بعد 20 سنة من الصراع على سيادة مدينة القدس، نجح فايروس الكورونا من تحقيق ذلك، حيث لأول مرة منذ 20 سنة، يدخل رجال شرطة فلسطينيين الى منطقة تابعة لبلدية القدس، وذلك بإذن من الحكومة الإسرائيلية، وذلك من اجل تهدأة الأمور، بعد ان حاول مسلحون من مخيم قلندية منع دخول مواطنون من كفر عقب بحجة انهم ممكن ان ينقلوا عدوى الفايروس.

وفي منطقة أخرى من المدينة صادرت شرطة إسرائيل طرود غذائية ، من المفروض كانت تصل الى المحتاجين من بلدة صور باهر بحجة بان مصدر الطرود قد يكون من السلطة الفلسطينية.

ومن ثم تم اعتقال الوزير الفلسطيني لشؤون القدس فادي الهدمي، ومحافظ القدس من قبل السلطة عدنان غيث بحجة بانهم يتآمرون ضد السيادة الإسرائيلية .

وهذا يمثل سياسة حكومات إسرائيل المتتالية بعلاقتها مع القدس الشرقية، إضافة للمشاكل العديدة حول مدينة القدس، تتفاقم هذه المشاكل مع ظهور فايروس الكورونا. ولتكون المشكلة الكبرى هي الفقر الذي يعاني منه سكان القدس الشرقية حيث تشير التقديرات الى وجود 90% من السكان تحت خط الفقر.

لا يوجد فحوصات كورونا في شرقي القدس

علي عيد من عيادة مؤوحيدت في شعفاط يقول :" حتى الان تم اجراء الفحوصات ل6 اشخاص"، ويقول احد المسؤولين في جمعية معينة باننا لا نعرف حتى الان الوضع، ولا نعرف مدى الإصابات إضافة لشخصيات عديدة التي تخشى الإفصاح عن الإصابة، لذلك نحن بصدد الوصول الى وضع مأساوي .

ويعلل بعض المسؤولون عدد المصابين القليل مقارنة مع سكان القدس الغربية، بان بعض المقدسيون يخفون اصابتهم، او بسبب العنصرية تجاههم حيث لا يتم اجراء الفحوصات بشكل كافي.

ولكن تتعالى الأصوات التي تنادي بضرورة التقييد بالتعليمات ، وحتى أيضا فرض الاغلاق الشامل حتى لا ينتشر هذا الفيروس.

يخافون من وباء الفقر

من ناحية أخرى هنالك تخوف كبير من انتشار الفقر، حيث قبل انتشار الفيروس كانت نسبة الفقراء 75%، ومع انتشاره وصلت الى 90% ، والتوقعات هو ان يكون جميع سكان القدس الشرقية تحت خط الفقر. وتشير الاحصائيات ان نسبة الرجال العمال الذين يتقاضون معاش قليل هي 86%، ونسبة النساء العاملات هي 22% ويعانون أيضا من اهمال ممنهج .

مخصصات ولكن....لا يجيدون اللغة العبرية

وهنالك تذمر كبير من قبل السكان الذين يعانون من من عدم تلقي الدعم المادي في فترة الكورونا ولأسباب تتعلق بالهوية والإقامة، حيث هنالك ما يقارب الـ 40000 مواطن من شرقي القدس يحتاجون لدعم للحاجات الأساسية ، وهولاء هم فقط المسجلون في قسم الرفاه الاجتماعي ، ولكن يوجد أيضا عشرات الالاف الذين غير مسجلين ، وما يقدمه قسم الرفاه الاجتماعي هو مبلغ يتراوح ما بين 250-400 شيكل للفرد وحتى الان تم توزيع 735 الف شيكل . والوضع مشابه أيضا في مخيم شعفاط حيث تشير التقارير بان السكان هنالك يعانون من وضع مزري ويعانون من الجوع وبأمس الحاجة للحاجات الضرورية مثل الحليب والغذاء والحفاظات .

وهنالك الكثير من المواطنين الذي تم ارسالهم الى عطلة غير مدفوعة الاجر، وحسب ذلك يتوجب ان يتلقوا بالمقابل مخصصات بطالة، وحتى هذا كأي امر اخر في القدس الشرقية ليس من السهل الحصول عليه، والعائق الأكبر كان لدى السكان هو اللغة ، حيث معظم السكان لايجيدون اللغة العبرية، وجميع المستندات والنماذج التي يتوجب تعبئتها هي باللغة العبرية ، اضف لذلك هنالك العديد من العمال الذين لا يعملون بشكل منظم (السوق السوداء) وعليه لا يستطيعون الحصول على مخصصات بطالة، وعليهم ان يوفروا الغذاء لاولادهم ودفع اجرة السكن، ومن هبّ لمساعدة السكان في هذه الضائقة كان جمعيات معينة التي قامت بتوزيع طرود غذائية واحد المتبرعين كان رجل الاعمال منيب المصري الذي تبرّع بأكثر من مليون يورو

سياسة ممنهجة

هنالك العديد من الأسباب لهذا الوضع المأساوي في القدس الشرقية ، ولكن السبب الرئيسي يأتي بسبب عدم وجود سياسة إسرائيلية طويلة الأمد بما يتعلق بالقدس الشرقية ومواطنيها. حيث تبقى السياسة الإسرائيلية تجاه القدس الشرقية لغز مجهول بدون حل .

اضف لذلك دعم السلطة الفلسطينية للسكان عن طريق جمعيات والنشاطات الاجتماعية والمساجد التي تعتبر أيضا مشكلة كبيرة وغير متوفرة دائما.

هذا الوضع يدل على التنصل من المسؤولية تجاه المواطنين ، حيث من جهة تتعامل بلدية القدس مع سكان القدس الشرقية كمواطنين، ومن جهى أخرى هم بنظر قوات الامن أعداء ، السلطة الفلسطينية تريد ان تكون المسؤولة عن السكان، ولكن لا يوجد لديها القدرة الاقتصادية الكافية للدعم ، إضافة لعدم سماح إسرائيل لها بان تفعل ذلك.

وعليه لا يلوح بالافق حل لهذه المعضلة ، ولكن ازمة الكورونا تزيدها صعوبة ، ويتطلب سياسة طويلة الأمد لكي تكافح الفقر ، النقص في البنية التحتية والصحة، وحلول لكل مجهول الهوية، ولكن نقطة الضوء الوحيدة هي التعاون بين الطرفين في مكافحة هذه الجائحة ، ولكن هذا لا يكفي...
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]