لكل مجتمعات العالم باختلافها وتنوعها هناك قيادات تتميز بها وتميزها، تعطي للمصطلح قيمة بجهدها ومثابرتها وحرصها على متابعة الأمور فيكون هذت المنصب وهذا اللقب تكليفا لا تشريفا، وفي الداخل الفلسطيني الجهد المطلوب يكون مضاعفا من منتخبي الجماهير الفلسطينية في إسرائيل سواء قيادات المتابعة الأحزاب والقيادات البرلمانية أيضا.

في حين انه قد برزت ازمة ثقة بين الطرفين في السنوات الأخيرة عمقتها انعدام استراتيجية واضحة وحلول ذات قيمة مضافة وعميقة للأزمة الاقتصادية التي يعاني منها المواطنين العرب بسبب وباء كورونا تضاف الى التخاذل في محاربة العنف والجريمة منذ سنوات وطرق الأبواب الصحيحة لحل ازمة البطالة الخانقة المتفاقمة من خلال إقامة مناطق تشغيل وحل إشكالية الأراضي والهدم والمسطحات اذ يقابل ذلك كله اهتمام بالشكليات والظهور فقط وقت الانتخابات والتجول في الشوارع والتقرب من المواطن حينها لجمع الأصوات. حتى ان عددًا كبيرًا من القيادات لا صوت لهم ولا يحزنون يملؤون المقعد لا اكثر ليصبح مصطلح "قيادة" عادي جدا ممكن ان يشغله أي فرد، هذا ما يراه الكثيرون في الوقت الحالي اذ ان القيادات الفلسطينية لا تنتهج نهجا جديدا مغايرا مبتكرا ولا تعمل لإيجاد حلول للازمات المتتالية وفي الوقت التي تنتفض فيه جميع مؤسسات الدولة ضد الحكومة وسياستها فان قيادات المجتمع العربي لا تحرك ساكنا وتصمت لربما خوفا من ان تصيبها العدوى.

قسم كبير من قياداتنا لا نشعر لهم بوجود

وبدروه قال مدير مركز المساواة والمجتمع المشترك في جفعات حبيبة- محمد دراوشة: للأسف الشديد فإن قسم كبير من قياداتنا لا نشعر لهم بوجود، لا ميداني ولا حتى إعلامي، وهو أضعف الإيمان. هدم البيوت أصبح ممارسة شبه يوميه، وهي نتيجة عجز القيادات عن ايجاد صيغة تنقذ هذه البيوت من فكي كامينتس ولجان التخطيط المجحفة بحق بلداتنا، وخاصة إدارة التخطيط في القدس المسؤولة عن الخرائط الهيكلية. وكذلك شح الميزانيات للمجالس لإقرار خرائط تفصيلية على قسائم تم ضمها إلى الخرائط الهيكلية. وإذا أضفنا لذلك استفحال الجريمة، لا يطولنا من القيادة إلا وجودهم كصدى لآلامنا وأوجاعنا، في حين تسقط ضحايانا واحدة تلو الأخرى أمام قادة فقدوا الحيلة، وفقدوا قدرة التأثير الفعلية في هذا المجال. المصائب التي تواجه مجتمعنا، مثل كورونا، والفقر الذي ينمو ويتعمق في ظل الضائقة الاقتصادية التي ترافق هذا المرض لا تحتمل هذا الفتور بالأداء المنقوص للقيادة. الأزمات تتطلب دورا فعالا لمواجهتها، وليس دور التشخيص والبكاء على حالنا. نريد حلول، وليس فلسفات ونظريات وشعارات انتخابية لا رصيد لها. أين هم من الاحتجاجات العارمة التي تتعاظم في الشارع الإسرائيلي؟ لماذا لا يخلقوا تحالفات مع مجموعات اجتماعية أخرى في الساحة الإسرائيلية لإيجاد المصالح المشتركة معنا، وبذلك نتقدم بضع خطوات بدا أن نبقى في نفس مربع الخطابات الفضفاضة، التي لا تنقذ بيتا من الهدم، ولا تحضر وجبة طعام لعائلة مستوره؟ السياسة العربية في إسرائيل دخلت حالة فتور غريبه. ربما هم غارقون في بركة عسل المشتركة التي أعطتهم حجما أكبر مما يستحقون، وهم غارقون في هذه البركة، في حين همهم الوحيد هو التراضي فيما بينهم وتقسيم الكعكة والمحاصصة، والقضاء على آمال أي منافس مستقبلي، والتهرب من المحاسبة التي يطلبها منهم جمهور ناخبيهم.

