كشفت ازمة كورونا عورات الدولة وسياساتها النيو ليبرالية واليمينية المتبعة والتي تتضرر منها الشرائح المستضعفة أكثر من غيرها وتعتبر النساء العربيات الشريحة الأكثر تضررا في ظل هذه الازمة على مختلف المستويات. وأظهرت نتائج مختلف المؤسسات الفاعلة في مجال العنف منذ بداية الاغلاق الأول ازديادا ملحوظا في حالات العنف التي تم التبليغ عنها وصلت الى أكثر من 40% مقارنة مع نفس الفترة في العام الماضي واكتظت الملاجئ المعدة لاستقبال نساء تعرضن للعنف حيث زاد الاغلاق من حدة الضغط والاحتكاك داخل البيت. هذا ما أكدته ريهام أبو العسل رئيسة نعمت الناصرة.
نسبة النساء العربيات اللواتي فقدن عملهن منذ بداية الأزمة أكبر بكثير من نسبة الرجال العرب
وتابعت أبو العسل بدورها لـ "بكرا": على الصعيد الاقتصادي أظهرت المعطيات ان نسبة النساء العربيات اللواتي فقدن عملهن منذ بداية الأزمة أكبر بكثير من نسبة الرجال العرب، الأمر الذي يعني تعميق الفقر والتهميش للنساء ولعائلاتهن. اذ انه تعمل شريحة كبيرة من النساء بوظائف دخل منخفضة لا تحتاج لتأهيل مهني كفاءات علمية عالية، وهذه المجالات تعرضت أكثر من غيرها لتدهور كمجال المبيعات والخدمات. وهناك تخوف حقيقي ان لا تعود اولئك النساء لسوق العمل.
ونوهت: اذا نظرنا بشكل عام نرى أن النساء هن أكثر الشرائح التي تتكبد تبعات أزمة كورونا داخل البيت، دون ان يتم التطرق لذلك بشكل خاص، فغالبية الأعباء تركزت عليها، خاصة مع اغلاق الحضانات واضطرار الكثير من الامهات للبقاء في البيت ورعاية الأولاد. ومع توسع منظومة التعليم عن بعد بكل ما بتبعها من تحديات ومشاق، تجد غالبية النساء الامهات منهكات في متابعة تعليم أولادهن وفي متابعة عملهن في نفس الوقت.
وأضافت: هناك شريحة كبيرة من النساء هن عاملات في مجال التعليم وهذا يعني أن عليهن تعليم طلابهن عن بعد في نفس الوقت الذي يتعلم أولادهن في نفس البيت. وهناك شريحة أخرى وهن الممرضات والعاملات في مختلف المجالات الطبية اللواتي يعرضن حياتهن للخطر ويعدن لبيوتهن يوميا مع الكثير من القلق والخوف.
ولخصت قائلة: من المهم الاشارة ان اضرار وتبعات ازمة كورونا على النساء العربيات ستتضح اكثر واكثر في الفترة القادمة ويجب الا ننسى الاضرار النفسية وتأثير كل هذه الظروف على الصحة النفسية للنساء والحاجة الماسة لتشخيصها ومتابعتها. وكذلك الالتفات للنساء الاكثر تهميشا كالنساء العربيات في النقب وتحديدا في القرى مسلوبة الاعتراف حيث تفتقر لاحتياجات اساسية كالكهرباء والماء والنساء مع احتياجات خاصة.
70% من 93 ألف مواطن ذهبوا في إجازة غير مدفوعة الأجر هن نساء
مديرة الخط المفتوح بالغة العربية لحقوق المرأة في العمل في لوبي النساء المحامية ميساء غرابلي بدورها عقبت ل "بكرا" قائلة: منذ 17 سبتمبر، سجل 120 ألف باحث عن عمل في خدمة التوظيف، منهم 110 آلاف سجلوا للحصول على إجازة غير مدفوعة الأجر. الرقم الصادم هو أن 70% من 93 ألف مواطن ذهبوا في إجازة غير مدفوعة الأجر هن نساء. يبلغ عدد العاطلين عن العمل في البلاد اليوم 854,367، منهم 54.2% نساء.
وتابعت: تتعرض النساء للأذى مرتين والإصابات متشابكة - كانت أول من يفقد وظائفهن ويستمر هذا الاتجاه، كما أن هناك ضررًا شديدًا للنساء في الفترات المحمية مثل أثناء الحمل وعلاجات الخصوبة. العمل من المنزل يشكل عبئاً ثقيلاً على الوالدين، خاصة على الأمهات، اللواتي يتحملن العبء الرئيسي في المنزل مع الأبناء في التعليم عن بعد. وتعد الإصابة إصابة كبيرة لجميع النساء وخاصة النساء العربيات اللواتي يعمل بعضهن في الصناعات التجارية التي تأثرت بشكل خاص. حتى أولئك الذين يتم إرسالهم للعمل من المنزل يواجهون العديد من الصعوبات مثل عدم وجود بنية تحتية كافية للإنترنت في العديد من المدن العربية. نقطة البداية كانت أصعب في المجتمع العربي، وبالتالي فإن الضرر الذي يلحق بالمجتمع اليوم بسبب أزمة كورونا هو الأشد من أي مجتمع آخر.
