في الوقت الذي اعتقد كثيرون ان تمديد قانون ميزانية الدولة ينقذ نتنياهو من انتخابات رابعة، يرى محللون أنه لا مناص من انتخابات جديدة قريبة بسبب الازمات المتتالية التي تعانيها الحكومة الإسرائيلية في اعقاب كورونا خصوصا وان نتنياهو معني بذلك.
المحلل السياسي عبد اللطيف حصري قال ل "بكرا": تأجيل إقرار الميزانية ببضعة اشهر لا يعني باي حال من الأحوال تأجيل او تفكيك الأزمة، وقد تكون من نتائج هذه الخطوة تعميق الأزمة ليس فقط على الصعيد السياسي والحكم، وانما على الصعيد الاقتصادي ايضا وهذا ما سينعكس سلبا على معيشة الناس ولقمة الشرائح الضعيفة بالمجتمع وفي مقدمتها اكثر من نصف المجتمع العربي.
تأجيل إقرار الميزانية ببضعة اشهر لا يعني باي حال من الأحوال تأجيل او تفكيك الأزمة
وقال: دعم نتنياهو لمقترح تأجيل اقرار الميزانية ليس كرم أخلاق، فهو يقرأ التحولات بالخارطة السياسية بشكل جيد، ولا أعني فقط تعاظم قوة حزب يمينا على حساب الليكود، وانما بروز بوادر اصطفافات جديدة في وسط ويسار الخارطة، قد تهدد ما يتطلع اليه نتنياهو في المرحلة القادمة، فاذا كان حتى الان هاجسه الأول جلسات المحكمة بملفات فساده، وهاجسه الثاني استحقاق التناوب نهاية العام القادم، فانه بدأ يلحظ هاجسا ثالثا وقد يكون ضاغطا اكثر وهو بروز قوى جديدة بدأت استعداداتها لمواجهة نتنياهو والعمل على اسقاطه.
وتابع: لا يمكن قراءة أزمة الحكم في إسرائيل بمعزل عن انسداد الافق السياسي لهذه الحكومة مهما حاولت مركباتها تثبيتها ولو مرحليا، فالأزمة اعمق من ان تتجاوزها المركبات الحالية، فاليمين المتطرف بقيادة نتنياهو يحاول تعويض انسداد الأفق السياسي بما يسميه السلام الاقتصادي والاقليمي مع انظمة تابعة ولا تملك قرارها للتعويض خارجيا، ويزداد شراسة بتصفية آخر مظاهر الديمقراطية للسيطرة على مفاصل الدولة العميقة داخليا، وهذا السيناريو ليس فقط أنه يضع إسرائيل على منزلق خطير في ظروف سياسية واقتصادية معقدة، ويقربها اكثر من الفاشية المطلقة، وانما يغذي اسباب التقاطب بين أقطاب الحكومة، فستجد مجموعة جانتس نفسها مرة أخرى أمام نفس الخيارات، فإما الانحناء أمام نتنياهو بكل ما به من جشع سلطة وفساد، او مواجهة نتنياهو واليمين بالعودة الى اصطفاف يسار الوسط وهذا مستبعد. وبعكس ما يقوله المحللون اعتقد ان الذهاب الى انتخابات رابعة بات مصلحة ملحة بالذات للشرائح الفقيرة والمتضررة من الأزمة ومن تحالف راس المال المالي مع اليمين المتطرف.
اعتقد ان "ازمة المصادقة على الميزانية" لم تكن هي الاصل
الناشط السياسي كامل برغوثي عقب ل "بكرا": التهديد لانتخابات جديدة قد ازيل. لكن فقط ل 120يوم. وينتظرنا ايام وأشهر صعبة مع اجواء السياسة الاسرائيلية التي تشكو من وجود قيادة جدية. تضع فعلا جانبا المصلحة الشخصية الفردية و"الأنا " لتكون مصلحة الشعب في مجال الاقتصاد، الصحة، والامن والامان هي المصلحة الأسمى. اذا وضعنا نتيجة التصويت بين الربح والخسارة بما يخص القيادة. واضح ان الخاسر هنا نتنياهو حيث تنازل وخسر ما كان يريد ان يصل اليه وهو تأجيل انتخاب موظفين في مواقع حساسة في الشرطة والمحاكم وانظمة الحكومة.
