ضبابية الموقف هي سيدة الموقف في هذه المرحلة، فما بين صمود الحكومة الحالية لسنتين على الأقل او تفككها بعد عام شعرة يحركها نتنياهو وفق اهواءه في غلاف خلاف حول ميزانية قرر هو ان تكون لعام واحد بينما قرر نظيره الخاضع له غانتس وحزبه ان تكون لعامين، ليطرح السؤال هل يختلق نتنياهو الازمات والاشكاليات في ظل كورونا ليتوجه الى انتخابات جديدة في محاولة جديدة لتفادي ملفات الفساد التي لربما ستلقي به في السجن لأعوام، بعد ان قضى على منافسيه وخلا له المعترك السياسي؟!!

انتخابات في ظل جائحة الرأسمالية الخنازيرية، مع تعثر الضم يستثمر نتنياهو خبثه السياسي في جائحة كورونا

الكاتب والمحلل السياسي عبد اللطيف حصري قال ل "بكرا": تباين الآراء في مسالة الضم لا يتعدى تقاسم الأدوار ولا يشكل عائقا لنتنياهو لاستمرارية وثبات الحكومة، ففي اليوم التالي لتركيبها بدأ نتنياهو يعد العدة لتفكيكها والذهاب الى انتخابات في اللحظة المواتية. فبعد تفكيك ازرق ابيض كان لا بد له من محاصرة غانتس وتقليص تأثيره على مركز صنع القرار، ان كان في معالجة جائحة كورونا او بسياسة الحكومة الاقتصادية. فاستطلاعات الراي تشير الى تراجع كبير بشعبية غانتس وحزبه مع تصاعد قوة نتنياهو رغم اخفاقاته في معالجة جائحة كورونا. وما اندفاعه لتقديم ما اسماه خطة اقتصادية، الا محاولة التفاف على الأزمة العامة وعلى أزمته الشخصية مع اقتراب جلسات محكمة الفساد.

وتابع قائلا: يدرك نتنياهو ان انتخابات جديدة ستمنحه افضلية وربما أغلبية مريحة لاستباق المحكمة وتمرير القانون الفرنسي، وبالتالي ارجاء المحكمة ما دام رئيسا للحكومة، فمع تعثر الضم يستثمر نتنياهو خبثه السياسي في جائحة كورونا وتبعاتها الاقتصادية الخانقة، وايهام الشعب بانه يقدم حلولا من خلال خطة اقتصادية مراوغة تمهد لانتخابات سيكون هو نجمها. لكن سيدرك المواطن عاجلا ان التعويل على هذه الخطة سيكون كارثيا ليس فقط على الطبقة العاملة والفئات المسحوقة، وانما على الشرائح الوسطى وصغار المنتجين أيضا، وانه لا يمكن النظر اليها بغير حقيقتها المراوغة والخبيثة، كمشروع رشوة شامل، يعده نتنياهو لكسب الانتخابات التي تلوح بالأفق، ففي حين تقدم الخطة للعاملين فتات وما بالكاد يسد رمقهم، وتعد صغار المنتجين بهبات لا تسمن ولا تغني من جوع، لا بل تناديهم للارتهان للبنوك من خلال قروض وديون تحدد سلفا مستقبلهم ومستقبل أعمالهم وعامليهم، فإنها تقدم الأموال بسخاء للرأسمال المالي والاحتكارات الكبيرة.

ونوه ل "بكرا": عشية الانتخابات تبجح نتنياهو برخاء حفنة من مصاصي الدماء وتعامى عن كون نصف العاملين في الدولة فقراء، يشتغلون ليل نهار لكنهم فقراء. المعطى الرسمي كان 3،4% عاطلون عن العمل وتعامى عن غياب 22% من قوة العمل وتعطيلها دون حقوق ودون مخصصات. بمعنى أن 18،6% من قوة العمل معطلة ولا تحظى باي حقوق. ومع اقتراب عدد المعطلين عن العمل من نحو مليون عامل، واعتراف المؤسسة بنسبة بطالة تفوق ال 20% فإن النسبة الحقيقية تكون قد قاربت ال 40٪ نصفهم خارج سياق الاحصاءات، وما تبشرهم خطة نتنياهو الاقتصادية به، أن وباء الرأسمالية الخنازيرية وشراسة رأس المال ستكون بانتظارهم وملاحقة لقمة أطفالهم كقيمة مضافة لوباء كورونا. وما دامت الاوضاع الاقتصادية غير مبشرة للجماهير العريضة فان نتنياهو سيعمد الى جر النقاش والحوار الانتخابي الى المستنقع الذي يجيد السباحة به، مستنقع التصعيد والصدام الدموي، وبالتالي كسب الانتخابات بالدم الفلسطيني وبالرشوة المسماة خطة اقتصادية.

الائتلاف سيتفكك آجلا، وتفككه سيكون بداية عجلة انتخابات

المحلل والخبير السياسي والاستراتيجي إيهاب جبارين قال: بدون أدنى شك أن كورونا استطاعت أن تحرج الديموقراطية الإسرائيلية بأكثر من منحنى ومنعطف. الائتلاف فرض ذاتها وفق قواعده كمطلب الساعة، بل أكثر من ذلك للناظر من الخارج يمكنه أن يرى وكأن الكنيست بأكمل تصرفاته ومناكفته قد انتقل للحكومة على كبرها واتساعها وقلة التوافق والتخاطر فيها. فمن جهة نتنياهو يتبنى كل أزمة على صغرها ليصدرها للرأي العام، فأزمة مراقبة القضاة التي ظهرت مؤخرا من قبل سموتريتش والذي يجلس في أروقة المعارضة، كان يمكن لنتنياهو أن يتجاهلها ولكنه أصر أن يجعل منها منصة لتحريك الرأي العام.