وختاما قالت: إذا لم تعمل الحكومة على تغيير الوضع، فإن نتائج الأزمة على توظيف المرأة ستكون شديدة، مما قد يؤثر على طبيعة المجتمع ويعيدنا سنوات إلى الوراء عندما يتعلق الأمر بالمساواة بين الجنسين في سوق العمل. توظيف المرأة مهم ويجب اتخاذ خطوات فاعلة لحمايته.
تضحية على حساب عملها ومهنتها.
المحامية الناشطة والاقتصادية لنا ورور قالت بدورها ل "بكرا": الاغلاق الشامل الذي فرض علينا والتغيرات السريعة والغير متوقعة في ظل ضائقة كورونا تحتم علينا النظر بشكل خاص لوضع المرأة العربية. في ظل هذه التغيرات، تلعب المرأة ادوار عدة ومهمة في كونها الاولى التي "تضحي" بعملها ومستقبلها المهني للتواجد مع الاولاد في المنزل ومتابعة شؤون دراستهم. المرأة تلعب في هذه الايام دور الام، المعلمة، المداوية والمساندة للحفاظ على سيرورة الحياة وصحة العائلة الجسدية والنفسية هذه الايام بالذات تفرض على المرأة العاملة ترك اعمالها وفي احيان عديدة اللجوء الى البطالة لكي تستطيع دعم العائلة والقيام بكافة المهام.
وتابعت: قبل ضائقة كورونا كافحت المرأة العربية للحفاظ على استقلالية عملها واستقلاليتها المادية وتنمية مستقبلها المهني. مع هذه الظروف نجد انها الاولى التي تدفع الثمن بتضحيتها لأجل الاسرة ولكونها لا تزال، مع الاسف، تعتبر في اخر سلم اولويات مجتمعنا. فلا نجد ولا نسمع في هذه الايام عن برامج دعم ومساعدة للمرأة ولا نسمع حديث خاص عن احتياجاتها اليومية والنفسية حيث انها لا تزال، في الضغوط اليومية، عرضة للعنف الجسدي والنفسي.
ونوهت: على مجتمعنا دعم وتقدير التضحيات اليومية التي تقدمها المرأة وايجاد طرق لدعمها في مجالات العمل المختلفة وعلى المستوى الصحي والنفسي. وبعد اجتياز الضائقة علينا التفكير بوسائل دعم تعيد المرأة الى اعلى سلم الاولويات للرقي بها ولمساعدتها ومساندتها للرجوع الى مسارها المهني وتحفيز المشغلين بإعادة المرأة العاطلة عن العمل لعملها ومنع جعلها اولى الضحايا للضائقة الاقتصادية التي نمر بها.
فصل من العمل وزيادة عبئ
منال بداريني مسؤوله التشغيل في شرقي القدس قالت: اقتصاديا فصل المرأة من العمل وعدم توفر المال لشراء ما يكفي للعائلة من مواد أساسية، زيادة عبئ التدريس عليها ولعدم معرفتها بالأدوات زاد الضغط عليها، بالإضافة لتواجد جميع افراد العائلة طوال الوقت بمكان واحد زادت الخلافات، القلق على نفسها وعلى افراد العائلة (الوالدين، اخوة، أولاد، زوج) من الفايروس. عدم وضوح التعليمات وتغيير التعليمات بسبب الوضع الصحي للبلد. ادى الى حالة بلبله ايضا بالتخطيط للمستقبل لدى المرأة.
ونوهت: نقص المعرفة بكل ما يتعلق ادوات ومهارات التعلم او العمل عن بعد، سبب عدم انجاز المهام المطلوبة مقارنه بالأيام العادية ما قبل كورونا وهذا ايضا ادى الى ضغط نفسي عند النساء وبالتالي أثر على أداء المرأة داخل العائلة. زيادة الاعباء المنزلية (تحضير وجبات الطعام، تنظيف ترتيب والاعتناء بأفراد لعائله 24 ساعة). المرأة التي تعمل من البيت قسم منهن لا يستطعن كشف البيت بالجلسات مع زملاء العمل او غيرهم، لعدة اسباب نحن مجتمع منغلق تقليدي، بالإضافة الى عدم معرفتها بترتيب البيئة لجلسات زوم، وعدم سيطرتها على الاولاد، الزوج، الاهل بكيفية التصرف اثناء جلساتها وعكات صحية والوزن، عدم ترتيب الوقت بالبيت حتما سيؤدي الى زيادة الوزن او التعرض للوعكات الصحية بسبب الاكل غير الصحي والضغوطات النفسية خاصه بهذه الفترة الصعبة. الوحدة وجودها بالبيت بعيدة عن العائلة الممتدة تشعرها بالوحدة وكأنها ليست بالبلد نفسه. في الوضع الطبيعي الاهل يساعدون بالاعتناء بالأولاد لحين عودة السيدة من العمل، الاغلاق لن يتمكن أحد بمساعدتها بذلك وايضا بسبب الفايروس.
[email protected]
أضف تعليق