مشهد آخّاذ في شهر رمضان تملأه الزينة والحضور من مختلف أرجاء الضفة الغربية، ذلك الذي بالإمكان رؤيته من داخل مقرّ "السرايا العثمانيّ"، بعد الافطار حيث الإطلالة على "باب الساحة" أو ما يُعرف بـ "ساحة النصر" وسط البلدة القديمة في مدينة نابلس. تلك الساحة التي شهدت تشكّل الحياة السياسية والدينية والاجتماعية، تحديدًا منذ أواسط القرن التاسع عشر وحتى نهايات القرن العشرين وتعود لها الحياة في رمضان.

وتتحول العديد من المحال في البلدة القديمة في مدينة نابلس وتحديدا في منطقة الساحة، التي يحلو للعديد من سكانها تسميتها "دمشق الصغرى"، عن عملها التقليدي إلى صناعة الحلوى والمشروبات مع حلول شهر رمضان.

ورغم مرور نحو 450 عاما على تشييد "خان التجار"، بمدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية، إلا أنه ما يزال ينبض بالحياة حتى اليوم، ويعج بقاصدي متاجر الملابس والأحذية لاسيما في شهر رمضان المبارك.

والآن، يُعد خان التجار، الذي يضم عشرات المحال التجارية، واحدا من أشهر أسواق الضفة، ولا يزال المبنى المسقوف على الطراز الإسلامي (على شكل أقواس)، يحمل ذات البصمة، وتحتفظ جدرانه بنقوش عثمانية.

ويعج السوق في النصف الثاني من شهر رمضان بالمتسوقين الراغبين في شراء ملابس العيد؛ حيث تعرض الملابس والأحذية، وتمتاز دكاكين الخان بالبناء القوسي القديم، المشيدة من الحجارة والطين، يعلوها مساكن لعائلات نابلسية.

ويقول عبد الفتاح دروزة (70 عاما) الذي يُعد واحدا من أقدم تجار الخان، ويلقبه زملاؤه بـ مختار الخان، إن جذور الخان "ضاربة في أعماق الأرض، وهو عنوان على حضارة الدولة العثمانية في فلسطين عامة ونابلس خاصة.

ويتفرع عن الخان، الموجود في البلدة القديمة بنابلس، عدة أسواق، كسوق الحدادين، وسوق النجارين، وسوق البصل، وسوق شارع النصر، وغيرها.

القطايف واجواء رمضان في البلدة القديمة


ويشير أبو الوليد القطب صاحب أحد المحلات التي تقوم بصنع القطايف الرمضانية إلى أن تحضير القطايف في سوق الخان والبلدة القديمة في محلهم متوارث في العائلة منذ الأجداد القدامى، كانوا يحضرونها في مدينة القدس، ومن ثم قاموا بافتتاح محل في شارع النصر ومنذ أربعين عاما وهم يعملون وسط البلدة القديمة في نابلس.

ويقول: "نقوم بالعمل طوال العام، ولكن في الأسبوع الأول من الشهر الفضيل يقبل الناس على شراء القطايف أكثر من أي أسبوع آخر في السنة".

ورغم أن العديد من المواطنين لا يأكلون القطايف في الأيام العادية، إلا أنها يجب أن تشترى في هذا الشهر وتحضر، كأنها أصبحت من أساسيات المائدة.

وهناك في جهة أخرى من البلدة القديمة المحل الذي يبيع الطحينة والحلاوة منذ سنة 1860، يقول عريب عايش صاحب محل عايش للحلاوة والطحينة "لا يوجد أجمل من رمضان وأجوائه داخل البلدة القديمة، أيام نابلس جميلة طوال العام، لكن رمضان فيها له ما يميزه".

ويضيف، "طالما حدثنا آباؤنا وأجدادنا عن رمضان وسوقه، فمهما تطور تحضير المأكولات يبقى هناك بعض منها لا يمكن الاستغناء عنه كالحلويات، والحلاوة، والقطايف، وأيضا طبق الحمص والفلافل.

وعلى أطراف شارع النصر بدأ أبو خالد الشخشير يحضر فلافله المميزة بأحجام مختلفة، يقول ليس بالوقت الباكر، فلو نظرتم حولكم فإن الجميع بدأ بالعمل مبكرا.

وبقول: "في الأول من رمضان يريد المواطنين جمع كل ما لذ وطاب على موائدهم، أريد أن أنهي ما طلبه الزبائن مني".

ورغم توفر كل ما يحتاجه المواطن خارج البلدة القديمة، إلا أن عددا كبيرا من المواطنين يفضلون الشراء من داخلها، من المحلات التي توارثت تلك الصناعات والمأكولات من الآباء والأجداد.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]