لا زالت القائمة المشتركة بمركباتها الموجودة والتي انشقت في ظل الغموض المسيطر على المشهد تحاول ان ترتب أوراقها مجددا وتستعيد ذاتها وتعيد حساباتها عقب التغييرات الأخيرة وضبابية المستقبل المتعلق بقرارات مصيرية لبعض الأحزاب، اذ اثرت هذه التغييرات على تركيبة القائمة وبالتالي على تمثيل النساء في القائمة لتكون الأولوية للرجل وتتراجع مكانة وتمثيل النساء في الأحزاب العربية وما زلنا بانتظار القرارات الأخيرة، الا انه وبالرغم من التغيير الجذري الحاصل في مكانة المرأة السياسية لا نرى تمثيل لائق في البرلمان الإسرائيلي مناصفة بالرجل بل لا تزال الحسابات ذاتها الأفضلية تكون للرجل ومن ثم المرأة بهدف استقطاب اكبر عدد من المصوتات النساء لان المعظم ما زال يعتبر السياسة الحيز الخاص للرجال وفقط للرجال.

د. مها كركبي صباح باحثة ومحاضرة في قسم علم الاجتماع والأنثروبولوجيا جامعة بن غوريون النقب ومديرة وحدة الأبحاث في المنتدى الاقتصادي العربي رأت انه في السنوات الأخيرة نشهد تغييرا بتمثيل النساء في القوائم العربية ما يتقاطع مع ما حدث بمكانة النساء والتغيرات الاجتماعية في المجتمع العربي، بالأساس تعليمهن الاكاديمي وتقدمهن الاقتصادي أي نحن نشهد نهضة اجتماعية مثل المجتمعات الأخرى اذ انه عندما تدخل النساء سوق العمل وتملك الاستقلال الاقتصادي حينها فان ذلك مؤشر إيجابي، كذلك نلمس تغيير معين في المجتمع العربي وذلك زيادة الوعي والادراك ان المرأة يجب ان يكون لها دور في الحيز السياسي وتمثيلها في الحيز السياسي هو امر مهم واعزو هذا التغيير أيضا لعمل الجمعيات النسوية في المجتمع المدني والخطاب النسوي المطروح في السنوات الأخيرة الذي ساهم برفع الوعي بدور المرأة وتأثيرها على الحيز السياسي، هذه المركبات سببت لوجود اكبر للنساء في الحيز السياسي اكثر من السنوات السابقة.

اعتقد ان هذا التغيير له مفهوم اجتماعي يدل الى تغيير أيديولوجي معين لدى الأحزاب

وقالت د. كركبي: دخول امرأة عربية للسياسة ليس امرا جديدا، في التسعينات دخلت حسنية جبارة وبعدها نادية الحلو، من خلال الأحزاب اليهودية الصهيونية مثلما يحصل في هذه الانتخابات اذ تبحث هذه الأحزاب عن الممثل العربي المناسب والذي من الممكن ان ينجح بتجنيد اكبر عدد ممكن من الأصوات، وجود النساء ودخولهن كان له تأثير كبير، مجرد التمثيل له التأثير وان يرى المجتمع العربي امرأة عربية بغض النظر عن الحزب الذي دخلت من خلاله على انها دخلت في السياسة كان له اثر على مستوى المفاهيم والقيم، ولكن برأيي التغيير الأكبر هو دخول حنين زعبي من خلال حزب التجمع، هذا هو التغيير الأكبر ان نرى النساء العربيات في المقاعد الأولى التي تضمن دخولهن للسياسة من خلال أحزاب عربية التي عادة تتصدر فيها المقاعد الأولى فقط رجال، اعتقد ان هذا التغيير له مفهوم اجتماعي يدل الى تغيير أيديولوجي معين لدى الأحزاب.

