تحت عنوان "الأبراج... وتفسيرها النفسي"، كتب انطوان الشرتوني في صحيفة "الجمهورية": "في نهاية كلّ سنة، يهرع كثيرون لقراءة أو سماع الأبراج وإكتشاف ما تخبّئ لهم السنة الجديدة من أحداث سعيدة ومفاجآت سارّة. "الأبراج" ظاهرة تفشّت بشكل سريع خلال السنوات العشرين الأخيرة، لأسباب كثيرة منها نفسيّة، خصوصاً عند مَن يحبون استباق الأمور فيبحثون عن معرفة المستقبل، وذلك بسبب القلق المزمن الذي يمرّون به. وهناك عوامل إعلامية ساعدت في إنتشار ظاهرة الأبراج حتى أصبحت خانة الأبراج ضرورية في كلّ مجلة أو صحيفة أو على شاشة كلّ تلفزيون.
ما هي الأبراج؟ هل هناك تلاقٍ ما بين العلم وخصوصاً علم النفس، والأبراج؟ وما هي الدوافع النفسيّة التي تقود الإنسان للّجوء إلى هذه الظاهرة؟الأبراج هي مواقع النجوم في الفلك. كلّ موقع منها يحمل إسماً معيّناً وتنقسم إلى 12 برجاً: الحمل، الأسد والقوس (الأبراج النارية)، الثور، العذراء والجدي (الأبراج الترابية)، الجوزاء، الميزان والدلو (الأبراج الهوائية)، السرطان، العقرب والحوت (الأبراج المائية). مواقع النجوم هذه، تؤثر بشكل مباشر في الإنسان. حسب تاريخ ولادته، ينتمي الشخص إلى البرج.
فمثلاً الأشخاص مواليد 23 آب حتّى 22 أيلول، ينتمون إلى برج العذراء. أما الذين يولدون بعد هذا التاريخ، فينتمون إلى برج الميزان... والجدير ذكره أنّ مواليد كلّ برج، يتميّزون بصفات معيّنة تؤثّر في حياة الشخص العاطفية والمادية والعلائقية... دور الأبراج تتكهّن الأبراج بالمستقبل والأحداث التي يمكن أن تحدث مع متتبّعيها، لذا يهرع الكثيرون إلى اكتشاف ما يقول لهم برجهم ويطبّقون ما ينصحهم به.
ويلاحظ علم النفس ـ الإجتماعي بأنّ غالبية الفئات التي تقرأ الأبراج بتمعّن وإنتباه مطلق وإهتمام كبير تعاني من القلق أو قد مرّت بأزمات متتالية في العمل، أو تواجه مشكلات عاطفية أو علائقية مع الحبيب، أو في التواصل مع الآخرين... وتسير حياة هؤلاء الأشخاص إنطلاقاً من برجهم. وتدفع الحشرية المعرفية الإنسانَ القلِق إلى الإلتجاء إلى الأبراج لتخفيف القلق الذي يشعر به. وللأبراج وظيفة أخرى، مماثلة للأحلام وهي تحقيق الرغبات المكبوتة عند الإنسان. فمن خلال الأبراج يتفاءل الإنسان أو يتشاءم ويفسّر أقوالها كما يريد بدون حسيب أو رقيب.
تفسير علم النفس للأبراج علم الأبراج قديم وينحدر من علم الفلك، والإنسان هو واحد من مكوّنات هذا الفلك المؤلّف من طاقة تحرّك الإنسان وتؤثر فيه. ظهر علم الفلك عند قدامى الفلاسفة اليونان وعند العرب كما في الهند والصين. ويتطلّب علم الفلك وبالتالي علم الأبراج، دراسةً مطوّلة وعميقة كونه من أصعب العلوم، ويعتمد على الحسابات الرياضية والمنطقية. تكون عادة الأبراج معمَّمة ولكنها بعض الأحيان، تنطبق على فئة معيّنة من الأشخاص من البرج نفسه على رغم أننا نجد اختلافاً بالأحداث والتوقعات بين توأم يحمل البرج نفسه. ونجد أنّ الأبراج الهندية مختلفة كلّ الإختلاف حيث تعتمد على تاريخ ميلاد الإنسان والساعة التي وُلد فيها، وترسم لكلّ إنسان خريطة فلكية.
أما الأبراج الصينية، فتعتمد على السنة التي وُلد فيها الشخص لا على الشهر كما الأبراج الغربية. ويقرأ الأبراج يومياً الكثير من الأشخاص. ويفسّر علم النفس هذه السلوكيات خصوصاً أنّ للأبراج مؤثراتها الخاصة على الإنسان: • تكون الأبراج هاجساً لدى بعض الأشخاص الذين يتابعون بإنتباه كبير كلّ أخبارها، ويترقبون ما سيقع لهم، وقد يصبحون سجناء هذه التوقعات. • تقيّد قراءة الأبراج تصرّفات الإنسان اليومية، فيصبح "خائفاً" جراء ما يقدّره البرج من توقعات لحياته العلائقية والعاطفية والعملية. • قراءة الأبراج غير صحّية، فعلى رغم أنها في بعض الأحيان تخفّف من الشعور بالقلق، ولكنها في الوقت نفسه، تقيّد الإنسان بتوقعاتها غير الصائبة وغير العلمية. فكلنا نعرف بأنّ الغيب لا يمكن كشفه.
وقد تؤثر الأبراج بشكل كبير على سلوكيات الأشخاص ذات الشخصية الوسواسية وتسبّب مشكلات وتعقيدات تُضاف إلى تصرفاتهم المضطربة أساساً. فمثلاً بعض الأشخاص لا يقبل الزواج سوى ممَّن يطابق برجه مع برجه. وقد تتحوّل الأبراج من مجرد تسلية، إلى إدمان لمتابعيها فتتأثر كلّ خططهم المستقبلية بما سيعلنه البرج من أخبار وتوقعات. أخيراً، يمكن قراءة الأبراج من باب التسلية ليس إلّا، على أن لا يتأثر بها الإنسان ويتعمّق فيها. الأبراج هي علم، صعب جداً، إهتم به الكثير من العلماء القدامى وصولاً حتى يومنا هذا. الحشرية العلمية والقلق والخوف من المستقبل... وغيرها يمكن أن تكون سبباً للإلتجاء إلى قراءة الأبراج التي لا يمكن نكران التسلية والروح الإيجابية التي تعزّزها".
[email protected]
أضف تعليق