على وقع انفجارين متتالين، استقبل اللبنانيون، مساء اليوم الثلاثاء، كارثة، تذكر بأحداث هيروشيما ونجازاكي، تلك المدينتين اليابانيتين، اللتين وقعتا، ضحية لهجوم نووي، غير مسبوق، في نهاية الحرب العالمية الثانية، وذلك وفق توصيف "القاضي مروان عبود"، محافظ بيروت، فماذا اللي حصل، وما تعليق السلطات، وما أبرز السيناريوهات المتوقعة من وراء الحادث؟!.

ذعر وصدمة

بنبرة حزينة، غلبها البكاء، عبر مروان عبود، محافظ بيروت، عن أسفه وهو يتحدث عن الانفجار الضخم اللذي هز العاصمة اللبنانية، مساء الثلاثاء.

وقال عبود، في تصريح أوردته "سكاي نيوز عربية"، إن 10 عناصر من رجال الإطفاء اختفوا ولا معلومات عنهم حتى اللحظة.

وأضاف "كان هناك حريق في البداية، بعد ذلك وقع الانفجار الذي لا نعرف أسبابه"، مشيرا إلى أن الانفجار "يشبه ما حصل في اليابان، بهيروشيما وناغازاكي".

وتابع "ما شفت بحياتي دمار بهذا الكبر.. هذه نكبة وطنية هذه مصيبة على لبنان".

وخلال قوله "ما يحصل للشعب اللبناني كثير"، أذرف مروان عبود الدموع على المباشر، في مشهد مؤثر.

وختم حديثه بالقول "أناشد الشعب اللبناني بالتماسك.. نحن أقوياء وسنظل أقوياء".

كانت "وكالة الأنباء اللبنانية"، قد ذكرت في وقتٍ سابقٍ، إن "حريقا كبيرا اندلع في مستودع للمفرقعات في العنبر رقم 12 بالقرب من صوامع القمح في المرفأ، وسمع دوي انفجارات قوية في المكان، ترددت أصداؤها في العاصمة والضواحي"، مشيرة إلى أن فرق الإطفاء هرعت إلى المكان وتعمل على إخماد الحريق.

نترات الأمونيوم

في أولى التعليقات، حول الأسباب الرئيسية للحادث، كشف بدري ضاهر مدير عام الجمارك في لبنان، أن مادة النترات، كانت السبب الرئيسي في الانفجار الضخم الذي ضرب مرفأ بيروت اليوم.

وأضاف ضاهر وفقًا لـ"سكاي نيوز عربية"، إن الانفجار ناجم عن حاوية تحتوي على "نترات الأمونيوم"، وهذه مادة قابلة للانفجار، تم احتجزها وتفريغها بمستودع خاص بالكيماويات في مرفأ بيروت.

وأوضح مدير عام جمارك لبنان أن الحاوية كانت "محتجزة قضائيا، بسبب خلاف قضائي بين المستود والشركة الناقلة، وتم احتجازها لصاح دعوى خاصة، وليست عامة".

كما أشار إلى أن الانفجار كان بتلك الضخامة، لأن الحاوية كانت موجودة في مستودع مخصص للمواد الكيماوية.

وأضاف أن الحاوية لم تكن ستبقى في لبنان، وإنما جاءت "ترانزيت"، لافتا إلى عدم وجود معلومات الآن عن الوجهة التي قدمت منها أو التي كانت ستذهب إليها.

تجدر الإشارة، إلى أن مادة "نترات الأمونيوم"، هي مادة كيميائية شائعة الاستخدام في الأسمدة الزراعية، وهي عبارة عن مركب شديد الانفجار لا غنى عنه في الزراعة.

ويعتبر النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم من المغذيات النباتية الأساسية، ويتم تصنيف الأسمدة حسب كميات هذه العناصر التي تحتوي عليها الأسمدة. ومن المعروف أن تلك المادة غنية بالنيتروجين اللازم لنمو النباتات.

على الرغم من خطورة التعامل مع مادة نترات الأمونيوم؛ إلا أنها كثيراً ما تستخدم في الأسمدة لتحسين محتوى النيتروجين فيها، خاصة أن تلك المادة مستقرة نسبياً في معظم الظروف المناخية؛ وغير مكلفة في التصنيع، وهو ما يجعلها البديل الكيميائي الشائع لمصادر النيتروجين الأخرى الأكثر تكلفة.

بالعودة إلى تفاصيل الحادث، فقد قال مدير الأمن العام في لبنان، اللواء عباس إبراهيم، إن مصدر الانفجار هو حاوية تمت مصادرتها داخل مخزن بمرفأ بيروت.

وشدد إبراهيم على أن الحاوية موجودة في المرفأ منذ سنوات. ولم يعط أي معلومات بشأن محتويات الحاوية أو نوع المفرقعات التي سببت هذا الانفجار.

ووصف مدير الأمن العام اللبناني إرجاع سبب الانفجار الذي هز العاصمة اللبنانية، بيروت، مساء اليوم الثلاثاء، إلى المفرقعات بـ"المثير للسخرية"، وذلك خلال زياته إلى موقع الانفجار.

