اسابيع قليلة وربما اقل تفصلنا عن الاجراءات والخطط الحكومية الجديدة التي من شأنها التعامل مع تبعات ازمة الكورونا على سوق العمل بشكل عام وعلى الافراد والفئات التي المتواجدة في دائرة البطالة نتيجة الازمة بشكل خاص. المعطيات المصرّح عنها من خلال جهات الابحاث الاقتصادية ومفوضية التشغيل تختلف من شهر لشهر، وقريبا ستتوضح جدا. مع ذلك، فان ملامح الصورة اقتصاديا باتت واضحة جدا للعديد، ففي الحين الذي يرسم فيه الاقتصاديون والناشطون الميدانيون الصورة الوردية للامر، من حيث ثبات الانتاجية وربما ازديادها، ثبات المدخول العام للدولة وعدم تأثر الفروع الاقتصادية القوية المنتجة ذات الانتاجية العالية، وحتى امكانية رجوع حوالي ٨٥% من العاطلين عن العمل الى سوق العمل خلال سنتين مما يعتبر ايجابي ومشجع. الا ان الوجه الاخر للعملة يثير القلق، خاصة عندما ننظر الى فئات محددة داخل المجتمع الاسرائيلي ككل والعربي بشكل خاص.
تشير المعطيات والتوقعات الاقتصادية، رغم عدم دقتها للغاية حتى اليوم، الى ان حتى نهاية العام سوف نبقى مع حوالي ٣٥٠ الف عاطل عن العمل. سيكون دور كبير للاجراءات الحكومية والخطوات لتعزيز العودة من خلال منح للباحثين عن عمل ومنح للمشغلين ومشاريع تاهيل وتشغيل والى ما ذلك، لكننا في نهاية العام سوف نبقى مع ذلك العدد الهائل من العاطلين عن العمل.
تنقسم هذه المجموعة الى فئتين، فئة عاطلين جدد، اولئك الذين كانوا يعملون وتركوا او سرحوا من اعمالهم خلال الازمة لعطل مدفوعة الاجر، والمجموعة الثانية، هي عاطلين عن العمل قدامى، اولئك الذين قبل الكورونا كانوا خارج سوق العمل وخارج دائرة الباحثين عن عمل.
اين المشكلة لدى المجموعة الاولى؟
المجموعة الاولى، العاطلون الجدد في خطورة خاصة، حيث من السهل بقائهم ضمن دائرة البطالة اذا لم يقوموا بشكل سريع بتشجيع ذواتهم، ملائمة مهاراتهم والبحث بشتى الطرق عن عمل، واذا ما لم تقوم الاجهزة المختصة بتخصيص مشاريع واليات لتعزيز ارجاعهم لدائرة العمل سريعا. الخوف والخطر الحقيقي..هو من تحول ظاهرة البطالة المؤقتة الى بطالة مزمنة ومستمرة. الاعتياد على مخصصات ضمان الدخل وغيرها، الاعتياد على البقاء في البيت، الابتعاد عن التعليم ودوائر التشغيل كل ذلك يقلل من دافعية البحث عن عمل وبالتالي يقلل من احتمال دخوله لسوق العمل.
في هذه المجموعة، نرى العديد من الشبان والشابات بشكل خاص في جيل العشرين حتى بداية الثلاثين. فئة من الاشخاص الذين عملوا قبل الكورونا في اعمال مؤقتة ذات اجور منخفضة نوعا ما وفي فروع اقتصادية ذات انتاجية منخفضة كفروع الفندقة، الخدمات، مبيعات وغيره. اولئك، مع اول فرصة خرجوا لعطل غير مدفوعة، اما بسبب انهم فضلوا الحصول عليها لانها لا تبتعد كثيرا عن اجورهم الكاملة، واما ان المشغل قام باخراجهم لعطل غير مدفوعة بسبب اغلاق مكان العمل بشكل مؤقت.
اين المشكلة مع المجموعة الثانية؟
مجموعة العاطلين عن العمل القدامى، اولئك الذين على مدار سنين تم تعريفهم على انهم ضمن دائرة البطالة المزمنة المستمرة، يحصلون على مخصصات ضمان دخل وبعيدون نوعا ما عن سوق العمل .
