بلا شك ان أزمة جائحة كورونا باغتت المجتمع في اسرائيل دون ان يكون مستعدا لذلك، وذلك بسبب السياسة الرأسمالية النيوليبرالية الممنهجة والمتبعة في اسرائيل منذ عدة عقود والتي اضعفت نظام الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية الأمر الذي ادخل مجموعات جديدة لدائرة الفقر والبطالة، وبلا شك ان المواطنين العرب الفلسطينيين هم الأكثر تضررا من ذلك، حيث يتعرضون لتمييز قومي وطبقي ممنهج، وتعاني البلدات العربية من نقص في مسطحات النفوذ التابعة لها وانعدام مناطق صناعية باستثناءات قليلة جدا وبنية تحتية مهترئة، هذا ما قاله دخيل حامد رئيس الجبهة في الهستدروت وتابع: ومعظم العمال العرب يخرجون للعمل خارج بلداتهم ويعملون في اعمال شاقة، لقد بينت ازمة فيروس كورونا التي تمر بها البشرية الحاجة الى تغيير جذري في التوجه، كما اثبتت انه ما من بديل عن السياسة المرتكزة الى التضامن والعدالة الاجتماعية، والى توسيع نطاق الخدمات الاجتماعية والاهتمام بالطبقة العاملة والشرائح الفقيرة المستضعفة والمهمشة، التي تضررت كثيرا من ازمة جائحة كورونا.
ونوه: قد اثبتت الازمة آنفة الذكر ان عقودا طويلة من خصخصة الخدمات المختلفة كانت خاطئة وأدت الى هذا الوضع المأساوي وهذه الفوضى على مستوى البلاد وعلى المستوى العالمي، حيث مجموعة صغيرة من حيتان رأس المال زادت ثروتها بشكل هائل وكبير جدا على حساب الاكثرية الساحقة جدا جدا من بني البشر، الذين ساءت ظروفهم التشغيلية والمعيشية ويهددهم وابناء عائلاتهم خطر الجوع ورغما عنهم دخلوا الى دائرة الفقر والعوز والبطالة.
تطفئه حرائق، بدلا من ان تهتم في ضمان الدخل الاساسي لكل سكان اسرائيل
وأضاف ل "بكرا": الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة نتنياهو تتباخل بتخصيص الميزانيات الضرورية واللازمة للخروج من الازمة، وما تقوم به هو عبارة عن تطفئه حرائق، وبدلا من ان تهتم في ضمان الدخل الاساسي لكل سكان اسرائيل بنسبة %80 من الحد الادنى للأجور أي 4250 ش للفرد، كما جرى في عدد من الدول الاوروبية، التي تحترم مواطنيها، تقوم بتمديد الاستحقاق للحصول على مخصصات البطالة لمن احيلوا لإجازة بدون راتب وللعاطلين عن العمل وفي كل مرة تبقي العاملين على اعصابهم وفي النهاية تقرر التمديد لشهر اضافي آخر، وكما هو معروف فان مخصصات البطالة هي عبارة عن جزء بسيط من الراتب الذي كان يتقاضاه هؤلاء المستخدمين الذين اخرجوا لإجازة بدون راتب او اقيلوا من اماكن عملهم بسبب ازمة كورونا وشروط الحصول على المخصصات هي الاخرى مجحفة ولإنعاش الذاكرة اود ذكرها (للأجيرين فقط): ان يكون/ تكون مع اقامة مؤمن/ مؤمنة بتأمين البطالة جيل الاستحقاق 67- 20 عاما، أكمل/ اكملت فترة الاهلية (الاستحقاق) ان يكون قد عمل 12 شهرا في آخر سنة ونصف (18 شهر) عدّل، عدد خلال فترة كورونا الى 6 اشهر عمل بدلا من 12 شهر عمل توقف/ توقفت عن العمل اقيل/ت او اخرج/ اخرجت لإجازة بدون راتب ان يمتثل/ تمتثل كطالب/ة عمل في مكتب مصلحة التشغيل، ان يقدم/ تقدم طلبا (يوجد نموذج في موقع التامين الوطني) لمؤسسة التامين الوطني
في نهاية شهر 2020-10 سيكون مئات آلاف العاطلين عن العمل