وقال اللواء عباس إبراهيم في تصريحات نقلتها الوكالة الرسمية اللبنانية: "لا يمكن استباق التحقيقات والقول بأن هناك عملا إرهابيا".

مواد كيماوية.. أو قصف صاروخي

الخبير العسكري والاستراتيجي، إلياس فرحات، أشار إلى إن ضخامة الانفجار وشكل الغيمة التي تشكلت عنه، التي تشبه الفطر، بالإضافة إلى اللون الوردي الذي ملأ الموقع، تشير إلى أن الانفجار"جاء نتيجة عبوة كبيرة جدا تحتوي على مواد كيماوية، أو بقصف صاروخي بعيد المدى".

وفيما يتعلق بالتقارير التي تحدثت عن وجود متفجرات "تي إن تي" في موقع الانفجار، قال الخبير العسكري والاستراتيجي إن "استيراد المتفجرات في لبنان يخضع لموافقة وزارة الدفاع"، لافتا إلى أن مصانع البارود والديناميت التي تستورد مثل هذه المادة موجودة بالفعل في لبنان، لكن بإشراف وزارة الدفاع.

ونوه فرحات إلى أن الغيمة البيضاء التي تشبه المشروم التي خلفها الانفجار، تعني وجود كمية كبيرة من المتفجرات، التي انفجرت في وقت واحد.

أما اللون الوردي، بحسب فرحات، فهو "الغريب" في هذا الانفجار. مضيفًا: "كل الانفجارات السابقة في لبنان نجم عنها دخان أسود أو أبيض، أما اللون الوردي فيعني حتما أن هناك مواد كيماوية انفجرت، كأن يكون هناك 10 أطنان من مادة التي إن تي، على سبيل المثال".

متفجرات أو أسلحة

اعتبر الكاتب الصحفي منير الربيع، أن "حجم الانفجار واتساع رقعته والعصف الذي أحدثه على كل بيروت، لا يوحي بأن هناك خللا تقنيا أو أن مفرقعات فقط قد انفجرت".

وأشار، بحسب "سكاي نيوز عربية"، إلى أنه "حسب المعطيات، فإن هناك نوع من المتفجرات أو الأسلحة، هي التي نجم عنها مثل هذا الانفجار الضخم، نتيجة استهداف معين أو اشتعال معين".

كما نوه إلى أن هناك "خشية من أن يكون الانفجار ناجم عن استهداف خارجي لإحدى الحاويات أو البواخر التي تنقل أسلحة لحزب الله".

اتهامات لإسرائيل

لم تستبعد بعض الأصوات من داخل لبنان، أن يكون للاحتلال الإسرائيلي دور في الحادث، خاصةً مع المناوشات والتوتر، الدائر بين ميليشيا حزب الله والاحتلال، في الفترة الأخيرة، والذي كان ينذر، وفق محللين باندلاع مواجهة مباشرة بين الجانبين.

في هذا السياق، قال العقيد نزار عبد القادر لقناة الحدث إنه سمع صوت طائرتين حربيتين إسرائيليتين في سماء بيروت قبيل وقوع الانفجار.

في غضون ذلك، نفى مسؤول إسرائيلي أن يكون لإسرائيل أي علاقة بالانفجار الهائل الذي وقع في بيروت، مساء الثلاثاء.

و كلف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رئيس هيئة الأمن القومي مائير بن شبات، بمخاطبة مبعوث الأمم المتحدة نيقولاي ملادينوف لمعرفة ما الذي يمكن لإسرائيل فعله لمساعدة لبنان.

من جهته، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في وقت سابق، أن إسرائيل عرضت إرسال مساعدات إنسانية وأدوية إلى لبنان بعد الانفجار.

وجاء في بيان بهذا الصدد اليوم الثلاثاء، أن "إسرائيل توجهت إلى لبنان عبر القنوات الأمنية والدبلوماسية الدولية، وعرضت على الحكومة اللبنانية مساعدات إنسانية وطبية".

وبينما نفى مسؤول إسرائيلي بحسب "وكالة رويترز"، أن يكون لإسرائيل أي دور في انفجار بيروت، قالت قناة OTV التابعة لتيار الرئيس عون إن فرضية اعتداء إسرائيلي على حزب الله فرضية غير حقيقية.

في الوقت ذاته، أكد محللون لبنانيون أن النفي هو “لعبة تلعبها الطبقة السياسية”.

حزب الله

وعلى ذكر الهجوم الإسرائيلي على أسلحة تابعة له، نفت مصادر مطلعة مقربة من حزب الله، للـ”OTV”، كل ما يتم تداوله عن ضربة اسرائيلية لأسلحة حزب الله في المرفأ.

ونفت مصادر معنيّة وقوع الانفجار في مرفأ بيروت داخل العنبر رقم 12. وأكدت لموقع القوات اللبنانية الالكتروني أن العنبر مقفل منذ أكثر من 6 أشهر، مشيرة إلى أن تحركات مشبوهة كانت تحصل من خلال نقل مواد وآليات إلى داخل العنبر، في ظل محاولات عدة للموظفين لمعرفة حقيقة الأمر.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]