من قرية نعليا قضاء المجدل، قرب عسقلان، إلى غزة ولاحقًا مصر ومدريد تنقلت عائلة رجل الأعمال، نائل الكحلوت، صاحب شركة "الفا" العقارية، والتي تعد اليوم من أهم الشركات عالميًا في سوق العقارات وتملك عشرات الفروع سواءً في أوروبا أو في المغرب العربي.

ولد رجل الأعمال الكحلوت عام 1963 في غزة، لينتقل مع عائلته إلى مصر، حيث درس والده في الجامعة، أما نائل الشاب فقد قرر بعد أنّ درس الابتدائي والإعدادي التوجه إلى مدريد ليطرق عالم الأعمال والاقتصاد.

درس الكحلوت موضوع الاقتصاد ولاحقًا أستثمر جهد إضافي في دراسة السوق العقاري والاستثمارات ليؤدي ذلك إلى تأسيس أول شركة عقارية تجتاح أوروبا والمغرب العربيّ بشراكة رجال أعمال اسبان.

سوق العقارات والأزمات: التكنولوجيا والكورونا 

في مقابلة خاصة لموقع "بكرا" للحديث عن سوق العقارات وسط أزمة الكورونا تطرّق الكحلوت بدايةّ إلى تأسيس شركة "الفا" العقارية وقال: تأسست شركة "الفا" العقارية مطلع التسعينات، في الوقت الذي برزت فيه أسماء شركات استثمار عالمية، مثل "ري ماكس". جاء تأسيس "الفا" ليُشكل حلقة وصل ما بين المستثمرين وبين مشاريع استثمارية على أرض الواقع في دولا مختلفة، سواءً مشاريع سكنية أو تجارية أو حتى فندقيّة. "الفا" شقت طريقها لتتوسع في أوروبا حيث افتتحنا عدة فروع لنا سواءً في اسبانيا، فرنسا، المكسيك، الأرجنتين ودخلنا إلى المغرب العربي منها الإمارات والمغرب وغيرها من الدول. في بداية الطريق وقُبيل التطور التكنولوجي أدارات "الفا" قرابة الـ 700 مكتبًا عبر العالم واليوم لنا عشرات المكاتب في عدة دول منها 16 فرعًا في المغرب العربيّ.

وأوضح رجل الأعمال الكحلوت عن تأثر السوق العقاري قائلا: قبل التطرق إلى أزمة الكورونا لا بد من التوضيح أنّ أول وأهم أزمة عصفت بالسوق العقاري بدأت مع التطوّر التكنولوجيّ. سابقًا كان الاستثمار في منطقة معينة يحتاج إلى دراسة فعليّة ومسح على أرض الواقع، منها معاينة العقار، معاينة محيط العقار وأي الأماكن تحيطه وأي الخدمات تقدّم، ولفعل ذلك كنا بحاجة إلى وسيط محلي الذي كان يقدم هذه الخدمات، اليوم ومع التطور التكنولوجي للدراسة ومعاينة العقار على أرض الواقع أنت لا تحتاج إلى الوسيط، يكفي أن تعاين الصور المتاحة للجميع عبر العالم الافتراضي، ومنها خلالها يمكنك دراسة خارطة المكان عبر الخرائط الافتراضية المتاحة لكل العالم.

وأضاف موضحًا في السياق: على الرغم من أنّ الطفرة التكنولوجية شكلت بديلا لعمل الوسائط، إلا أنّ هذا لم يلغي أهمية شركات العقار، فالتطور التكنولوجي أتاح إمكانية التواصل المباشر مع المكان أو العقار، إلا أنّ مسألة المعاملات هي مسألة معقدة يحتاج فيها المستثمر إلى وسطاء مختصين في المجال، مما يسهل المعاملات وايضًا يحمي من حالات النصب والغش والخداع، ومن المهم الا نغفل أنّ الحديث يدور عن استثمار دولي، هذا يعني أنّ قوانين الدولة التي تستثمر بها مختلفة عن دولتك، والعقودات أيضًا قد تختلف تماما.