وتابعت: في الانتخابات الأخيرة كان هناك أربعة نساء وهذه قفزة ملفتة للنظر للمجتمع العربي، ولكن برأيي الامر يتعلق بعدة مركبات. أولا، الأحزاب العربية والقيادة السياسية يعلمون جيدا ان هناك حاجة ماسة ان يكون تمثيل للنساء حتى يتم جذب صوت النساء لان هناك أبحاث تشير الى ان وجود تمثيل نسائي في الأحزاب يجذب مصوتات من بين جمهور النساء وأصبح وعي معين داخل الأحزاب العربية بأنه يجب التوجه الى النساء كشريحة منفصلة اذ كان طيلة الوقت وكأن المرأة بالتصويت تتبع الرجل وليست صوت منفصل بحد ذاته الذي عليهم ان يتوجهوا له بالتمثيل والخطاب الخاص به انما وكأنها امر تابع ويتبع كما يراها بقضايا ومفاهيم عدة ولكن برأيي حدث تغيير معين بهذا الشأن. تانيا، قضية تمثيل عادل لكافة فئات المجتمع أصبح وخصوصا الجندري يعرض نفسه الحزب حينها على انه صاحب فكر حر ليبرالي متعدد الأفكار ما يجذب أصوات من فئات بالمجتمع العربي تنادي بالتعددية والحفاظ على حقوق المستضعفين والمهمشين.

لا يكفي ان نعين امرأة ونضمن وجودها في الحيز السياسي

وتساءلت: السؤال هو هل هذا هو التغيير المنشود، من خلال أبحاث أقوم بها على نساء في السياسة المحلية والوظائف الإدارية المرموقة يتبين ان التمثيل لوحده لا يكفي، أي لا يكفي ان نعين امرأة ونضمن وجودها في الحيز السياسي، يجب ان نرى مدى نجاح المرأة بعد ان تصل الى الحيز السياسي ان تترجم برنامجها وخطابها، لأننا نرى من حالات عديدة ان هناك نساء عدة يتلخص دورهن فقط بقضية التمثيل، اذ ان الأبحاث تشير الى ان الحيز السياسي هو حيز ذكوري، هناك سيطرة بالفكر وثقافة العمل الذكورية التي تتحول الى عائق وحاجز امام عمل النساء، بالإضافة للنظرة بان المرأة تعاني من عوائق اجتماعية لا تتيح لها الفرصة ان تكرس وقتها وفكرها وطاقاتها للعمل بسبب دورها الاجتماعي، فنرى هؤلاء السياسيات دورهن بالتأثير يكون معدوم. اود ان اضيف امر اخر، ليس كل امرأة تكون في الصف الامامي هي مع فكر نسوي بل تعمل أحيانا بشكل مطابق مع حزبها وقائمتها وتكون أحيانا اجندات ضد تحسين مكانة النساء والمرأة تدعمها دون تردد. لدينا امثلة كثيرة لعضوات كنيست يهوديات صوتن ضد قوانين تحسن مكانة المرأة لان القائمة التي يتبعون لها فرضت عليهن ذلك.

دخول النساء للحيز السياسي يجب ان يكون من منطلقات مساوية للرجل وليس من منطلقات التمثيل

وأكدت في ختام حديثها انه لا ينقص في المجتمع العربي نساء مع قدرات كبيرة ممكن ان يحدثوا تغييرات ويقودوا قوائم سياسية ويستطيعون ان يدخلوا الحيز السياسي بقوة، أي ما معناه ان التغيير غير الكاف هو بالأساس بسبب الموانع والحواجز الذكورية والاجتماعية، أي لم نصل الى التغيير المنشود وخصوصا ما يحصل في الأسابيع الأخيرة يؤكد ان دخول النساء للحيز السياسي يجب ان يكون من منطلقات مساوية للرجل وليس من منطلقات التمثيل وتصوير الحزب على انه منصف وليبرالي. فاذا نظرنا الى من يدير اللقاءات والاجتماعات التي تحسم فيها قرارات مصيرية بخصوص الوضع السياسي للمجتمع العربي والمشتركة هم ذكور ولا يوجد اي امرأة في لجنة مفاوضات، أي ممنوع ان يكون هناك أي اجتماع تمثيلي حاسم بدون وجود تمثيل للنساء داخل الاجتماع وما يحصل في الأيام الأخيرة مؤشر الى اننا نسعى الى التغيير ولكنه تغيير على ما يبدو لمصلحة الذكور والاحزاب وتصوير الحزب وكأنه يساعد النساء بالوصول الى البرلمان ولكن هناك مواقف حاسمة تدار بشكل ذكوري صرف، وان اردنا التغيير الحقيقي كان يجب ان يكون بمثل هذه المواقف.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]