ارتفعت عمليات التسول بأشكال متعددة في مدن الضفة الغربية مع الانهيار الاقتصادي الناتج عن عدم قيام السلطة الفلسطينية بدفع الرواتب للفلسطينيين منذ ثلاثة أشهر تقريبا.

وانتشر عدد من المتسولين داخل المدن الفلسطينية الواقعة في الداخل الفلسطيني وتحديدا المدن والبلدات العربية في المثلث والجليل.

التسول ينتشر بشكل كبير فلسطين

ويقول الباحث محمود الأحمد المتخصص في القضايا الاجتماعية إن التسول هي ظاهــرة اجتماعيــة خطيـرة انتشرت في فلسطين بشكـل كبيـر، حتى أصبحـت تهـدد المجتمـع بأسـره، وتنذر بالعديد من العواقب؛ فهي ظاهرة مشينـة تقتل عزة النفس وتميت النخوة، وترفع نسبة الإعالة والبطالة، وتؤدي إلى الانحـراف الأخلاقي والفكـري

وأضاف "تنشط هذه الظاهرة كثيرًا في أوقات ومواسم دينية معينة، كشهر رمضان والأعياد الدينية؛ وفي أماكن معينة كالمستشفيات والبنوك المساجد والكنائس والأسواق والمحال التجارية وجوانب الطرق وفي أماكن إشارات المرور والمطاعم والمقاهي والأماكن العامة، وفي الأماكن المزدحمة".

وقال "يتبع المتسولون، عدة حيل لكسب العطف واستدرار الشفقة، وطلب العون والمساعدة، باستغلال النواحي الدينية والأخلاقية والإنسانية في نفوس المارة؛ فيطلبون الصدقات وأموال الزكاة، ويتلاعبون بما اعتاده أبناء الشعب الفلسطيني من القيم، كالنخوة وإغاثة المحتاج والمسكين".

وقال إن للتسول أنماط أبرزها وهو التسول الواضح، أو التسول المقنّع وهو التسول المستتر وراء أنشطه أخرى مثل بيع السلع الصغيرة أو أداء بعض الخدمات البسيطة، ويوجد التسول الموسمي وهو التسول في مواسم ومناسبات معينه، مثل الأعياد أو رمضان، ويوجد التسول العرضي وهو التسول المؤقت الناتج عن ظروف استثنائية.

التسول ظاهرة يصعب رصد جحمها

ويرى الأحمد أنه يصعب رصد حجم ظاهرة التسول لانها ظاهرة تحدث في الغالب في الظل أو بالخفاء؛ كان من الصعب رصد حجم الظاهرة وانتشارها؛ بسبب عدم توفر إحصائيات أو دراسات أو أبحاث رسمية حولها إلا ان جزءا كبيرا منها نتاتج عن الصعوبات الاقتصادية.

وأظهرت تقارير الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني أن نسب الفقر ارتفعت في العام 2019 مقارنة مع عام 2011؛ فقد كانت نسبة الفقراء في عام 2011 حوالي 25.8%؛ ؛ بينما ارتفعت لتصل الى 29.2% في عام 2019؛ أي بارتفاع نسبته 13.2%. كما ارتفع نسب الفقر المدقع من 12.9% عام 2011 إلى 16.8% عام 2019؛ أي بارتفاع نسبته 30.2%.. ويعزى هذا الارتفاع، إلى ارتفاع مؤشرات الفقر بشكل ملحوظ في قطاع غزة، وانخفاضها في الضفة الغربية. الجدير بالذكر، أن الوضع في قطاع غزة أصبح أسوء بكثير مما كان عليه في العام 2011؛ فقد ارتفعت نسب الفقر في قطاع غزة بحوالي 37%، (من38.8% في العام 2011 ليصل إلى 53.0% في العام 2019)؛ إلا أن الوضع معاكس في الضفة الغربية؛ إذ انخفضت مؤشرات الفقر في الضفة الغربية خلال السنوات الست الماضية، إذ انخفض الفقر في الضفة الغربية بحوالي 22% (من 17.8% للعام 2011 مقابل 13.9% للعام 2019).

التسول ظاهرة باقية وتتمدد

ويعترف المسؤولون في الجهات المخوّلة برصد أسباب الظاهرة ومحاولة الحدّ منها، بعدم قدرتهم على القضاء الكلي عليها والتي يبدو أنّها باقية وتتمدد بتمدد أحزمة الفقر، وارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب.

الناطق الإعلامي باسم الشرطة لؤي ارزيقات يعزو أسباب الظاهرة إلى "الفقر والحاجة باعتبارهما السبب الرئيس لهذه الظاهرة رغم أنها ممنوعة قانونيًا، إذ تعاملت الشرطة منذ بداية العام مع 13 قضية تسوّل، و26 قضية عمالة أطفال".

ولا تتوفر دراسات إحصائية شاملة لظاهرة التسوّل في فلسطين، غير أن الظاهرة منتشرة في المدن أكثر منها في القرى والمخيمات، لما تتميز به المدن من حركة دائمة ونشطة اقتصاديًا، لوجود المؤسسات الوطنية الداعمة والجمعيات الخيرية.

ويرى برغيث برغيث من وزارة التنمية الاجتماعية أنّ ظاهرة التسول لها أسبابها بالطبع، وهناك إجراءات للحد منها بالتنسيق بين وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة العمل وشبكات حماية الطفولة، مشيرًا إلى اتخاذ إجراءات بحق المشغلين والأطفال فوق سن 15 عامًا، كملفات قضائية، بينما الأطفال الأصغر سنًا، يتم التعامل معهم من قبل شبكات حماية الطفولة.

قصص وحكايات أطفال التسوّل

"محمد" طفل يفترض أنه في الصف الثامن (14 عاما)، تعود أصول عائلته لجنوب الخليل، يعمل ثلاثة أيّام أسبوعيًا على الإشارات الضوئية في البيرة يبيع العلكة والمناديل الورقية وعادة ما يدفع له السائقون الذين يبتاعون منه سلعه، أسعارًا تفوق السعر الحقيقيّ لها.

ويقول محمد (وهو اسم مستعار أطلقته على نفسه) إنّه يحلم أن يتعلم حرفة ويترك التسول مشيرا إلى الفقر الشديد الذي تعيشه عائلته حيث يعمل والده في التنظيفات ولا يتلقى سوى ألفين شيكل شهرا لأسرة مكونة من سبعة أفراد إضافة لمحمد المتسول.

ويتحدث محمد عن صديق له عمل معه هرب من والده ويعمل معهما فيالتسول ويقيم في أحد المخيمات القريبة من رام الله، كما يتحدث عن أخرين يعانون من مشكال في النمو ومشاكل خلقية يستغلونها لتحقيق التعاطف ثم الحصول المال.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]