بموازاة الضجة التي ثارت في أعقاب استخدام جهاز الشاباك نظاماً الكترونياً خاصاً لتعقّب ورصد المرضى المصابين بالكورونا – تستخدم الشرطة منظومة مشابهة تسمى "عين هنتس" ("عين الصقر")، وهي مخصصة لتعقّب ورصد السيارات والسائقين وتجميع كم هائل من المعلومات في هذا الإطار، لاستخدامها في حل رموز المخالفات والجرائم، والتوصل الى المتورطين.

ففي 17/6/2019، قُتل رمياً بالرصاص الشاب وسيم إبراهيم أبو شلظم (18 عاماً) في قرية "حورة" بالنقب، بينما فرّ المتورطون من موقع الجريمة بسيارة، وبعد بضع دقائق تم العثور على سيارة من طراز "مازدا" وهي محترقة عند أطراف القرية. 

وساد الاعتقاد لدى المحققين ان هنالك علاقة بين مقتل الشاب واحتراق السيارة، وتبين لهم ان لوحة أرقامها ما زالت سليمة، فقاموا بتسجيلها، وبذلك كان من السهل تقصّي مسار المتورطين، وتم توقيف ثلاثة مشتبهين، وبعد شهرين تم تقديم لوائح اتهام ضدهم استناداً الى المعلومات المتوفرة عنهم قبل وقوع الجريمة. وورد في لوائح الاتهام ان المشتبهين كانوا قد سافروا قبل وقوع الجريمة ببضعة أيام الى مدينة طولكرم بسيارة من طرازBMW (بي . ام . دبليو)، وعادوا منها بسيارتين: احداهما سيارة BMW نفسها، وسيارة "مازدا"، بينما سافر اثنان من المتهمين الى حورة بواسطة المازدا، فيما بقيت هواتفهما في مدينة اللد، وبعد حين انضم اليهما المتهم الثالث في حورة قادماً بسيارة BMW.

منظومة "عين الصقر" 

لم يفاجأ المحامي علي أبو لبن، الذي يترافع عن احد المتهمين، حين اطلع على مواد التحقيق التي تضمنت الأدلة المتعددة المتعلقة برصد الهواتف النقالة التابعة للمتهمين الثلاثة، بالإضافة الى سائر الاحداثيات الالكترونية المتعلقة بالتحقيق والأدلة، لكنه لاحظ في احدى صفحات مواد التحقيق عبارة "المنظومة" المكتوبة الى جانب صورة سيارة، وهذا ليس امراً اعتيادياً حين يكون الأمر متعلقاً بمنظومة الكاميرات المنصوبة على شارع رقم (6) مثلاً.

وتسمّى هذه "المنظومة" في قاموس الشرطة "عين الصقر"، وهي تعمل، بشكل او بآخر، منذ العام 2013، وكان الغرض منها في البداية رصد مخالفات السير، وسرعان ما بدأت الشرطة تستخدمها لأغراض الاستخبارات والتحقيقات، خلافاً للمعهود، وهذا ما جرى في إطار ملف المتهمين الثلاثة، بدقّة متناهية، وبكافة التفاصيل. 

وعن ذلك قال المحامي علي أبو لبن ، انه بينما ثارت ضجة حول منظومة الرصد والتعقب الالكتروني (بالهواتف) التابعة للشاباك – واذا بنا نرى منظومة مشابهة تعمل وتستخدم منذ سنوات خلافاً للقانون ودون رقابة.

منظومة "غير مسجّلة وغير قائمة"!

وعلى الرغم من دقة المنظومة المسماة "عين الصقر" والتي تثير الاعجاب – الا انها غير منصوص عليها في اطار القانون، ما يعني انها "غير قائمة" رسمياً وليست مسجلة كمخزون للمعلومات حسبما ينص القانون، بالإضافة الى عدم وضوح أنظمة وتعليمات استخدامها، حيث لم تقم الشرطة بهذا الواجب، ولذا ليس واضحاً من هي الجهات المخولة باستخدامها، وفي أي ظرف، ناهيك عن الغموض الذي يلف مسألة حفظ أو شطب المعلومات المتوفرة فيها بخصوص تحركات المواطنين.

وعلى هذا الأساس طالب المحامي علي أبو لبن بشطب الأدلة التي تم جمعها بواسطة هذه المنظومة ضد موكليه، رغم تعبيره عن اعجابه بعمل ودقة هذه المنظومة.

شرطة إسرائيل: هذه الوسائل مغطاة قانونياً واستخدامها موزون

وعقب ضابط كبير في الشرطة على هذه القضية بالقول ان الشرطة تستخدم منظومات متعددة وانه يدعم معظمها لكونها ذات أهمية بالغة للكشف عن الجرائم. وأضاف ان هنالك دولاً من تلك التي تحرص على الدفاع عن الخصوصيات تستخدم منظومات أوسع من تلك التي تستخدمها الشرطة، مشدداً على ان شرطة إسرائيل تحرص على التوازن والاعتبارات السليمة باستخدام المنظومة لمثيرة للجدل، رغم اعتراض البعض – كما قال.

وبالمقابل رأى القاضي نائل مهنا، نائب رئيس محاكم السير في القدس ان استخدام المنظومة المذكورة يثير الشك بكونها تشكل خرقاً وانتهاكاً للحقوق الأساسية، لأنها ليست منصوصاً عليها رسمياً في القانون، ولأن استخدامها يتم دون الحصول على اذن من المحكمة.
وفي هذا السياق، ورداً على استجواب قدمته جمعية "هتسلحاه" حول هذه القضية – اجابت شرطة إسرائيل قبل شهور ان هذا النظام ما زال في طور البلورة (على الرغم من انه مستخدم منذ عدة سنوات).

وعقبت وزارة القضاء بالقول انه تبين من الفحص الذي أجرته سلطة حماية الخصوصيات انه ليس هنالك مخزون للمعلومات تحت مسمى "عين الصقر" وقد يكون مسجلاً تحت مسمّى آخر!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]