وتابع: اعتقد ان "ازمة المصادقة على الميزانية" لم تكن هي الاصل انما رغبة نتنياهو ان يجد مخرج يساعده الخروج من المحاكمة التي تنتظره وذلك بإمكانية تعيين احجار شطرنج /موظفين يساعدونه الخروج من أزمته ومحاكمته باقل ضرر. ايضا نتنياهو يحضر بذكائه لانتخابات قادمة في آذار 2021 دون أن تسنح الفرصة لرئيس الحكومة البديل ( غانس) ان يتولى منصبه كما هو متفق عليه. برأيي بدأ العد التنازلي لانتخابات آذار 2021
الازمة في الائتلاف لم تحل بل أجلت لبداية العام القادم
د. ثابت ابو راس ناشط ومحلل سياسي قال في هذا الشأن: لقد حدث ما كان متوقعا باتفاق كل من الطرفين الليكود وكحول لفان على تأجيل المصادقة على الميزانية لمدة مئة يوم كحل وسط. وهكذا منعا الطرفان حل الكنيست والذهاب الى انتخابات جديده. وللحقيقة فان موقف الطرف الضعيف في المعادلة كحول لفان، هو من حسم الموقف ومنع من رئيس الحكومة نتانياهو الاستمرار بابتزازه السياسي. لكن الازمة في الائتلاف لم تحل بل أجلت لبداية العام القادم وخلال الاشهر القادمة سنرى ازمة اخرى تعصف في الائتلاف الحالي. نتنياهو لم يتغير وقضاياه الشخصية ومحاولات الإفلات منها كانت وستبقى هي المحرك الاساسي لسلوكه السياسي.
ونوه: أن ازمة الكورونا وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية في ظل مليون عامل لا يعملون وزيادة حدة الفقر في المجتمع الاسرائيلي والبلبلة والفوضى في جهاز التربية والتعليم مع افتتاح السنة الدراسية الجديدة ستجبر الطرقان على التعاون ولو للفترة القادمة. لكن واضح جدا ان نتانياهو سيعمل كل ما في وسعه لتقصير عمر هذه الحكومة لكيلا يتسنى لغانتس، رئيس الحكومة البديل الوصول الى سدة الحكومة لأنه غير مقتنع بذلك ولا يخدم مصالحه الشخصية.
تأجيل المصادقة على الميزانية يمس بحقوق المواطنين
الكاتب السياسي علي حيدر قال معقبا في الشأن ذاته: بالرغم من مصادقة الهيئة العامة للكنيست، مساء أمس، على تأجيل موعد المصادقة على ميزانية الدولة للعام الحالي بأربعة شهور، حتى نهاية شهر ديسمبر-كانون أول ومنع حل الكنيست بشكل فوري والذهاب الى انتخابات رابعة، إلا أن الأزمة الائتلافية لم تسو بعد. وما زالت حالة عدم الاستقرار السياسي، وانعدام الثقة وتبادل الاتهامات بين حزبي كاحول لبان والليكود هي سيدة الموقف وستبقى وذلك نتيجة لوجود العديد من موضوعات الخلاف ولكون نتنياهو مراوغ وماكر وخداع ويعمل من أجل مصلحته فقط بينما جانتس ضعيف ومحط ابتزاز ولا يريد التنحي والابتعاد عن مراكز السلطة.
واضاف ل "بكرا": بالرغم من أن كل واحد من الحزبين حقق جزء من مطالبه في الأيام الأخيرة، إلا أن شبح الانتخابات ما زال قائم ومتعلق في التوقيت الذي يريده نتنياهو، وبتقديري سوف ينسحب من الحكومة قبل الموعد المحدد للمصادقة على الميزانية وبعد الانتخابات الأمريكية ولن يمنح جانتس الفرصة بأن يصبح رئيس حكومة في إطار اتفاق التناوب.
ونوه: إن تأجيل المصادقة على الميزانية يمس بحقوق المواطنين ويعيق تعين القائد العام للشرطة والنائب العام والمستشار القانوني للحكومة، حيث أن نتنياهو يرغب في تعين موظفين ضعفاء من أجل مساعدته بالتخلص من قضايا الفساد التي اتهم باقترافها وبتنفيذ سياساته.
واشار الى ان تأجيل موعد المصادقة على الميزانية، يتيح لكل من نتنياهو وجانتس تحسين وضعيهما الانتخابي، حيث إن الدعم الجماهيري لكليهما قد تردى وانخفض بشكل كبير. فنتنياهو فشل في التعاطي ومعالجة أزمة الكورونا من ناحية إقتصادية واجتماعية وصحية ويواجه احتجاجات آخذة بالاتساع بسبب قضايا الفساد ومعاداته للديموقراطية. بينما جانتس فقد قوته السياسية منذ لحظة انضمامه للحكومة ودعمه لنتنياهو وبذلك خرق وخان تعهداته لمصوتيه .
من الواضح أن نتنياهو عازم على تبكير الانتخابات العامة، وأنه حتى لو تمت المصادقة
النائب السابق والناشطة السياسية نيفين ابو رحمون عقبت: من الواضح أن نتنياهو عازم على تبكير الانتخابات العامة، وأنه حتى لو تمت المصادقة على مشروع قانون تأجيل إقرار الميزانية، فهو سيسعى قبل نهاية العام إلى إسقاط حكومته، والتوجه لانتخابات في آذار المقبل، وبالتالي منع غانتس من تولي رئاسة الحكومة وفقا للاتفاق الائتلافي، وجاء دعم مشروع القانون من قبل الحزبين؛ دون التوصل إلى اتفاق والتي تبقي الحكومة الإسرائيلية في حالة من عدم الاستقرار، بالتالي ينهي تهديد الانتخابات في هذه المرحلة، ويبقى هذا الخيار قائما في جولات مواجهة متوقعة بين الطرفين.
