بعد مرور أكثر من عام على انتشار جائحة فيروس كورونا، تتزايد المخاوف من تفاقم الأوضاع في قطاع غزة المكتظ. فالارتفاع المفاجئ في الإصابات والوفيات يهدد بإغراق المستشفيات المتداعية بسبب سنوات من الصراع وإغلاق الحدود.
ويحذر مركز العلاج الرئيسي في غزة لمصابي كورونا من أن إمدادات الأوكسجين تتضاءل بسرعة. وفي مستشفى آخر، يتكدس ثلاثة مصابين بالفيروس في غرفة واحدة.
ولعدة أشهر، بدا أن الحكومة في غزة تسيطر على الوباء. لكن قرار رفع معظم القيود على الحركة في فبراير الماضي، إلى جانب انتشار سلالة أكثر انتشارا للفيروس أدى إلى زيادة شرسة ثانية.
في الوقت نفسه، يتجاهل العديد من سكان غزة - الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة – تدابير السلامة، خاصة خلال شهر رمضان.
ففي النهار، تعج الأسواق بالمتسوقين الذين يشترون الأطعمة لتناول وجبة الإفطار. وقليلون هم من يرتدون أقنعة الوجه بشكل صحيح، إذا كانوا يرتدونها أصلاً
كورونا ليس لعبة
وتقول ياسمين علي، 32 عاما، والتي توفيت والدتها 64 عاما بسبب بالفيروس الأسبوع الماضي، "فيروس كورونا ليس لعبة. سيودي بحياة الكثيرين إذا لم يحم الناس أنفسهم في المقام الأول".
منذ البداية، كان مسار الوباء في غزة يتشكل إلى حد كبير من خلال السياسة. فقد ساعد إغلاق الحدود - الذي فرضته إسرائيل ومصر بدرجات متفاوتة منذ سيطرة حماس على القطاع عام 2007 - في إبطاء الانتشار في البداية.
ففي الأشهر الأولى، فرضت حماس حجرا صحيا على مجموعات صغيرة من المسافرين القادمين من مصر، ولم يتم الإبلاغ عن أولى حالات الانتشار المجتمعي إلا في أغسطس الماضي.
وحاولت حماس احتواء الفيروس بإغلاق المدارس والمساجد والأسواق، وفرض حظر تجول ليلي.
بحلول فبراير، انخفض عدد الإصابات بشكل حاد. لكن في ذلك الوقت، رفعت حماس حظر التجوال. وعاد الطلاب إلى المدارس، وأعيد فتح قاعات الأفراح، وعادت الأسواق المفتوحة.
ولم يعد المسافرون من مصر يخضعون للحجر الصحي أو حتى لاختبارات. بدلاً من ذلك، سمح لهم بالدخول بعد فحص درجة الحرارة على افتراض أنه خضعوا لاختبارات بالفعل في مصر.
كان قرار التساهل في القيود مدفوعًا جزئيًا بمخاوف اقتصادية. وزاد الإغلاق من إلحاق الضرر باقتصاد غزة الذي يعاني منذ فترة طويلة، حيث تبلغ نسبة البطالة حوالي 50 بالمائة، وبين الشباب 70 بالمائة.
وقد تكون حماس قلقة أيضا من إطالة أمد الإجراءات التي لا تحظى بشعبية قبيل الانتخابات البرلمانية الفلسطينية المقررة في 22 مايو المقبل.
نفاد الموارد
أدى بدء شهر رمضان في منتصف أبريل الماضي، حيث تكتظ الأسواق بالمتسوقين والمساجد بالمصلين، إلى زيادة العدوى، وكذلك ظهور سلالات أكثر عدوانية للفيروس.
وارتفع عدد الوفيات اليومي الأسبوع الماضي، فوق 20 في معظم الأيام، مقارنة بأعلى مستوى يومي وهو 15. وبلغ عدد الإصابات اليومية الجديدة من ألف إلى 1500.
ويقترب العدد الإجمالي للإصابات إلى 100 ألف، بينهم 848 حالة وفاة. وتنفد الموارد بسرعة في المستشفى الأوروبي بمدينة خان يونس، وهو مركز العلاج الرئيسي لمصابي كورونا.
وقال مدير المستشفى، يوسف العقاد، إن 118 سريرا - من بين 150 سريرا - يشغلها مرضى في حالة حرجة. وأكد أنه سيحتاج إلى مئات من اسطوانات الأكسجين إذا تجاوز عدد المرضى 150.
وفي مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في غزة، هناك 100 سرير لمصابي كورونا، بينهم 12 سريرًا في وحدة العناية الفائقة. وأجلت المستشفى العمليات الجراحية الاختيارية وأغلقت العيادات الخارجية، مع استمرار الخدمات المنقذة للحياة، مثل عمليات القلب وغسيل الكلى.
وقالت وزارة الصحة إن غزة كلها تقريباً تم تصنيفها على أنها "منطقة حمراء" بسبب انتشار العدوى في المجتمع. وأشار الدكتور مجدي ضاهر، المسؤول الصحي البارز، إلى أن محدودية البنية التحتية الطبية في غزة جعلت الوضع أسوأ.
ويشكل النقص الحاد في اللقاحات تحديا آخر.
[email protected]
أضف تعليق