وأشار رجل الأعمال الكحلوت إلى أزمة جائحة الكورونا، وقال: ازمة الكورونا اثرت ليست فقط على سوق العقارات، إنما على السوق العام ككل، وسوق العقارات لا يعمل بمعزل عن السوق العام، على العكس، هو مرتبط به بشكل مباشر. اليوم ومع تفشي الوباء اضطررنا إلى وقف العديد من المشاريع الاستثمارية في عدة بلدان، وعندما نضطر إلى وقف هذه المشاريع يعني بالضرورة وقف ما يقارب الـ 300 مهنة مرتبطة مع العقار عن العمل، منها البناء والدهان والهندسة وحتى النقليات والسفريات وايضًا المطاعم التي تقدم الخدمات للعاملين في العقار. هذا ناهيك عن البنوك التي تقدم التسهيلات والدعم والقروض، التي باتت ترى وسط هذه الأزمة أنّ هنالك مخاطر اقتصادية وربحية عليه مسألة منح القروض والتسهيلات جمدت إلى حين اتضاح الصورة.

يمرض لكن لا يموت وتوصيات 

ورغم الصورة السوداوية أكد رجل الأعمال الكحلوت: على الرغم من أنّ قوة السوق العقاري تعثر حواليّ 25% من قوته مقارنة بالـ 2019، مما شكّل صدمة في كل العالم، إلا أنه يجب ألا ننسى أنّ هنالك قلة استفادت من الوضع، وهي القلة التي تملك أموالا ولا تعتمد على البنوك، فقد نجحت في شراء بعض الاستثمارات بسعر أقل جدًا نظرًا للأزمة. بالمحصلة، قد يكون سوق العقارات في أزمة إلا أنّ ما أعتدنا عليه هو أنّ سوق العقارات يمرض لكن لا يموت، وحاليًا هو بمرحلة المرض، وعلى قناعة انّ الوضع سيعود إلى سابق عهده مع زوال الأزمة. اكبر مثال على ذلك ازمة انهيار بنك الاستثمار الأمريكي ليمان براذرز، عام 2008، والذي كان بمثابة صدمة ارتداداتها استمرت لعدة سنوات، لكن السوق العقاري نجح في الخروج من هذه الأزمة والاستمرار قدمًا بعد 5 سنوات.

وعن طريقة شراء العقارات، قدّم الكحلوت التوصيات قائلا: وإن تطرقنا إلى الأنترنت وتأثيرها، علينا لا أننسى أنّ هذا وحدة ليس كافيًا، فقد تكون الصور قد مرت بمرحلة مونتاج وهي لا تعكس الواقع، من المهم التواصل مع شركات عقارية، والتي تقدم لك العرض وفقًا لطلبك، فليست الصورة أو سعر العقار الذي يحدد الصفقة الأمثل، إنما هنالك معايير مهمة، مثلا موقع العقار، او التسهيلات التي تقدما الدولة للمستثمرين، فهنالك دولا إذا استثمرت فيها بشراء عقار قد تمنحك الإقامة الدائمة والعمل، وقد تمنح أفراد أسرتك ايضًا وهنالك دولا تقدم خدمات إضافية.

واسهب في السياق وقال الكحلوت: شركة العقارات تعرف ومطلعة على أنظمة الدولة وقانونها الاستثماري، وتقدم صورة أوسع للمستثمر، فمثلا هنالك دولا قد يكون فيها الاستثمار أو الشراء لعددٍ معين من السنوات، 90 سنة أو أكثر، وهذا ما يسمى بلغة السوق Leasehold، أنت تمتلك العقار ولكن أرض العقار تعود لملكية الدولة بعد عدة سنوات، وهنالك دولا تمنح الاستثمار الكامل، مما يعني أنّ العقار سيبقى ملكًا لكل حفيد في العائلة وهذا ما يسمى باللغة العقارية الـ Freehold، وللتوضيح بريطانيا تمنحك العقارة لمدة 90 سنة والإمارات تمنحك العقار لمدة 99 سنة اما اسبانيا وبعض الدول الأوروبية تمنحك العقار للأبد بما يعني للمستثمر ولكل حفيد له.