استبشرنا خيرًا بالقائمة المشتركة ولكن

وصرح مدير المركز اليهودي العربي للسلام في جفعات حبيبة والناشط السياسي سامر عثامنه قائلا: أن غالبية بنات وأبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل، وأنا من ضمنهم، استبشرنا خيرًا بالقائمة المشتركة، فتجند غالبيتنا بالانتخابات الأخيرة وصوتنا لها ايمانا بالشعارات الانتخابية التي طرحت للحد من العنف والقتل المقيت الذي بات يهدد أمن وأمان الجميع وإيجاد الحلول لقضايا الأرض والمسكن والحد من هدم البيوت بالقرى والبلدات العربية. المطلوب من القيادة عامة (وبالذات قيادة أقلية قومية تتعرض لحرب تشويه هوياتي وسياسي واخلاقي) هو ان تكون بوصلة سياسية وعنوانا لإيجاد الحلول وطرح الخطط والإستراتيجيات للنهوض والتغيير لواقع أفضل. لكن وللأسف وعلى ما يبدو الشعارات الانتخابية بقيت شعارات وحبر على ورق، لا توجد خطة واضحة لمواجهة أهم قضيتين يعاني منها مجتمعنا وهي العنف وهدم البيوت. الانجاز الوحيد الملموس الذي يمكن الإشادة به هو التصريحات والتنديدات والاستنكارات والخطابات، وحتى هذا غاب واختفى في الآونة الأخيرة.

وتابع: واقعنا بالأسبوع الأخير تجسد بهدم قرية الصيادين بجسر الزرقاء، هدم بيوت وقاعة أفراح بالطيرة وغيرها من الأماكن، عدة حالات قتل وناهيك عن الإصابات وإطلاق النار الكثيف بالحارات ومناطق السكن، تجريف مقبرة الإسعاف بيافا وازدياد انتشار كورونا ببلداتنا. البعض سيقول اننا نواجه حكومة شرسة ويمينية تضطهدنا لكوننا عربا وتضطهدنا بعدم إعطائنا حقوقنا المدنية المستحقة، جوابي لهم ان القيادة عليها ان تجد طرق وآليات غير نمطية وتضع برنامج عمل جديد لان الطرق التي انتهجتها حتى الآن لم تأت بالنتائج.

انعدام الثقة

وقال رضا جابر الناشط السياسي والاجتماعي ل "بكرا": علينا ان ننهي حالة الذهول والصدمة من الحالة المعقدة والدامية التي وصلنا اليها الى التصرف وكأننا بمعركة حقيقية على حياة مجتمعنا. هذا اليأس وانعدام الفعل على مستوى الجمهور والبلدات هو اسوأ ما يكون لأنه يعزز شعور الناس المتنامي بانعدام الثقة بأن هناك ايادي جدية ومسؤولة تقود مجتمعنا. في معركة البقاء هذه على قياداتنا ان تعود الى المربع الاول والاساسي وهو تنظيم الناس على كل المستويات وفي جميع الأطر، توحيد مطالبهم وصوتهم وتحويلهم من مفعول بهم الى فاعل متحرك صوته يهز اركان الاجرام والمجرمين. وأركان السياسة التي تريد استغلال الظرف الى تنفيذ سياساتها المجحفة والكارثية اتجاهنا.

وختاما نوه: مجتمع ضعيف غير منظم فاقد البوصلة سيبقى عرضة لكل ما يحدث. فقط قيادة عرفت اهمية هذه اللحظة بتنظيم شعبها هي القيادة التي نحتاجها الان.