هذه الفئة، واجهت العديد من العوائق سابقا وتواجه اليوم عوائق اخرى مضاعفة. احد اكبر العوائق هو نقص مهاراتها الاساسية، كمهارات التشغيل، المهارات التكنولوجية، اللغات، الشهادات والتأهيل الملائم لسوق العمل، واليوم مع زيادة التنافس، نقص فرص التشغيل ربما واحتياج المشغل لأكفىء الموظفين واكثرهم قربا لمتطلباته واكثرهم مهارة، يصبح التحدي مضاعف لدى تلك المجموعة والمنافسة قوية جدا. الحديث عن التنوع في سوق العمل، واهمية تشغيل واعادة هذه الفئات الى سوق العمل يصبح صعبا جدا في هذه الفترة والمسؤولية الملقاة على باحث العمل الذي كان عاطلا عن العمل لفترة طويلة جدا جدا، كبيرة للغاية، كما هي كبيرة على المؤسسات والمنظمات التي تعني بتطوير مشاريع من اجل دمجهم في سوق العمل.
ضمن هذه المجموعة، نجد النساء العربيات، الافراد من المجتمع العام في عمر ٤٥ وما فوق، اشخاص ذوي احتياجات خاصة، ورجال يهود متدينون.
اين المجتمع العربي في هاتين المجموعتين واية المشكلات الاساسية يواجه؟
في هذه الحيثية تحديدا، العرب يشكلون جزءا اساسيا من المجموعتين:
الالاف من الشبان والشابات العربيات هم ضمن دائرة العاطلين الجدد، كذلك قسم كبير من الرجال العرب الذين يعملون في قطاعات وفروع اقتصادية ذات انتاجية منخفضة. قسم كبير..موجود في هذه الدائرة لمدة تزيد عن نصف عام، يكتفون بمخصصات الدخل والقسم اعتاد عليها، وربما فقد الدافع او الامل في العودة الى العمل، وهذا هو الخطر بعينه. ان يتحول من كان يوما منتجا عاملا، الا عاطل عن العمل يفقد الدافع او الرغبة بالعمل والتعلم.
المجتمع العربي، خاصة النساء العربيات في عمر ٣٥ وما فوق، غير المتعلمات وصاحبات مهارات متوسطة او منخفضة، ذوات معرفة قليلة في اللغة العبرية، وتجربة ضئيلة سابقة في العمل. هن ايضا في مجموعة الخطر الثانية. فنسب التشغيل كانت لديهن منخفضة قبل الكورونا واليوم قد لا يستطيعون التنافس على الوظائف وقد يستمرون في البقاء في دائرة البطالة.
دعوة لخطوة..وماذا بامكاني كعربي باحث عن عمل العمل تجاه هذا الوضع؟
من المهم جدا جدا في هذه الحالة، البقاء على وعي وادراك تام لتبعات الوضع ومعنى البقاء في دائرة البطالة. المسؤولية اولا واخرا شخصية قبل اي شيء. كشاب، فتاة، رجل او امراة عربية علينا ان
١. نكون عل وعي وادراك تام ان العمل له قيمته وانه علينا الحفاظ على الدافع للخروج الى العمل
٢. عدم الاتكال على المخصصات مهما بانت مغرية، فهي مؤقتة وغير كافية
٣. التعلم التعلم التعلم واستغلال اي فرصة متاحة وممولة لتحسين وتعزيز المهارات والتأهيل، حتى خلال البحث عن العمل. استغلال فترة البحث عن عمل للتعلم والتطوير الذاتي
٤. استغلال الفرص المتاحة، ان كانت مخصصات او منح تكملة للاجور من قبل المشغل او المؤسسات، حين تفتح فرص كتلك. التوجه لمراكز التشغيل الحكومية في المنطقة وتعبئة الطلبات وطلب توجيه.
٥. البحث في المواقع عن دورات التأهيل المهني الممولة، من خلال مكاتب العمل، وزارة العمل، مشاريع بالشراكة مع الحكومة كمشاريع الجوينت، مشاريع لجمعيات وغيره. المهم تعزيز الاتطلاع على المشاريع لدعم التأهيل المهني والتشغيل، التسجيل والمشاركة
٦. واخيرا احاطة نفسك بدائرة مشجعة من اشخاص يبحثون عن عمل مثلك او نجحوا في ذلك.. من اجل تشجيع ذاتك وشحذها بطاقات نحتاجها جميعا بالفترة القريبة.
قطار التشغيل قد يجري سريعا.. ومن المهم ان لا نتركه يجري امامنا دون ان يكون لنا به مقعدا خاصا..مقعدا يضمن مكانا مهنيا ثابتا وذو جودة.
سوزان حسن ضاهر
مديرة قسم التخطيط الاستراتيجي ونائبة المدير العام في جوينت تيفيت
[email protected]
أضف تعليق