وتطرّق الكحلوت إلى السوق العقاري في قبرص واليونان ومالطا وتركيا، وهي أسواق بات الفلسطيني داخل الـ 48 يستثمر بها ويشتري عقارات، سواءً أبنية أو شقق استجمام، وقال: هنالك فرق بين السوق العقاري في مالطا، اليونان، قبرص وبين تركيا، فالدول الأولى تعتبر أوروبية وتخضع للسوق الأوروبي، مما يعني أنها نفس المعاملات والضمانات والشروط، والاستثماري فيها جيد، بالنسبة لتركيا الوضع مختلف قليلا، فهي دولة كبيرة ومتنوعة وتقدم خدمات واسعة وتقترح أسعارا منافسة وحتى الشروط التي تمنحها أسهل من الدول الأوروبية، مثلا إقامة بعد شراء عقار بـ 150 الف دولار وأكثر، إلا أنّ المخاوف من تركيا بسبب تذبذب العملة، الليرة التركية، فهي ليست قوية كاليورو، وتخضع إلى تغيرات كبيرة، عليه قد يشتري المستثمر عقارا بسعر جيد إلا أنه ومع بيع العقار لاحقا وبعد سنوات قد لا يربح نظرًا وأنّ سعر الليرة قد هبط.

لجنة رجال الأعمال الفلسطينيين

إلى جانب خبرته في سوق العقارات، يشغل رجل الأعمال الكحلوت منصب أمين سر لجنة رجال الأعمال الفلسطينية الأوروبية، وعن هذه اللجنة قال: في تشرين أول 2019 وحدنا الجهود واجتمعنا فلسطينيين في بوخارست لفحص إمكانية المساهمة في دعم فلسطين كشخصيات مغتربة، عن هذا الاجتماع انبق عدة لجان منها اجنة رجال الأعمال الفلسطينيين خارج البلاد، وعددنا 9 رجال أعمال من مختلف الدول، حيث نعمل على تقوية وتدعيم السوق الفلسطيني والمنتج الفلسطيني، من خلال فتح أسواق عالمية له، ومن خلال تقديم خدمات إلى رجال أعمال فلسطينيين في فلسطين منها تسهيلات بالتصدير والإستيراد.

وأضاف: اللجنة اجتمعت عدة مرات، ومن ضمن الاجتماعات حضر مندوب عن وزارة الاقتصاد الفلسطينية ومندوب عن وزارة شؤون المغتربين، نحن بصدد أن نوسع النشاطات إلا أنّ جائحة الكورونا عرقلت من العمل وبعد مرور الأزمة سنعود لنجدد هذا النشاط.

وعن أهمية اللجنة أختتم رجل الأعمال الكحلوت، والذي يعيش منذ سنوات في اسبانيا ويعد من داعمي فريق مدريد الرياضي، بالقول: التنقلات التي قمنا بها كعائلة من المجدل إلى غزة ومصر ولاحقًا إسبانيا، قد تمنحنا هويات مختلفة، لكن من جهة أخرى لا تلغي انتمائنا، فانتمائنا هو للمكان ولفلسطين.

مدريد VS فلسطين!

وردًا على سؤالنا الأخير عن مباراة محتملة قد تدفع المنتخب الفلسطيني إلى اللعب أمام منتخب مدريد قال رجل الأعمال الكحلوت موضحًا: في حال وصلنا إلى هذا الوضع، سأكون سعيدًا جدًا، هذا يعني أنّ فلسطين عبرت شط الآمان، لكن نظرًا وحبي لفلسطين ولمنتخب مدريد سويةً، سأدعم منتخب مدريد إذا لعب على أرض فلسطين والعكس تمامًا إذا لعبت فلسطين في اسبانيا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]