تواصل السلطات الإسرائيلية انتهاكاتها بحق الأطفال الفلسطينيين رغم جائحة "كورونا"، فقد أخذت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال العام الماضي إفادات من 79 طفلا معتقلا من الضفة الغربية، توضح بالتفصيل سوء معاملة الاحتلال الممنهجة بحقهم.
وقالت الغالبية العظمى من الأطفال المعتقلين (85%) إنهم تعرضوا للعنف الجسدي من قبل قوات الاحتلال خلال فترة اعتقالهم (68% كانت أياديهم وأرجلهم مقيدة بالأصفاد و91% كانوا معصوبي الأعين)، وفقًا للوثائق التي جمعتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.
وتم اعتقال غالبية الأطفال، (حوالي 57%)، من منازلهم ليلاً، ولم يتم إخبار 76% منهم عن سبب اعتقالهم.
ووثقت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال 27 حالة احتجزت فيها سلطات الاحتلال أطفالا فلسطينيين في العزل الانفرادي لأغراض التحقيق لمدة يومين أو أكثر، وهي ممارسة ترقى إلى التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وأطول فترة عزل انفرادي قامت بتوثيقها الحركة العالمية في عام 2020 كانت لمدة 32 يوما.
كما وثقت الحركة العالمية منذ شهر تشرين أول عام 2015 وحتى اليوم إصدار أوامر اعتقال إداري بحق 36 طفلا، اثنان منهم ما زالا رهن الاعتقال الإداري.
والأطفال الفلسطينيون الذين تعتقلهم قوات الاحتلال ويحاكمون في نظام المحاكم العسكرية الإسرائيلية ليس لديهم الحق في حضور محام أو أحد أفراد الأسرة أثناء الاستجواب.
منذ عام 1967، اعتمدت إسرائيل نظامين قانونيين منفصلين في المنطقة نفسها، فيخضع المستوطنون في الضفة الغربية المحتلة للنظام القانوني المدني، بينما يخضع الفلسطينيون للقانون العسكري.
وفي ظل انتشار فيروس "كورونا"، بين توثيق الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال أن الأطفال الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال يعيشون غالبًا في ظروف صحية سيئة، ويفتقرون عادةً إلى الموارد والأدوات التي تمكنهم من الحفاظ على النظافة الأساسية، بما في ذلك مواد التطهير والتعقيم التي تحد من انتشار الفيروس.
وعلى صعيد الحق في الحياة، واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف الأطفال الفلسطينيين بغرض القتل أو الإصابة، فقتلت 9 أطفال العام الماضي تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاما، 7 منهم في الضفة الغربية واثنان في قطاع غزة، بينما قتلت منذ بداية العام الجاري طفلا في محافظة سلفيت.
وبموجب القانون الدولي، لا يمكن تبرير القوة المميتة المتعمدة إلا في الظروف التي يوجد فيها تهديد مباشر للحياة أو إصابة خطيرة، ومع ذلك، تشير التحقيقات والأدلة التي جمعتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال إلى أن قوات الاحتلال تستخدم القوة المميتة ضد الأطفال الفلسطينيين في ظروف غير مبررة، وقد ترقى إلى القتل خارج نطاق القضاء أو القتل العمد.
وعلى الرغم من تفشي جائحة كوفيد-19، تزايدت عمليات هدم المنازل والمنشآت الفلسطينية على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 2020.
فقد هدمت سلطات الاحتلال بين 1 كانون الثاني (يناير) و17 كانون الأول (ديسمبر) 2020، (815) مبنى فلسطينيا، بما في ذلك 151 مبنى ممولا من المانحين، في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، في زيادة نسبتها 31٪ عن عام 2019، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ما أدى لتشريد 173 أسرة تتكون من 974 مواطنا، بينهم 505 أطفال.
وفي القدس الشرقية بشكل خاص، وثقت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال العام الماضي 23 عملية هدم لمباني ومنشآت، ما أدى إلى تشريد 155 مواطنا، من بينهم 87 طفلا، بحجة عدم وجود تصاريح بناء، وقد تركزت غالبية عمليات الهدم في حي سلوان وجبل المكبر.