واضافت: تمنح التسوية التي توصل إليها الحزبين نتنياهو إمكانية الانسحاب مبكرا من الاتفاق الائتلافي مع غانتس ومنعه من ترؤس الحكومة وكذلك تؤجل المصادقة على ميزانية للحكومة إلى أجل غير مسمى. حتى الان يكسب نتنياهو كل لحظة من أجل أن يبقى في السلطة حتى لو كانت على حساب الاستقرار الاقتصادي والسياسي للإسرائيليين.
أزمة مفتعلة
القيادي محمد دراوشة قال: إرجاء اقرار الميزانية بأربعة اشهر كان متوقعاً، فكان واضحاً ان الأزمة كانت منذ بدايتها أزمة مفتعلة، حاول من خلالها نتنياهو ابتزاز حزب كاحول لاڤان ليعطيه الأخير حصانة من المسار القضائي الذي حتماً سيودي الى زجه الى السجن. وانكشفت لعبة نتنياهو، وبان للجميع ان قضية اقرار ميزانية سنة وأربعة أشهر مقابل سنتين ليست قضية جوهرية، بل كانت مجرد مفرق طرق للضغط على بيني چانتس الذي تخندق في مواقفه، وحظي لدعم تسڤي هاوزر، وحتى لأحزاب الحريديم، الذين يخشون الدخول الى معركة انتخابية، قد تودي بخسارتهم مقاعد برلمانية عديدة.
واشار: لكن ما هذا الا تأجيل للأزمة الحقيقية، وهي عدم الثقة الجوهرية بين نتنياهو وشريكة چانتس. نتنياهو لا يحترم شركاه في الحكومة، بل يعتبرهم آلية مؤقته لخدمة مصالحه، ولا ينوي حقيقةً تبادل الحكم بعد سنه.
واضاف: استطلاعات الرأي التي كانت تعطيه أكثر من 39 مقعداً قبل شهر، بالكاد تمنحه ال-30 مقعدا في حال اجراء انتخابات مبكرة. لذلك، كان من مصلحة الجميع النزول عن الشجرة، واعطاء الجهاز السياسي مهلة اضافية لمحاولات ومناورات عدائية بين الشركاء في الحكومة الواحدة، التي اقيمت كحكومة طوارئ لمعالجة آفة الكورونا، وانعكاساتها الاقتصادية. الا ان هذه الحكومة اصبحت حكومة جمود سياسي، وتربص اعضائها أحدهم للآخر.
ونوه: ما زال نتنياهو يراهن على محاولة اصطياد اعضاء من كاحول لاڤان لكي ينشقوا عن چانتس وينضموا ككتلة داعمة لنتنياهو شخصياً، مقابل وعود كريمة جداً، ليضمن حصانته. هذه اللعبة التي كانت خفية، اصبحت جلية الآن، والضغوطات والشكوك في الحكومة ستبقى سيدة الموقف في الاشهر الاربعة المقبلة، وسنتدحرج من ازمة الى ازمة، مع ازدياد التصريحات النارية بين الاطراف، من خلال مسرحيات مفتعلة، وقضايا لا تستحق ان تكون قضايا.
الازمات مستمرة حتى تأتي ساعة لا يمكن للحكومة ان تستمر
الخبير السياسي في الشأن الاسرائيلي رأى انها أزمة وعبرت. وتابع: بفضل كورونا والخوف من انتخابات في ظل الجائحة ولكن الازمات مستمرة حتى تأتي ساعة لا يمكن للحكومة ان تستمر وهي ليست بعيده وذلك لان الجوهر المشترك لمجموع الازمات السابقة واللاحقة هو ازمه حكم وليس ازمة حكومية. وهو في الجوهر الصراع على تغييرات اساسية في نظام الحكم يريد اليمين الفاشي اجراءها. ويرفضها اليمين الليبرالي. نتانياهو وحلفاؤه في اليمين المتطرف يهدفون الى تقليص صلاحيات المؤسسات الديموقراطية لصالح صلاحيات الفرد اي رئيس الحكومة.. خاصه وان نتانياهو شخصيا بحاجه الى ذلك لمواجهة لوائح الاتهام المقدمة ضده. سيستمر نتانياهو في خرق اتفاقيه الائتلاف الحكومي واختلاق الازمات حتى يستطيع ان يبتز شركائه من كحول لفان لمصلحة رؤيته لنظام الحكم وموقفه السلبي من المؤسسات الديموقراطية ولمصلحته الشخصية.
[email protected]
أضف تعليق