كان أوّل ما فعلته إسرائيل مع بداية التصعيد الأخير في قطاع غزة وبدء إطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية باتجاه إسرائيل هو نصب بطاريات من منظومة القبة الحديدة الدفاعية في مناطق مختلفة.
لكن على الرغم من نصب البطاريات فإن عشرات الصواريخ الفلسطينية نجحت في الوصول إلى أهدافها، بخاصة مدن القدس وتل أبيب وعسقلان، وأدت إلى خسائر فادحة في الممتلكات ودمار سيارات ومنازل ومقتل عدد من الإسرائيليين وإصابة كثر.
نجاح الفلسطينيين في إيصال صواريخهم إلى تل أبيب ومدن بعيدة تقع في نطاق الحيز الجغرافي لمدينة حيفا شمالاً أثار مجدداً التساؤلات حول منظومة القبة للحديدة ومدى فاعليتها وتكاليفها.
الفاعلية والتكاليف
في الوقت الذي يكلف فيه صناعة صاروخ فلسطيني أكثر من 300 دولار أمريكي حسب مراقبين ودراسات إسرائيلية، فإن الصاروخ الذي تطلقه القبة الحديدة لصد هذه الصواريخ يقدر ثمنه ما بين 50 إلى 60 ألف دولار أمريكي، ما يعني أن كثافة الصواريخ الفلسطينية تكلف الميزانية الإسرائيلية ملايين الدولارات يومياً، بخاصة في ظل إطلاق المقاومة مئات الصواريخ بشكل مستمر.
موضوع القبة الحديدة ليس جديداً إذ تثير المنظومة جدلاً واسعاً في إسرائيل منذ زمن، ففي عام 2019 كشف الخبير الإسرائيلي في مجال التصنيع العسكري عوديد عمخاي الذي يشغل منصباً رفيعاً في شركة "رفائيل" للتصنيع العسكري التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية أن منظومة القبة الحديدية ليست فعالة في مجال اعتراض الصواريخ التي يزيد مداها على 70 كم.
وقال عمخاي في مقال نشرته صحيفة "معاريف": "هذا هو سبب فشلها في اعتراض الصاروخ الذي أُطلِقَ من قطاع غزة باتجاه "تل أبيب" وأصاب منزلاً بدقة مُحدثاً دماراً كبيراً".
وبيّن عمخاي أن عملية ترويج دعائية "عنيفة وغير مسبوقة" لمنظومة القبة الحديدية حولتها إلى "العجل الذهبي المقدس ومعجزة عصرنا"، مضيفاً أن الجمهور الإسرائيلي بات يعتقد بسبب ذلك أنها قادرة على "إنقاذنا من كل شر"، لكنها قادرة على العمل في مدى معين واعتراض "رذاذ من الصواريخ"، لكن بالإمكان تحدِّيها "بقصفٍ مُركَّز" مكون من آلاف الصواريخ يومياً.
من جانبه كتب رئيس معهد الأبحاث الانفعالية في جامعة حيفا يورام يوفال مقالاً في "يديعوت أحرونوت" حول الوهم الخطير للأمن المطلق، يتساءل فيه هل القبة الحديدية والوسائل الدفاعية التكنولوجية قادرة على توفير الحماية للمجتمع الإسرائيلي؟
وذكر يورام يوفال في مقاله: "نحن بحاجة إلى الاعتراف بأن أي نظام دفاعي عالي التقنية لا يمكنه أن يوفر الأمن المطلق حتى إذا كان سياسيونا يقودوننا مرة أخرى إلى الاعتقاد بغير ذلك، هذا الأمر هراء وخطير وسينفجر في وجوهنا".
وقبل أسابيع قليلة فقط اعترف وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس بفشل المنظومة في صد صاروخ سوري وصل إلى منطقة قريبة من مفاعل ديمونا النووي، ووعد بفتح تحقيق حول الموضوع، لكن حتى اللحظة لم تقدم وزارته أي معلومات حول أسباب الفشل.
تكاليف باهظة
يقول موقع "جلوبس" الاقتصادي الإسرائيلي أن التقدير الصحيح لثمن صد صاروخ تطلقه المقاومة الفلسطينية بصاروخ القبة الحديدية هو 100 ألف دولار أمريكي، مشيراً إلى أن تقديرات الجيش الإسرائيلي السابقة حول التكلفة التي أشارت إلى أنها لا تتعدى 50 ألف دولار غير صحيحة.
ويضيف: "الحديث يدور حول تكاليف باهظة للغاية مقارنة بالصواريخ التي تطلقها الفصائل الفلسطينية التي لا تتجاوز أثمانها مئات الدولارات.
ويلفت الموقع إلى أنّ منظومة القبة الحديدة معدة لتوفير الحماية من الصواريخ قصيرة المدى في العادة وهي معدة خصيصاً لصد صواريخ الفصائل الفلسطينية مثل صواريخ القسام وصواريخ جراد.
[email protected]
أضف تعليق