ونوه: طبعا هذه الشروط لا تعطي حلولاَ لأصحاب الاعمال الحرة والمقاولين الثانويين واصحاب المصالح الصغيرة والمتوسطة ولذا حكومة نتنياهو كل مرة تقدم فتات المائدة هنا وهناك، دون ان تعطي حلا شاملا وحتى نهاية السنة للضائقة الحياتية اليومية لهذه الفئات والشرائح والتي يقدر عددها بمئات الآلاف وليس صدفة ان تشهد البلاد هذا الكم الهائل من المظاهرات ضد سياسة الحكومة اليمينية المتطرفة سياسيا، اقتصاديا واجتماعيا، التي تغني الاغنياء على حساب الفقراء. ويسأل السؤال لماذا في كل مرة يقوم رئيس الحكومة ووزير المالية بتمديد فترة الاستحقاق للحصول على بطالة، لمدة قصيرة كما تقرر يوم أمس 28.6.2020 تمديد الاستحقاق لغاية 15.8.2020، صحيح ان هذا التمديد يعطي مساعدة مؤقته لمئات آلاف العاطلين عن العمل لشهر اضافي آخر، ولكن هذا الامر ليس بديلا عن تأمين شبكة أمان للضائقة لمدة اطول حتى يعود كل هؤلاء المعطلين عن العمل لأماكن عملهم، وبلا شك ان هذه الطريقة نابعة من النظرية الرأسمالية النيوليبرالية التي تنتهجها حكومة نتنياهو وزمرته. وللتذكير فقط هذه هي المرة الثالثة التي تتم فيها عملية تمديد الاستحقاق للحصول على مخصصات البطالة (وما يسمى بالتسهيلات)، وفي هذه المرة برز (كرمهم) قاموا بالتمديد لمدة شهر ونصف أي حتى منتصف شهر 2020-8، ويسال السؤال ماذا سيحصل بعد منتصف 2020-8، حيث كل الدلائل تشير الى انه لن يحصل أي تغيير حتى نهاية شهر 2020-10 وفي نهاية شهر 2020-10 سيكون مئات آلاف العاطلين عن العمل ولماذا لا يعلن رئيس الحكومة ووزير ماليته عن تمديد مدة الاستحقاق حتى نهاية السنة أي حتى 2020-12.
إضعاف موقف العاملين في المفاوضات امام مشغليهم
بلا شك ان ما يقصده نتنياهو من هذه الطريقة طريقة المراحل، هو اضعاف قوة وموقف العامل امام المشغل واجباره على قبول شروط تشغيل براتب اقل وبشروط أسوأ مما كانت عليه سابقا وذلك خوفا على مستقبله وعل مستقبل ابناء عائلته (المقصود عائلة العامل)، وكل هذا خدمة لأرباب العمل ورأس المال، ومن اجل منع امكانية طلب رفع الحد الأدنى للأجر حاليا هو 5300 ش وكان المطلب رفعه ليصل 6000 ش، ومرة اخرى اكرر كل هذه الخطوات التي يقوم بها نتنياهو هي خدمة لأرباب العمل ولرؤوس الأموال، على حساب لقمة عيش العاملين وعائلاتهم والميزانية الجديدة للدولة تؤكد ذلك حيث يجري الحديث عن تقليصات جدية في ميزانيات الوزارات ذات الطابع الاجتماعي والصحي.
وفي النهاية اورد صورة لوضع البطالة في معظم بلداتنا العربية ما قبل وبعد ازمة كورونا، هذه الارقام تحتم علينا مواجهاتها على كافة الصعد (الاصعدة)، برلمانيا، ميدانيا، نقابيا، وشعبيا.
من المتوقع أن تستغل الدولة انقشاع الوباء لفرض ضرائب لتعويض خسائر الأزمة
الاقتصادي فادي رباح قال بدوره ل "بكرا" حول الموضوع: وزارة المالية مطالبة برصد ميزانيات فورية من أجل مواجهة تداعيات أزمة كورونا والحفاظ على متانة سوق العمل، فالحكومة مطالبة بالتدخل في السوق الاقتصادي عبر توسيع عمليات شراء السندات الحكومية، اما اعطاء جرعات قليله من المنح المالية التي على الاغلب لا تصل الى اصحاب المصالح المتضررة بالفعل والمحتاجة ماسه تليها، انما الى المصالح التي قد تضررت بشكل قليل ولديها القدرة على التعافي بسرعه.
