للمرّة الأولى منذ تفشّي جائحة كورونا، دخل وفدٌ من الأطبّاء مبتعثٌ من طرف جمعيّة أطبّاءٍ لحقوق الإنسان، يوم الخميس الماضي إلى قطاع غزّة. وقد تألّف الوفد من عشرة أطبّاءٍ متخّصصين في مجالات جراحة العظام، وطبّ الأطفال والعائلة، وأخصائيي القلب والجهاز الهضميّ إلى جانب خبراءٍ في الصحّة النفسيّة. وقد مكث الوفد في القطاع لفترة تراوحت بين يومين إلى أربعة أيام.
هذا، وقد قام الأطبّاء في إطار زيارتهم بإجراء 12 عمليّةٍ معقدّةٍ في مستشفيين: مستشفى ناصر في جنوبيّ القطاع، ومستشفى الشفاء في مدينة غزّة. وقد تمّ إجراء ثماني عملياتٍ جراحيّةٍ في مستشفى ناصر، ثلاثةٌ منها على يد د. مصطفى ياسين، مدير قسم جراحة العظام في مستشفى "هشارون"، وثلاثةٌ أخرى أجراها البروفيسور إياد خمايسة، مدير وحدة التّنظير في قسم الجهاز الهضميّ في مستشفى "رامبام"، إلى جانب خمس عملياتٍ جراحيّةٍ أخرى في مجال جراحة الأوعية الدّمويّة أجراها الدكتور جمال حجازي، وهو جرّاح أوعية دمويّة رفيع المستوى في مستشفى شعاري تصيدق في القدس. كما أجريت عمليّة استئصال ورمٍ لفتاةٍ تبلغ من العمر 28 عامًا في مستشفى الشّفاء على يد د. نضال عيسى، وهو جرّاحٌ رفيعٌ في مستشفى "هشارون". وقد حضر جميع العمليات أطبّاء فلسطينيين محلّيين، بهدف تعلّم طرق جراحةٍ جديدةٍ عن كثب، وهي طرق غير متوفرة في القطاع.
بالإضافة إلى ذلك، قام أطبّاء الوفد بتشغيل عيادةٍ متنقّلةٍ في خان يونس، بالتّعاون مع جمعيّة الشّفاء لرعاية مرضى السّرطان برئاسة د. سليم صقر. فيما شارك نيابةً عن جمعيّة أطبّاء لحقوق الإنسان طبيبان أخصّائيان في طب الأسرة، وهما د. رائد حاج يحيى، ود. عرين حاج يحيى، إلى جانب د. ياسر خطيب، أخصائي جراحة العظام. وقد تمّ، خلال النّشاط، إخضاع عشرات المرضى للفحص، وتمّ توزيع أدويةٍ من نوع إنسولين، لوبوس، وأدويةٍ لمرضى السرطان على نحو مئتين من المرضى.
كما جلب أعضاء الوفد معهم من إسرائيل معدّاتٍ طبيّةٍ وأدويةً بقيمة 250 ألف شيكل. وتشمل المعدّات أطرافًا صناعيّةً لاستبدال الرّكبة والمفصل، إلى جانب أدواتٍ مساعدِةٍ لإجراء جراحة أورام البطن، وجراحة الأوعية الدّمويّة وجراحة الثّدي. وبالإضافة إلى ما تقدّم، فقد جرى إدخال عشرات الأنواع من الأدوية، ومن ضمنها الأنسولين، وحقن "Actimera" لمرضى كورونا، وغيرها. وقد تم توفير المعدات الطّبيّة للمشافي، فيما تم تسليم بعضها إلى مستودعات شعبة الصّيدلة.
وبالتعاون مع كلّ من برنامج غزّة للصحة النفسيّة ووزارة الصحّة، قدّم خبراء الصحّة النفسيّة التابعون للوفد تدريبا لأخصائيي الصحّة النفسيّة الفلسطينيين. وقد تناولت التّدريبات موضوع الصّدمات والحصانة النفسيّة في عصر كورونا، وقد قام بتيسير الورشات التأهيليّة كل من د. جمال دقدوقي من جمعيّة أطبّاء لحقوق الإنسان، ود. سامي عويضة من برنامج غزّة للصحة النفسيّة. في حين شارك في الدورات التأهيليّة 50 من الأخصائيين النفسيين، والعمال الاجتماعيين، وطلاب الطّب. كما تم تمرير دورة تأهيليّة أخرى من قبل عضو وفد أطبّاء لحقوق الإنسان، د. محمود سعيد، بالتعاون مع د. هشام مدلل من قسم الصحّة النفسيّة في وزارة الصحّة الفلسطينيّة في غزّة. وقد شملت الدورة التأهيليّة استعراضًا لخدمات الصحّة النفسيّة المتوفّرة في إسرائيل، مقارنةً بتلك المقدّمة في قطاع غزّة، وقد شارك في هذه الدورة التأهيليّة 35 شخصًا.
وإلى جانب النشاط الطّبي، فقد التقى أعضاء الوفد بكبار المسؤولين في الجهاز الصحّي الفلسطيني في قطاع غزّة للاستماع عن كثب عن التحديات التي تواجه الجهاز في مواجهة فيروس كورونا. وقد شارك في اللقاءات وكيل وزارة الصحّة، د. يوسف أبو الريش، والمدير العام لشؤون الصيدلة والمعدات الطّبيّة، د. منير البرش، و مدير العلاقات العامة و الاعلام في وزارة الصحة، د. أشرف القدرة. وقد تم خلال الاجتماع إطلاع أعضاء الوفد بشأن قرار وزارة الصحّة تركيب جهاز الألتراساوند الذي تم التبرّع به قبل بضعة أسابيعٍ من طرف جمعيّة أطبّاء لحقوق الإنسان، والذي بلغت كلفته 200 ألف دولار أمريكي، إلى مستشفى ناصر جنوبي قطاع غزّة.
وقد صرّح صلاح حاج يحيى، مدير بعثة الأطبّاء إلى قطاع غزّة عن جمعيّة أطبّاء لحقوق الإنسان: "يدخل الوفد لغرض محاولة التخفيف قليلًا من الضّغط القائم على الجهاز الصحّي الغزّي الذي يعيش أزمةً خطيرةً منذ سنوات، وهي الأزمة التي تفاقمت أكثر مع اندلاع جائحة كورونا. ليس هذا النشاط إنسانيًّا فحسب، بل إنه يمثل أيضًا تذكيرًا بأن القطاع لا يواجه الكورونا وحدها، بل حصارًا متواصلًا يضرّ بالمرضى، وبالطواقم الطّبيّة، وبمجمل السّكان المدنيين في غزّة".
[email protected]
أضف تعليق