في اعقاب حوادث الغرق التي وقعت مؤخرا في طبريا وحيفا لأطفال عرب تحدثت مراسلة "بكرا" مع المسعف والمضمد رياض هبرات منها حادثة غرق الطفل المقدسي قبل ايام في شاطئ "دوكيت" في طبريا في الرابعة صباحا. حيث تكتظ أماكن السباحة بالمستجمين خصوصا وأننا في موسم السباحة ولا بد الحديث عن الغرق.
الغرق والتعامل مع الغريق
وفي مستهل حديثه، قال هبرات: " الغرق هو حالة من حالات الاختناق والتي يمكن تقسيمها إلى قسمين: حالة الغرق الجاف والتي به تنقبض الأوتار الصوتية وتمنع دخول الماء للرئتين، وتكون هنالك حالة موت بسبب الاختناق. اما الحالة الثانية فهي حالة الغرق الرطب والذي يدخل فيه الماء للرئتين وهذا يأتي بعد الغرق الجاف. ويتم الغرق كالتالي: عندما يغرق الإنسان يبدأ الماء بالدخول إلى معدته أولا حتى تمتلئ وبعدها رويدا رويدا تبدأ الأوتار الصوتية والحنجرة بالانقباض وسد مجرى التنفس لمنع دخول الماء للرئتين، فتحدث عملية الاختناق وفقدان الوعي وبعدها تنبسط الحنجرة والأوتار الصوتية وتبدأ المياه بالدخول لمجرى التنفس والرئتين واتلافها. ولدينا نوعان من الغرق، الأول الغرق في البحر "المياه المالحة" وبه يخرج سائل الخلية الحية للخارج لموازنة الأملاح والغرق في بحيرة طبريا والبرك "المياه العذبة" وفيه تحدث عملية دخول الماء للخلية الحية لموازنة الأملاح ".
وعن طريقة التعامل مع الغريق قال: عادة في حالة رؤية عملية الغرق يتم انتشال الغريق في الدقائق الأولى قبل دخول الماء إلى الرئتين وهذا يسهل عملية الطاقم الطبي ويعطي الغريق فرصة أكبر للحياة. أما لو تم انتشاله بعد ابتلاع الماء ودخوله للرئتين، فالفرصة لإحيائه من قبل الطاقم قد تقترب إلى الصفر وتكون جدا ضئيلة، وحتما سيكون فاقدا للوعي دون نبض أو تنفس وعندها يجب إتباع الخطوات التالية: كن هادئا. اطلب النجدة وأعط العنوان بدقه. فتح مجرى التنفس بتنظيف الفم من الإفرازات. ابدا بعملية إحياء قلب ورئة، ابدأ بعملية تدليك للقلب وذلك بالضغط المباشر على الصدر لثلاثين مرة واعطاء نفسين. استمر في هذا حتى وصول الطاقم الطبي.
وحذر قائلا: لا تحاول إخراج الماء من الرئتين ولا بأي طريقة، فهذا قد يزيد الوضع تعقيدا وأما إذا حالفك الحظ واستطعت إرجاع التنفس للغريق فما عليك إلا أن تقلب الغريق على جنبه وهو بدوره يبدأ بعملية الاستفراغ، ويخرج من خلالها الماء من جوفه، وشجعه حتى يصل الطاقم الطبي.
الغرق ببحيرة طبريا، نصائح
وتطرق هبرات الى الغرق في طبريا حيث قدم بعض النصائح وقال: تعتبر بحيرة طبريا من أخطر البحيرات بالشرق الاوسط ومن أخطر الأماكن السياحية في البلاد، وتعود خطورة السباحة وزيادة العرضة لخطر الغرق فيها إلى الأسباب الآتية: عدم الوعي بصفات البحيرة الغير المعدّة للسباحة باستثناء الأماكن المرخصة والتي تم التأكد من صلاحيتها، كما ان وجود البحيرة فوق فوهة بركانية من جهة، وتحت سطح البحر من جهة أخرى يؤدي إلى تشكّل حركة مياه لولبية الشكل عكس عقارب الساعة تعرف بالحوامات، تقوم هذه الظاهرة بشفط الأشياء بقوّة إلى الأسفل، وهنا لا بدّ من التنويه إلى أنّ خطر تشكّل الحوامات يزداد بعد الساعة الثانية ظهراً، وذلك بسبب تأثر المنطقة بهبوب تيارات هوائية قادمة من البحر المتوسط، ومن المعلوم أن المستجم تعلّم مبادئ السباحة في البركة حيث المياه الهادئة عديمة الحوامات بما يجعله جاهلاً تماماً بخطورتها. امتلاء مياه البحيرة بالترسبات والأعشاب والأوساخ يؤدي إلى ضبابية الرؤية من جهة، وتعلق الجسم بها بما يجعل إمكانيه إنقاذه ضئيلة جداً. تباين ارتفاع الماء في البحيرة، فمثلاً قد يكون المستجم متمكناً من السباحة على عمق ثلاثة أمتار بيد أنّ الارتفاع يتضاعف فجأة إلى سبعة أمتار مما يزيد احتمالية الغرق. ويحذر اصحاب الخبرة من تجنب السباحة في البحيرة من الجهة الجنوبية والجنوبية الغربية كذلك حيث يزداد خطر تشكل الحوامات هناك وكذلك الابتعاد التام عن المناطق الخطرة وغير المرخصة والتي لا تخضع لمراقبة المنقذين.
كلمة لا بد منها
وختاما قال: انا لن اعلمكم كيفية التصرف بداخل الحوام والبالوعات لان اكبر سباح لا يستطيع ان ينقذ نفسه لو تعرض لحوام قاهر والى ابنائي هذه النصيحة، السّباحة في مكان خطر ليست مقياسا للرجولة، فالبحر يُغرق البواخر العملاقة، والأساطيل، والغواصات، وكثير من الغطاسين وأبطال السباحة والبحّارين قضوا غرقا.
ضحايا البحر المتوسط، أقل بكثير من ضحايا بحيرة طبريا، فالشواطئ، وخصوصًا الرملية أقل خطرًا، وواجبنا أن نقلّص إلى الحد الأقصى من مأساة الشواطئ، وهذا يأتي من خلال السباحة في الأمكنة المرخصة فقط، وحيث يوجد منقذون، كذلك من خلال تحمّل المسؤولية على أنفسنا والمحيطين بنا، وأن نتذكر بأن الدخول إلى الماء العميق ليس قبضنه، ولا هو معيار للرجولة، بل هي مخاطرة ومغامرة بأرواحنا وسعادة أبناء أسرنا وأصدقائنا. ودرهم وقاية خير من قنطار علاج
[email protected]
أضف تعليق