تثير تجربة السلطة الفلسطينية بالتعامل مع ملف إعادة الإعمار في قطاع غزة، كثيرًا من القلق، إزاء إمكانية انتظار العائلات التي دُمرّت منازلها خلال العدوان الحالي لسنوات، حال استلامها أموال الإعمار كما السنوات السابقة.

وعلت أصوات من أروقة السلطة، مع وضع الحرب أوزارها والحديث عن أموال مانحين لإعادة إعمار قطاع غزة، تطالب بالحصول على هذه الأموال، وتنفيذ عملية الإعمار من خلالها.

ووفق وزارة الأشغال العامة في غزة، فإن قرابة 1300 شقة سكنية دمرها الاحتلال بشكل كامل في عدوان 2014 ولا تزال تنتظر إعادة الإعمار حتى يومنا هذا.

انتظار لسنوات

المواطن فادي زقوت، والذي تمتلك عائلته شقة سكنية في البرج الإيطالي الذي دمره الاحتلال عام 2014، يقول إن الترقب لا يزال سيد الموقف بعد 7 سنوات من الانتظار.

ويوضح في حديث لوكالة "صفا" أن سكان البرج نظموا عدة احتجاجات للإسراع في إعمار البرج، ولكن منذ شهور بدأت السلطة التنفيذ الفعلي للإعمار والذي لم يتعدَّ بعد إزالة بقايا الدمار.

ويتساءل زقوت عن الأعوام التي يجب أن تنتظرها عائلة في الإيجار والتنقل من منزل لآخر، حتى يتم إعمار شقتهم مع بناء البرج الإيطالي؟.

المقاول أحمد الشياح -صاحب عطاء إعمار البرج الإيطالي في منطقة النصر بمدينة غزة- يوضح أن أموال الإعمار متواجدة لدى وزارة الأشغال برام الله، ولا تزال 52 عائلة تنتظر شققها السكنية، بالإضافية لعدة مكاتب.

وعن سبب التأخير، يؤكد الشياح في حديث لوكالة "صفا" أن التأخّر في وصول الأموال جاء بسبب عدم تواصل وزارة الأشغال في رام الله مع المانحين في إيطاليا والمتابعة المستمرة للحصول على الأموال المطلوبة بصورة دورية.

ويبيّن أن "هناك خلافًا في العطاء، وكانت الإشكالية التأخر بالبدء في التنفيذ بسبب عدم الحصول على الأموال، وهو ما كان سبب في ارتفاع أسعار مواد البناء مع حصولنا على جزء من الأموال".

ويلفت الشياح إلى أن وزير الأشغال في رام الله يرفض النظر في ارتفاع أسعار مواد البناء وزيادة قيمة العطاء، "وخصوصًا أن التأخير كان بسبب تقصيره في المراسلة ونيل الأموال، فلا يعقل أن نحصل على الأموال ونبدأ بالإعمار بعد رسو العطاء علينا بعام كامل".

وزير المالية برام الله شكري بشارة صرح قائلًا: "شكلنا لجنة اقتصادية متخصصة من وزارة المالية، لاستلام أي أموال سيتم التبرع بها لغزة، وبقرار من رئيس الوزراء محمد اشتية سيتوجه وفد للقاهرة قريبًا، للاتفاق مع الجانب المصري حول آلية مشاركة السلطة في إعمار غزة".

نقيب المقاولين في غزة أسامة كحيل يشدد على ضرورة إيجاد آلية واضحة لإعمار قطاع غزة، يستطيع المقاولون من خلالها الحصول على مواد البناء دون تضييقات أو تعقيدات.

ويقول كحيل في حديث لوكالة "صفا": "الدمار في قطاع غزة كبير، ونستطيع العمل على إعادة بناء المنازل المدمرة خلال عام تقريبًا، شريطة توفر الأموال ومواد البناء بعيدا عن الآليات المعقدة".

ويشير إلى أن "أولى الخطوات لإعادة الإعمار، يجب التخلص من آلية الأمم المتحدة GRM التي تعقّد المشهد وتزيد معاناة المواطنين والمقاولين".

ويشدد كحيل على ضرورة وقف العمل بآلية الأمم المتحدة واصفا إياها بـ "العقيمة"، داعيًا لفتح المعابر وإدخال جميع المواد دون تعقيدات.

مدير مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية الخبير الاقتصادي عمر شعبان يطالب بضرورة أن يكون ملف إعادة الإعمار مدخلا لتعزيز الوحدة بدلًا من التنافس.

ويقول شعبان في حديث لوكالة "صفا": إن "السلطة استلمت أغلبية أموال المانحين خلال الحروب الماضية ولكن للأسف لم يتم التعامل معها بصورة جيدة".

ويؤكد على وجود مشكلتين في أموال إعادة الإعمار التي اعتادت السلطة على تلقيها خلال السنوات السابقة، الأولى تتمثل بعدم وجود شفافية في التعامل معها، والثانية عدم وجود معايير وأولويات لتعمير وحدات سكنية دون أخرى.

ويقترح شعبان إنشاء صندوق مستقل تشرف عليه عدة جهات حكومة ومختصة لضمان النزاهة، "ولا تدخل أموال الإعمار ضمن الميزانية الفلسطينية".

وكسابقه، يؤكد مدير مؤسسة بال ثينك ضرورة إلغاء آلية الأمم المتحدة لإعادة الإعمار، "التي دفعت الأمم المتحدة لارتكاب جريمة، حولتها لشركة مقاولات واستبدلت دورها من مؤسسة أممية إلى مؤسسة رقابية".

ويصف آلية الأمم المتحدة بـ "الفاشلة" وهي أحد أسباب فشل إعادة الاعمار، "ولا يمكن الاستمرار بالعمل وفق هذه الآلية التي فتحت شبهات فساد".

وعقب العدوان، قال وكيل وزارة الأشغال غزة ناجي سرحان، إن الوحدات السكنية التي تعرضت للهدم الكلي بلغت 1800 وحدة سكنية، فيما بلغ عدد الوحدات السكنية المتضررة بشكل جزئي 16800 وحدة.

ويوضح سرحان: "خمسة أبراج بغزة تعرضت للهدم الكلي، وعدد المرافق والمقار الحكومية التي تعرضت للتدمير 74 مقرا ومنشأة عامة، و66 مدرسة تعرضت للقصف، و3 مساجد للهدم الكلي، وقرابة 40 مسجدا لأضرار طفيفة، كما تعرضت كنيسة واحدة للأضرار".

ويبين أن الخسائر المالية لهدم المباني والمنشآت السكنية فقط تقدّر بـ 150 مليون دولار "ونحتاج لـ 350 مليون دولار لإعادة اعمار قطاع الإسكان الذي تعرض لخسائر فادحة خلال هذا العدوان وما سبقه".

المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أعلن بدوره عن الشروع في تشكيل مجلس وطني لإعادة الإعمار يضم الحكومة والقطاع الأهلي والخاص وشخصيات وطنية، وسيتولى الإشراف على العملية بالتنسيق مع كافة الجهات ذات العلاقة داخل وخارج قطاع غزة.

المصدر: صفا

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]