقتُرفت ونُفذت ضد  المتضررين.من المؤسف أن أحزاب اليسار واليمين فيما يخص حقوق الشعب الفلسطيني تنهج نفس النهج، بل أن أحزاب ما يسمى باليسار تخضع للسياسات العميقة للدولة ولإملاءات أحزاب اليمين من أجل كسب شرعية وجودها.

الاعتبارات العنصرية والتفوق العرقي يعلو فوق الإختلافات الحزبية 

واشار حيدر الى ان: تحاول أحزاب المعارضة اليمينية الآن التهديد بوضع عقبات وعراقيل أمام الحكومة الجديدة والتصويت بما ينافي أيدولوجيتها من أجل إحراج الحكومة. ولكن الاعتبارات العنصرية والتفوق العرقي يعلو فوق الإختلافات الحزبية واعتبارات الائتلاف والمعارضة بكونها مسألة استراتيجية. بالاضافة الى ذلك سوف تعمل المعارضة اليمينة على ابتزاز الحكومة بدعم التمديد مقابل المصادقة على قانون تسوية التجمعات الاستيطانية الغير قانونية او بمنع أو تأجيل إخلاء المستوطنة الجديدة أبيتار...الخ.يترتب على الاحزاب السياسية والمؤسسات الأهلية العربية ومنظمات حقوق الإنسان والعائلات المتضرره استثمار اللحظة  والوضع السياسي من أجل قيادة حملة واسعة وشاملة ومتكاملة تستخدم كل وسائل النضال واستراتيجيات الضغط والتأثير من أجل إلغاء هذا القانون.

واختتم حديثه: كما هو متوقع لم نرَ أي تغيير في تصريحات  وممارسات الحكومة الجديدة بل بالعكس تماما، فقد صودق على مسيرة الأعلام التي نظمت من قبل اليمين الفاشي في مدينة القدس، وواصلت قوات الشرطة بالاعتداء والتنكيل بالعرب وأخير بسكان دير الأسد واعتقال وملاحقة شخصيات دينية وسياسية ومواصلة الاستيطان واستغفال السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بنقل بتطعيمات فايزر ضد فيروس كارونا والقريبة من منذ انتهاء صلاحيتها...تتغير الأشخاص وتبقى السياسات. ولذلك يجب ان تكون بوصلتنا تغيير السياسات من أجل تحقيق حقوقنا مع الحفاظ على هويتنا وانتمائنا وكرامتنا ووحدتنا.     

عوامل بقائه أكبر من عوامل تفككه.
 
وقال الاستاذ في العلوم السياسيّة والمتخصص في الدراسات المستقبلية - مرزوق حلبي لبكرا: تحديّات هذه الحكومة في أساسها خارجية. ما دامت تشكّلت فلأجل أن تصمد سنتين ثلاث. لأن كل الشركاء يعرفون أنهم سيحقّقوا مكاسب انتخابية إذا ما ذهبوا إلى انتخابات من موقع السلطة التي تعني موقع قوة واللاعب الذي يوزّع الموارد العامة ويستثمرها. لن يفوّتوا هذه الفرصة سيتجاوزون خلافاتهم كلّها كي يواصلوا اللعب السياسي من داخل السلطة وقيادة الحكم. ومع هذا هناك تحديات خارجية ـ من خارج الائتلاف ـ مثلا خطوات يقوم بها اليمين الفاشي الاستيطاني تستدعي ردّا فلسطينيًا غير عادي ـ كما شهدنا من شهر ونصف. أو كأن تأتي ضغوط دولية، أمريكية بالأساس، تطلب بمسار تفاوضي فوري وبتطبيق خيار الدولتيْن.

وتابع: للتلخيص ـ فيما يتعلّق بالائتلاف من داخله فإن عوامل بقائه أكبر من عوامل تفككه. في العمق، في التيارات الجوفية للمجتمع اليهودي رغبة جامحة في ترميم ما أعطبته حكومات نتنياهو. التمزيق والتحريض وضرب مجوعة بأخرى. هناك رغبة نراها في هذا المجتمع أن يُنهي هذه المرحلة ويبدأ مرحلة جديدة. وأشير علينا أن نفهم انتخاب يتسحاق هرتسوغ رئيسا للدولة كتعبير عن هذه الرغبة. حتى في أوساط الليكود نفسه ستجد مَن يُريدون التخلّص من نتنياهو وعهده على ما يعنيه من فساد وتدمير ركائز الدولة والمؤسسات والسياسة.

ستقبل المحكمة أن تلعب دور حلّال العقد.

وعن قانون منع لم الشمل، قال: هذا الائتلاف سيتجاوز امتحان تمديد قانون منع لمّ الشمل بطريقة من الطرق. أستمع إلى الشركاء وأدرك أنهم ليسوا في معرض تفكيك ائتلافهم بل بناؤه. سيجدون مخرجا بأن لا يمددوا القانون وأن يتشدّدوا في تطبيق أوامر ونُظم مُتاحة لهم بغير القانون. أو قد يلتمس أحدهم للمحكمة العليا التي كانت بحثت الموضوع وصدّقت على القانون بفارق صوت واحد في الهيئة الموسّعة. فقد تقبل المحكمة أن تلعب دور حلّال العقد.

وحول المشتركة، قال: ليس أمام المُشتركة إلا أن تُعارض القانون كما عارضته حتى الآن. هذا النهج هو الصحيح سياسيًا وفي المناورة مقابل "الموحّدة" التي يُلزمها اتفاق الائتلاف بأن تصوّت مع اقتراحاته ومبادراته. وستفعل ليس بسبب الاتفاق بل بسبب نهجها القائل بأن دخول الائتلاف هو الهدف وليس الوسيلة.

وأوضح: الليكود كأي إطار سياسيّ سيُحاول هذه المرة وفي كلّ مرة أن يستثمر ارتباك الائتلاف أو ضعفه. لكن قد نرى واحدا هنا وواحدا هناك يصوتون مع الحكومة. سأذكّر هنا أن حركة حيروت بقيادة زعيمها مناحيم بيجن ـ كانت تصوّت من أجل إلغاء الحكم العسكريّ على المناطق العربية (استمرّ حتى العام 1966) وكان بيجن يلقي خطابات مثيرة في هذا الإطار بينما كان نواب عرب من قائمة تابعة لحزب مباي يصوّتون مع الحكومة على تمديد فقترة الحكم العسكريّ.


واختتم حديثه: قد نرى شيئا مشابها هنا. نواب الموحّدة مع القانون وأعضاء الليكود ضدّه ـ مشهد مثير حقّا وفيه من المفارقة الكثير.


يذكر ان الشارع الاسرائيلي يترقب طرح القانون على الهيئة العامة للتصويت وذلك لسعي المعارضة الدائم لاسقاط الائتلاف.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]