ذكر موقع "ستراتفور" الأميركي أن من المحتمل أن تكون "إسرائيل" وراء الهجوم على منشأة نطنز النووية الإيرانية في 2 تموز / يوليو الجاري، وربما وراء بعض الحوادث المماثلة الأخرى التي وقعت بالقرب من طهران على مدى الأسبوعين الماضيين، بما في ذلك انفجار في 26 حزيران / يونيو في مجمع الصواريخ "خوجير".

وقال الموقع القريب من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إنه على الرغم من أن تل أبيب لا تدعي عادة أفعالها السرية ضد إيران، إلا أن الدافع والتاريخ الماضي يجعل "إسرائيل" هي الفاعل الأكثر احتمالاً للقيام بمثل هذه العمليات التخريبية ضد البنية التحتية والأصول الإيرانية.

ففي 5 تموز / يوليو، قال مسؤول استخباراتي لم يذكر اسمه لصحيفة "نيويورك تايمز" إن إسرائيل مسؤولة عن وضع "القنبلة القوية" التي فُجّرت في منشأة جديدة لأجهزة الطرد المركزي في نطنز. كما أشارت صحيفة واشنطن بوست ووسائل إعلام أخرى إلى عملية إسرائيلية معقولة وراء ذلك الانفجار.

وعندما سُئل عن حادث نطنز في 5 تموز / يوليو، قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إن "إسرائيل" ليست بالضرورة وراء كل هجوم على إيران، لكنه لم ينكر صراحة تورط البلاد.

ورأى "ستراتفور" أن الارتفاع في أعمال التخريب هذه قد يشير إلى أن "إسرائيل" قد تعود إلى سياسة العمل المنفرد ضد برامج إيران النووية والصاروخية. إذ تشعر "إسرائيل" بالإحباط من فشل الدول الغربية والإقليمية في كبح جماح القدرات العسكرية والنووية الإيرانية، التي تعتبرها تهديدات مباشرة لأمنها المحلي والإقليمي. يأتي ذلك مع احتمال أن تتولى إدارة أميركية أقل صداقة الرئاسة في كانون الثاني / يناير المقبل، قد تحسب إسرائيل كذلك أن لديها نافذة مثالية ولكن محدودة للعمل بقوة أكبر ضد برنامج إيران النووي.

وقبل أن تبدأ الولايات المتحدة العمل على الاتفاق النووي الإيراني في عام 2013، المعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) ، كانت "إسرائيل" منخرطة في حملة طويلة الأمد لاستهداف وإضعاف القدرات النووية الإيرانية، والتي تضمنت في المقام الأول العمليات السرية والهجمات الإلكترونية والاغتيالات الموجهة للعلماء الإيرانيين. خلال هذا الوقت (بين عامي 2006 و2012) ، خططت "إسرائيل" أيضاً لعمليات علنية أخرى تستهدف المنشآت النووية الإيرانية لكنها ألغتها.

ومنذ حملة التخريب السابقة التي قامت بها "إسرائيل"، استمرت إيران في إحراز تقدم متزايد في تطوير قدراتها النووية والصاروخية، على الرغم من الجهود الأميركية والعالمية مثل خطة العمل الشاملة المشتركة وحملة الضغط القصوى الأخيرة للرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وخلص الموقع إلى أنه من المرجح أن تستخدم إيران تكتيكاتها، مثل الحرب السيبرانية والحرب بالوكالة، للرد على الإجراءات الإسرائيلية هذه، مع الاستمرار في تطوير برامجها النووية والصاروخية. ولا يزال التطوير التدريجي لقدراتها النووية أحد الوسائل الرئيسية لطهران للرد على العقوبات الأميركية المتزايدة والهجمات الإسرائيلية، وكلاهما تعتبره إيران محاولات غير عادلة للاحتواء.

ففي 5 تموز / يوليو، قال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية إن حريق الأسبوع الماضي في منشأة نطنز تسبب في "أضرار كبيرة" و"يمكن أن يبطئ تطوير وإنتاج أجهزة الطرد المركزي المتقدمة على المدى المتوسط"، لكنه لن يمنع على طهران من مواصلة تطوير برنامجها النووي.

وقال "ستراتفور" إنه كما يتضح من محاولات الهجوم الإلكتروني الأخيرة، أصبحت إيران فاعلًا إلكترونياً أكثر قدرة الآن مما كانت عليه خلال حملة التخريب الإسرائيلية 2006-2012 ويمكنها الرد بهجمات ضد "إسرائيل" وحلفائها في جميع أنحاء المنطقة. وأضاف أنه إذا أصبح من الواضح أن "إسرائيل" تستهدف إيران بالفعل، فيمكن لإيران استهداف المصالح الإسرائيلية بطرق يُنظر إليها على أنها رد نسبي ولكن لا يزال من غير المحتمل أن تؤدي إلى حرب إقليمية، مثل الهجمات الإلكترونية ضد السفارات الإسرائيلية خارج الشرق الأوسط.

فبعد سلسلة من الحوادث غير العادية بالقرب من طهران، يبدو أن "إسرائيل" قد تستعيد الأمور بنفسها من أجل احتواء التطوير النووي لإيران.

ويمكن لأعمال التخريب الإسرائيلية المستمرة والانتقام الإيراني أن توجه الضربة الأخيرة لما تبقى من "خطة العمل الشاملة المشتركة" (الاتفاق النووي) بعد الانسحاب الأميركي منها في أيار / مايو 2018. وقد تحاول "إسرائيل" تقويض الدعم الدولي المتبقي للاتفاق عن طريق إثارة رد إيراني يكشف عدم امتثال طهران بالاتفاق وتراجع الالتزام السياسي بإطاره.

فعلى المدى القريب، تحتاج إيران إلى الحفاظ على علاقاتها التجارية مع أوروبا وروسيا والصين للمساعدة في الحفاظ على اقتصادها المثقل بالعقوبات، بينما لا تزال تصوّر الولايات المتحدة على أنها الشرير الذي انسحب من خطة العمل الشاملة المشتركة. لهذا السبب، تسعى طهران إلى انتهاك الاتفاق بعناية فقط بأفعال لا تتجاوز إلا خطوط ما هو مسموح به من دون انتهاك صارخ للاتفاق.

ولكن إذا تبين أن سلسلة الانفجارات الأخيرة بالقرب من تيران هي في الواقع بداية لحملة إسرائيلية أكثر تدبيراً، فسيتعين على إيران أن تقرر كيفية تأمين برنامجها النووي من الهجمات المستقبلية، وهو ما قد يعني نقل أنشطتها النووية إلى المواقع العسكرية. وهذا من شأنه المخاطرة بانتهاك خطة العمل الشاملة المشتركة بجعلها أكثر صعوبة على الوكالة الدولية للطاقة النووية للدخول إليها.

ترجمة: الميادين نت

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]