وأضاف: من جهة أخرى، معسكر "فقط ليس بيبي" الذي ترأسه كحول لافان، تحول لمعسكر "فقط ليس انتخابات" أيضا برئاسة كحول لافان. أسألي أي كان في أروقة الكنيست، وأن تفاوتت الإجابات، فأي منهم لا يريد الانتخابات، أقله ليس الآن، الأحزاب والسياسيون مرهقون أكثر من الجماهير، ولكن هذا لا يمنع الذهاب بالشارع نحو انتخابات وشيكة في العام 2021، فهي مسألة توقيت وأولويات ليس إلا.

وختاما قال: هذا الائتلاف سيتفكك آجلا، وتفككه سيكون بداية عجلة انتخابات، هي فقط مسألة أولويات لكل من المعسكرين، معسكر نتنياهو، وسن الكم الكافي من القوانين ليضمنوا الجولة القادمة بسهولة، والمعسكر المناهض، والذي يعمل بجد ليحصد الكم الكافي من الشهادات وبالتالي لإيجاد المخرج من أزمة قيادة نتنياهو.

انتخابات رابعة، وثغرات متعمدة

اما الناشطة السياسية رنا زهر فرأت انه من الصعب التكهن بمصير هذه الحكومة الحالية بالذات في ظل الأوضاع الصحية والاقتصادية المتدهورة. ولكن ما يبدو جليا لنا أن نتنياهو يبحث عن أي فرصة ليخرج من مأزقه هذا (اي حكومة مع غانتس وأزمة كورونا)، ويبحث عن أي ثغرة ليستغلها لانتخابات رابعة آملا ان يأتي بها ب 61 مقعدا ليستطيع من خلالهم السيطرة على السلطة القضائية وتجميد المحاكم التي تنتظره. نتنياهو يعلم أنه شعبيته في هبوط بحسب، الاستطلاعات الأخيرة (فقد هبط إلى 33 مقعد) ويحاول إنقاذ نفسه بواسطة السعي لانتخابات جديدة يرفع أسهم نفسه بها. وربما سوف يستخدم ورقة ميزانية الدولة التي عمدا سيفشل بتمريرها لكي يدعو إلى انتخابات جديدة.

المرجح بعد عام التوجه الى انتخابات رابعة

غسان عبد الله قيادي في الحركة العربية للتغيير أشار بدوره ل "بكرا": حقيقة المشهد السياسي الاسرائيلي في هذه الفترة يمر بمرحلة اكثر تعقيدا واكثر ضبابية ، وهناك حالة من عدم الاستقرار داخل الحكومة وخاصة تفاقم الصراع الدائر بين رئيس الحكومة نتنياهو وشريكه وزير الدفاع غانتس زعيم حزب ابيض ازرق، وتحديدا بموضوع ضم اجزاء من الضفة الغربية واجزاء اخرى من غور الاردن لتصبح تحت السيادة الإسرائيلية والذي يعارضه غانتس اذ يشترط على رئيس الحكومة كيفية والية تطبيق الضم وامور الموازنة للحكومة ، وايضا وسط معارضه انيه أمريكية والاتحاد الاوروبي وايضا معارضة معظم الدول العربية.

وتابع: هذا ناهيك عن التحديات والازمات الخارجية سواء من إيران او الخوف من احتمالية اندلاع الجبهة الشمالية. كذلك الحالة الهشة من التماسك والانسجام داخل الائتلاف الحكومي من جهة والمعارضة والاحزاب الاخرى بما فيها القائمة المشتركة. وفي ظل هذه التفاقمات والازمات هناك ايضا مشكلة وباء كورونا حيث تتزايد اعداد الاصابات بشكل كبير قد تصل الامور الى تصعيد في اجراءات وزارة الصحة والحكومة الى اغلاق المزيد من مرافق الدولة قد تؤثر على الوضع الاقتصادي لدرجة الانهيار!

ونوه: من جهة اخرى فان الملفات الثلاث التي تلاحق رئيس الحكومة وتورطه بقضايا الفساد والرشوة وخيانة الأمانة بلا شك تزيد من هشاشة هذه الحكومة. وعليه فان هذه السيناريوهات وهذا المشهد السياسي وهذه الاسباب كفيله لفرط الحكومة والتوجه الى انتخابات رابعه. ولكن لا اعتقد ستكون حالا فان مراوغة والاعيب نتنياهو ستمتد الى أشهر وفي ابعد الحالات قد تصل الى سنه. اما بالنسبة للقائمة المشتركة وان لم تنجح بإسقاط نتنياهو في تشكيل الحكومة بلا شك فقد اعاقت استقرارها وبقيت شوكة في حلقها واذا فعلا تم القرار بالتوجه لانتخابات رابعه والمرجح بعد سنه فإنها على اتم الاستعداد والجهوزية وباعتقادي ستزيد من رصيدها وقوتها لتصل الى 18 مقعد فان عدتم عدنا.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]