ظرف استثنائي

وقال الناشط الاجتماعي رضا عنبوسي قال ل "بكرا": الظرف الراهن هو ظرف استثنائي ليس فقط بسبب جائحة كورونا وتبعياتها وانما ايضا بسبب الظروف السياسية والاقتصادية المحلية والعالمية. لا يخفى على أحد ان انضمام بيني غانتس وحزبه لحكومة نتنياهو خلطت الاوراق وسدت الطريق امام عمل برلماني وسياسي نوعي للقائمة المشتركة بشكل خاص وتيار اليسار بشكل عام. النقد واللوم للأحزاب العربية وقياداتها حق لكل فرد ولكن حسب رأيي ما يرد من انتقادات يفوق اي تصور واقعي للعمل السياسي من صفوف المعارضة وبالأخص بظل الازمة الحالية. وفق نظري عمل اعضاء المشتركة هو عمل نوعي بظل الظروف الحالية وان كان هناك نقد بناء يجب ان نوجهه لتطوير العمل السياسي لا ان نهدم الشرعية عنه.

وتابع: ان ما يحصل من سياسة ممنهجة من تمييز نحو الاقلية العربية هو جزء من سياسة عامه لإقصاء العرب وتحجيم دورهم السياسي والاقتصادي ويتحتم علينا ان نعي ذلك. بلا شك ان المشتركة تفتقد بمنظومتها خبرة اقتصادية تعي التبعيات الاقتصادية للجائحة وبمقدورها طرح خطط بديلة للمواجهة امام الرأي العام.

ثورة اجتماعيه اولا ومن ثم سياسية

د. عزمي حكيم الناشط السياسي والاجتماعي عقب قائلا: ماذا لم نقول وماذا لم نشجب؟ كلما تكلمنا وشجبنا العنف ازداد ضراوة، كلما انتقدنا اغتيال امرأة لأنها امرأة نستفيق على خبر مقتل امرأة او أكثر تحت شتى الحجج واهمها شرف العائلة وشهدنا في الفترة الأخيرة كيف يعيد الاب ابنته الى الموت الى حضن قاتلها رغم ان النهاية كانت معروفه مسبقا. كتبنا وانتقدنا وحاولنا تفسير وتحليل الوضع المأساوي الذي وصلنا اليه دون جدوى، فالعنف بازدياد والقتل والجريمة بالجملة وكأنها اصبحت حاله يجب علينا التعود عليها ومتابعة اخبارها بصمت.

وتابع: انا لا اريد ان احمل المسؤولية لاحد لأننا كلنا مقصرون من أصغر دائرة حتى اكبرهم، من العائلة والتربية في البيت وصولا الى رجال الدين والاحزاب مجتمعه وموحده وكل على حدا، ومع ذلك التقصير يشمل الجميع ولا ننسى ايضا السلطة المحلية والسلطة المركزية اللذين لا يحركون ساكنا لمحاربة هذه الظواهر لا بل يتلذذون علينا كيف نقتل بعضنا البعض.

ونوه: نحن بحاجه لثورة، ثورة اجتماعيه اولا ومن ثم سياسية واعتقد ان الوحدة السياسية في المشتركة لها حصة الاسد في تراجع نضالات الاحزاب في الشارع فشعار قوتنا بوحدتنا قبر نضالنا الجماهيري السياسي بمجرد وصولنا الى الكنيست، لأنه أصبح وصفة الانتخابات القادمة دون تقديم كشف حساب للجماهير عشية كل انتخابات جديده. ولا تنسي ان الانتخابات المتكررة خلال السنة الأخيرة اعيتنا.

وختاما قال: غياب القيادات وصوت الجماهير العربية عن ساحة النضال في فترة جائحة كورونا حيث يتم تغييبنا عن الساحة اعلاميا وايضا جماهيريا كأننا نعيش في الجنة والازمه لم تطال منا ومن حياتنا الاقتصادية والاجتماعية ناهيك عن قيادات تتنكر لوجود الفيروس عندنا وهم من يجب ان يلعبوا دورا اخر كليا اي الدور التوعوي. نحن بحاجه لثورة اجتماعيه فكريه تربوية سياسية حتى نخرج من القوقعة ومن الحضيض

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]