دعا البنك الدولي إلى تنسيق بين السلطة الفلسطينية وبين إسرائيل والعالم من أجل اجتثاث وباء كورونا والسماح بخدمات صحية ضرورية للفلسطينيين.

وجاء ذلك في تقرير جديد للبنك الدولي، يُنشر اليوم، الإثنين، حول تأثير أزمة فيروس كورونا وأضرارها الشديدة على الاقتصاد الفلسطيني المتعثرة، الذي أدى إلى انكماش الناتج المحلي الخام بنسبة 11.5% في العام الماضي، وهو أحد أشد التراجعات التي سُجلت على مستوى العالم.

وتسببت هذه الأزمة الاقتصادية بأضرار فادحة لجهاز الصحة الفلسطيني في ظل انعدام اليقين حيال الحصول على لقاحات مضادة للفيروس.

وسيتم استعراض تقرير البنك الدولي الذي يتابع الاقتصاد من خلال اجتماع في الفضاء الافتراضي حول سياسة تطوير المساعدات للشعب الفلسطيني، سيعقد غدا، الثلاثاء. وشدد التقرير على تحديات مصيرية أمام الاقتصاد الفلسطيني، وتأثير كورونا على المجال الصحي، والخطوات التي تم تبنيها حتى الآن.

ولفت التقرير إلى أنه قبل بدء أزمة كورونا، كانت التوقعات الاقتصادية الفلسطينية قاتمة مع مستويات نمو متدنية، عجز مالي متواصل، نسبة بطالة مرتفعة وفقر متزايد. وازداد الوضع سوءا في أعقاب التأثيرات المرافقة للوباء وتوقف تحويل أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية، الأمر الذي أدى إلى انكماشات شديدة في الأنشطة الاقتصادية، وفق عرب 48.

وجاء في التقرير أن "الاقتصاد الفلسطيني في وضع خطير جدا في أعقاب الأزمة الصحية والاقتصادية العالمية، بعد أن عانى من ثلاث فترات إغلاق، في ىذار/مارس وتموز/يوليو وتشرين الثاني/نوفمبر الماضية، وتباطؤ اثتصادي شديد، وأزمة سياسية مع إسرائيل أدت إلى تأخير تحويل الضرائب التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة طوال نصف سنة، من أيار/مايو حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2020".

وأضاف تقرير البنك الدولي أنه "نتيجة لذلك، يتوقع انخفاض الناتج المحلي الخام في العام 2020 بحوالي 11.5%. ووصلت نسبة البطالة في الاراضي الفلسطينية إلى حوالي 28.5% في نهاية الربع الثالث من العام 2020، والتي تشمل نسبة بطالة 49% تقريبا في قطاع غزة و19% في الضفة الغربية. وارتفعت نسبة الفقر إلى 30%، فيما يعيش 1.4 مليون فلسطيني تحت خط الفقر. وتأثير عوامل الوباء، توقف الدخل من جباية الضرائب وانخفاض المساعدات الدولية بنسبة 20% أدت إلى فجوة في الموازنة، بعد المساعدات المقدمة، بأكثر من مليار دولار، وهو الأعلى منذ سنين".

وأكد المدير الإقليمي للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة، كانثان شانكار، أن "وباء كورونا وتأثيراته زاد حدة الوضع الاقتصادي الفلسطيني الذي كان صعبا ومقلقا قبل ذلك أيضا. وكلما طال الوباء، فُرضعبء بالغ على أجهزة الرفاه والصحة الهشة والتي تواجه مصاعب أكبر في مواجهة الأزمة. وأضاف تحدي اللقاحات انعدام يقين بالنسبة للفلسطينيين ولاحتمالات الانتعاش الاقتصادي".