وتابع منوها: الوضع الاقتصادي العام غير مطمئن، فهنالك مخاوف من إمكانية اتساع دائرة الخسائر للاقتصاد الإسرائيلي قد تتعدى نسبه عالية من الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، أنه إذا استمر الإغلاق وتعطيل سوق العمل حتى بشكل جزئي فإن تكلفة الخطوات الحكومية لدعم الاقتصاد ومنع انهياره ستقفز إلى 36 مليار دولار، والتي تشكل 9% من الناتج المحلي الإجمالي. إن العودة لفرض القيود على المحال التجارية وعلى الجمهور له ترسبات سلبية على الاقتصاد العام، والمجتمع العربي خصوصا، بحيث إن عودة مختلف قطاعات العمل والتجارة للنشاط مجددا ستكون بشكل متدرج وقد تستغرق أشهرا طويلة. ولن تنفع اعطاء المنح المالية هنا أو هناك لانقاد المصالح المتضررة وضمان عدم اغلاقها، وبالتالي ادخال العاملين فيها وأولهم اصحابه المصالح دائرة العاطلين عن العمل.
الآثار والتداعيات الاقتصادية بسبب كورونا ستطول، حيث من المتوقع أن تستغل الدولة انقشاع الوباء لفرض ضرائب لتعويض خسائر الأزمة، وهو ما سيطيل أمد التعافي الاقتصادي والانتعاش من جديد.
الحكومة لا تعطي التسهيلات ولا تدعم مثل باقي الدول المتطورة
الخبيرة الاقتصادية وسيدة الاعمال كرام بلعوم بدورها رأت ان حكومة إسرائيل من خلال قرارتها برز نوعان من الحلول الأول هو سياسي، حيث يحاول نتنياهو ان يظهر قوته في اتخاذ قرارات في هذا المجال والامر الثاني فان هذه الحكومة غير مبنية استراتيجيا وغير مهيأة لاقتصاد بعيد المدى من ناحية الازمات وتابعت: كشفت ازمة كورونا ان حكومة إسرائيل لا تستطيع إعطاء أجوبة حول أي تهديد خارجي يمس الدولة وسكانها من جميع النواحي منها الاقتصادية، لذلك فان القرارات التي تم تخاذها عشوائية غير مدروسة وغير مخطط لها، وليست لمصلحة المواطنين وستكون ضربة قوية لاقتصاد الدولة للمدى البعيد القريب، سيكون هناك بطالة وسترتفع نسبة الفقر والسبب في ذلك كله ان الدولة غير جاهزة اقتصاديا للحروب والأزمات وبالتالي تمس في سكانها وبنيتها التحتية من الناحية الاجتماعية والاقتصادية وهذا يكشف عن ضعف في الحكومة اذ لا يوجد لديها حلول تدعمنا وتسهل علينا، نحن كأجيرين وأصحاب اعمال نتكل بين الفترة والأخرى على حلول يكون من الصعب تطبيقها وذلك يبرز في قراراتها.
وتابعت: من ناحية أخرى الدولة تعتمد على المصالح الصغيرة حيث ان الجميع يقوم بدفع الضرائب ولكن الحكومة لا تعطي التسهيلات ولا تدعم مثل باقي الدول المتطورة في العالم ذلك سيؤثر على الدولة من ناحية النمو الاقتصادي والتطور على كافة المستويات، اليوم نطالب المصالح بان تكون لها خطة ثانية بينما الحكومة والوزارات المختصة غير جاهزة لهذه الازمات.
سياسة حكومة رأسمالية تمييزية
وسيم حصري حقوقي ومستشار المرافعة البرلمانية والحكومية قال ل "بكرا" باختصار: لا شك بأن سياسة الحكومة الرأسمالية في اي منحنى اقتصادي ستُفضل مصالح الطبقات الاقوى اقتصاديا على مصالح العمال والطبقات المسحوقة.
وتابع: الاقتصاد والقرارات الاقتصادية مرتبطة بالسياسة العامة، وللفقر وجه قومي تمييزي، يضع المواطنين العرب في أسفل سلم الاولويات للنهوض الاقتصادي لتجاوز هذه الازمة. ففي حين يدفع المعطلون عن العمل ثمن هذه السياسات، يربح اصحاب المال من الازمة بتواطؤ حكومي واضح. دليل ذلك ارتفاع قيمة الاسهم للشركات الكبيرة بالتزامن مع ارتفاع نسبة البطالة والفقر.
[email protected]
أضف تعليق