كذلك، وثقت الحركة العالمية عدة عمليات هدم في خربة حمصة الفوقا بالأغوار الشمالية العام الماضي، وقد وصفها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة بأنها "أكبر عملية هدم منذ سنوات"، ما أدى إلى تشريد 11 عائلة مكونة من 72 مواطنا، بينهم 38 طفلا.
كما وثقت الحركة العالمية هدم 13 مبنى فلسطينيا في الضفة الغربية من قبل سلطات الاحتلال، ما أدى إلى تشريد 86 مواطنا، بينهم 44 طفلا، 9 عمليات هدم منها كانت في محافظة الخليل.
إن إسرائيل، كقوة قائمة بالاحتلال، ملزمة بموجب القانون الإنساني الدولي بحماية السكان المدنيين والامتناع عن تدمير أو الاستيلاء على الممتلكات داخل الأراضي المحتلة، ومع ذلك، تستخدم سلطات الاحتلال قوانين وأنظمة الإسكان والأراضي والممتلكات من أجل الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية.
وفي قطاع غزة، ترقى سياسة الحصار التي تفرضها سلطات الاحتلال على القطاع منذ 14 عاما إلى حد العقاب الجماعي ضد السكان المدنيين، وهو ما يحظره القانون الدولي، كما اعتُبرت القيود المفروضة على واردات الوقود وقطع الكهرباء غير قانونية.
في كل عام ، يسعى آلاف المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة إلى الحصول على تصاريح من أجل تلقي العلاج في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وكذلك في إسرائيل والأردن.
ووفقًا لمنظمة المعونة الطبية للفلسطينيين (MAP) ففي عام 2019، رفضت إسرائيل 363 طلبًا للحصول على تصريح خروج لأطفال تمت إحالتهم لتلقي العلاج الطبي، وأجلت 1763 طلبًا لأطفال تجاوزوا موعدهم.
وعلى الصعيد الداخلي، كشفت جائحة "كورونا" ضعف نظام الحماية والرعاية للأطفال ضحايا العنف والإساءة، والحاجة إلى تفعيل أنظمة الإبلاغ وتعزيز نظام الحماية والمساءلة، إذ فقد 3 أطفال حقهم في الحياة نتيجة للعنف المنزلي في الضفة وغزة، وفقدت طفلة حقها في الحياة نتيجة الحريق الذي تعرض له أحد مراكز الرعاية للأطفال، ما يسلط الضوء على ضرورة تبني نهج الحماية من خلال البعد الوقائي وتفعيل نظام الأسر البديلة وتقوية بنية الأسرة الفلسطينية التي تشكل جدار الأمان الأول للطفل.
ويعتبر يوم الطفل الفلسطيني مناسبة لمراجعة وتقييم الأدوار والمسؤوليات لكافة الفاعلين في نظام عدالة الأطفال وإعادة ترتيب الأولويات، استنادا إلى توصيات لجنة حقوق الطفل الدولية والخطط والسياسات الوطنية التي أكدت ضرورة تفعيل المجلس الوطني للطفل كجسم يتولى مهمة رسم ومراقبة سياسات حقوق الطفل، وتفعيل المساءلة على إعمال حقوق الطفل في فلسطين، إذ رصدت ووثقت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال العديد من الانتهاكات المرتبطة بحالة الطوارئ والصلاحيات الاستثنائية لجهات غير مختصة، فقد وثقت الحركة توقيف وحجز حرية 21 طفلا خلال عام 2020 نتيجة خرق حظر التجوال، وتوقيف ما يقارب 15 طفلا بتهمة مقاومة رجال أمن، وتشديد إجراءات التوقيف استنادا إلى التعديلات الواردة على قانون العقوبات التي صدرت في الربع الأخير من العام الماضي.
وتوصي الحركة العالمية، الفاعلين في نظام عدالة الأحداث بضرورة تبني المزيد من السياسات المستجيبة لحقوق الأطفال، من خلال إعادة تفعيل حق الأطفال المحتجزين في التواصل مع أسرهم من خلال الزيارات الوجاهية مع اتخاذ إجراءات السلامة، وعدم التأخير في جلسات المحاكمة في قضايا الأحداث، واستحداث آليات جديدة مثل عقد جلسات المحاكمة من خلال الربط الالكتروني.
[email protected]
أضف تعليق