لقاحات كورونا

وفقا للتقرير، فإن السلطة الفلسطينية تخطط لتطعيم 20% من سكانها بلقاحات تُزود لها مجانا في إطار الخطة الدولية COVAX بدعم منظمة الصحة العالمية. وتخطط وزارة الصحة الفلسطينية شراء لقاحات أخرى من أجل تطعيم 60% من السكان، بتكلفة إجمالية بحوالي 55 مليون دولار، توجد فيها فجوة بمبلغ 30 مليون دولار. وتلقت السلطة حتى الآن أقل من 20 ألف جرعة تطعيم. وفيما إسرائيل تتقدم العالم من حيث التطعيمات للفرد، لم تبلور وزارة الصحة الإسرائيلية إستراتيجية رصد دعم في المناطق (المحتلة)، أكثر من 5000 لقاح نُقلت لصالح تطعيم العاملين في جهاز الصحة.

وبين توصيات التقرير، تحسين التنسيق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل من أجل اجتثاث الوباء وإدارة منظومة التطعيمات، وتقيص تحديات مراقبة الحدود للسماح بشراء عتاد طبي منقذ للحياة. وهذا التنسيق بالغ الأهمية في الوقت الذي تبلور في السلطة الفلسطينية خطتها للتطعيمات.

كذلك أوصى تقرير البنك الدولي بإقامة مركز أنشطة طوارئ لصحة الجمهور من أجل تركيز إدارة المعطيات وعمليات اتخاذ قرارات مدروسة، تستخدم كهيئة تنسيق ناجعة مع كافة الشركاء. وفي أعقاب فقدان حجم كبير من المدخولات، بإمكان المانحين المساعدة في اجتثاث التحديات الصحية بواسطة استثمارات متزايدة من أجل المساعدة في مواجهة الوباء ومن خلال ضمان استمرارية الخدمات الصحية الحيوية وإدخال لقاحات.

الاقتصاد وجهاز الصحة الفلسطيني في ظل كورونا

كشف انتشار الوباء نقاط الضعف في جهاز الصحة والاقتصاد الفلسطيني، المتأثرة من الصراع المتواصل، ميزانيات محدودة، إدارة منفصلة وتزويد خدمات ينطوي على تحدٍ. ونسبة الفحوصات لكورونا في المناطق المحتلة هي الأدنى في المنطقة ونسبة تناقل عدوى تزيد عن 21% تدل على انتشار غير مراقب للوباء، بموجب تعليمات منظمة الصحة العالمية.

وبلغ عدد المصابين المتراكم بالفيروس منذ بداية الجائحة 163,573، في 7 كانون الثاني/ يناير الماضي، بينهم 119,904 في الضفة و44,279 في قطاع غزة. وطرأ ارتفاع متواصل في حالات الإصابة الجديدة منذ حزيران/يونيو الماضي، ومعدل الإصابات الجديدة يوميا، الشهر الماضي، كان 995 مريضا. وقسم من هذا الارتفاع في الإصابات نابع من عبور عاملين فلسطينيين بين إسرائيل والاراضي الفلسطينية.

وشوش الوباء بشكل شديد توفير الخدمات الصحية الحيوية الأخرى، مثل صحة الأم والطفل، أو أمراض غير معدية. وتعليق التنسيق مع إسرائيل شوش بشكل كبير القدرة على الوصول إلى علاجات بالغة الأهمية في إسرائيل، وغير المتوفرة في الأراضي الفلسطينية.

وتشير توقعات البنك الدولي إلى أنه يتوقع انتعاش متواضع في العام الحالي على شكل نمو اقتصادي بنسبة 3.5%، يعكس قسك منه توقعات حيال حجم ونجاح تطعيمات كورونا بين السكان. وبلغت المساعدات لميزانية السلطة الفلسطينية في العام 2020 التي قدمتها الدول المانحة قرابة 488 مليون دولار، أي أنها تراجعت بنسبة 20% قياسا بالعام 2019، وهذه المساعدات هي الأدنى منذ عشرات السنين.

وأضاف التقرير أنه على الرغم من أن الإغلاقات في النصف الثاني من العام الماضي كانت جزئية واستأنفت إسرائيل تحويل الضرائب إلى السلطة، فإنه يوجد عجز مالي بـ1.1 مليار دولار في العام 2020، ويضطر السلطة إلى تقليل المخزون المالي وبدء العام 2021 بوضع اقتصاد صعب.
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]