تم مؤخرا تقديم لوائح اتهام بحق أربع عائلات في النقب لتزويج بناتهن قاصرات، ما يكشف ازمة جديدة في المجتمع العربي كنا نعتقد انها بدأت تتلاشى مع التطور الفكري والوعي لأهمية اكمال الفتاة تعليمها ودراستها الجامعية قبل الزواج، ففي الوقت الذي تم فيه الكشف مؤخرا عن تاجرة نساء روسية تأتي بنساء من الخارج وتتاجر بأجسادهن في إسرائيل تقوم بعض العائلات العربية ببيع بناتهن من خلال تزويجهن مبكرا، الى اي حد هذه الظاهرة موجودة في مجتمعنا وهل يتم السيطرة عليها ومحاربتها هل تقتصر فقط على المجتمع النقباوي، ما احوال هذه العائلات يكون، هل هناك تراجع ام ازدياد في الظاهرة.. للإجابة عن هذه الأسئلة أجرى "بكرا" التقرير التالي

ظاهرة تزويج الطفلات تعيق تطور المجتمع

الناشطة النسوية نبيلة اسبنيولي قالت لـ "بكرا": تزويج الطفلات هي ظاهرة ما زالت قائمة في مجتمعنا على الرغم من انها تقلصت في السنوات الاخيرة وذلك نتيجة لعمل الجمعيات النسوية والحقوقية ضمن لجنة الاحوال الشخصية، فقد عملنا منذ بداية التسعينات لمناهضة تزويج الطفلات وذلك من خلال دراسات واوراق عملنا وحملات مجتمعية ومرتفعة قانونية ونجحنا في رفع سن الزواج الى 18 بعد حملة مرافعة دامت عدة سنوات كما ورافق ذلك عمل جماهيري في المدارس ومؤسسات المجتمع تعرضنا بها للأثار السلبية الناتجة عن التزويج الطفلات
وتابعت: في البحث الاخير والذي قامت به المحامية نسرين عليمي كبها للجنة الاحوال الشخصية والذي رافقتها من قبل اللجنة به يتبين التطور الحاصل في تقليص عدد تزويج الطفلات وتمركزها مؤخرا في القدس العربية وفي النقب ولكن هذا لا يعني انها غير موجودة في انحاء البلاد، باعتقادي ان ظاهرة تزويج الطفلات تعيق تطور المجتمع إذ يرافق ذلك مشاكل صحية ونفسية لدى المرأة (الطفلة) ولدى العائلة.

النيابة العامةً لا زالت تتعامل مع تزويج الطفلات باستخفاف ولا تنظر اليها كجريمة

نائلة عواد مديرة جمعية نساء ضد العنف بدورها اكدت ان الجمعية من خلال المحامية نسرين عليمي كبها اجرت بحث حول الموضوع وأضافت: للأسف ظاهرة تزويج الطفلات منتشرة وكنا منذ سنوات ال 90 قد اجرينا بحث حول مدى انتشارها وأثرها على الطفلات من خلال نشاطاتنا كلجنة العمل للمساواة في الاحوال الشخصية (جمعيات نسوية وحقوقية وناشطين وناشطات تأسست سنة 1995) وقمنا بالعمل على مدار أكثر من ست سنوات بتعديل القانون ورفع سن الزواج من 17الى 18 عام وهذا ما نجحنا بتحقيقه عام 2013

وتابعت: بعدها بسنتين قمنا بفحص الاثر من تعديل القانون وتبين لنا ان النيابة العامةً لا زالت تتعامل مع تزويج الطفلات باستخفاف ولا تنظر اليها كجريمة ضد طفلات ففي سنة 2017 تم تحويل 77% من الشكاوى التي تم التحقيق بها في الشرطة وكانت توصية بتقديم لوائح اتهام ولكن لم يكن واضح كيف تعاملت معها النيابة ولهذا نحن سنتابع النيابة وتقاعسها في تقديم لوائح اتهام ومعاقبة المجرمين ممن عقدوا الزواج وسجلوه ممن تزوج طفلة قاصر ومعاقبة والمسؤولين عن القاصر ايضا من اهل.

ونوهت ل "بكرا": اما بخصوص التوزيع الجغرافي فالظاهرة منتشرة أكثر بالنقب والقدس الشرقية وهذا بالطبع يرتبط بسياسات التهجير وسياسات الاجحاف والتمييز والقرى غير المعترف بها وعدم وجود المدارس وامكانيات التعليم والعمل مما يؤدي الى تسرب الطفلات وبالتالي تكن عرضة للعنف ويتم تزويجهن طفلات او متعددي زوجات، كذلك بخصوص القدس المحتلة وسياسات الاحتلال وعنصريته التي يعاني منه اهل القدس بعدة مستويات بما فيها مكانة النساء والعنف المجتمعي.

الفتاة التي يتم تزويجها مبكرا فإنها تتعرض الى صدمات واكتئاب

الاخصائية النفسية عبير عبد الحليم اشارت في بداية حديثها الى ان الامر مقلق والظاهرة موجودة لدينا ولكنها موجودة في النقب بصورة أكبر واوسع، لان الوعي اقل وموضوع حقوق المرأة وتعدد الزوجات، نفسيا وجسديا ابنة ال 16 عام وحتى 19 عاما تكون غير جاهزة ان تكون مسؤولة عن بناء اسرة وبناء علاقة صحيحة ما يؤدي الى العنف الاسري والانحراف لأننا نتحدث عن طفلة بحاجة الى احتياجات طفلة ولا تستطيع ان تكون بعلاقة او ان تتزوج.

وتابعت: كل موضوع لوائح الاتهام يجب القيام به ومتابعته لأنها تجارة بالنساء اذ عندما نقوم بتزويج بناتنا بسن مبكر لا يكن مسؤولات عن انفسهن وبالتالي ندمر المجتمع، وتقديم لوائح اتهام ضد هذه العائلات هو اضعف الايمان لأنه لا يتم المحافظة على هذه الطفلة بل يقومون ببيعها، نتحدث عن تجارة النساء حيث يقومون بإلباس فتاة قاصر بدلة عرس في الوقت الذي تفكر هي بلعبتها، هذا يسمى اغتصاب وظلم، هي غير قادرة ان تكون بعلاقات جنسية وعاطفية وتتعرض لتعنيف حتى لو كانت علاقة زوجية، فهي غير جاهزة لها، الفتاة التي يتم تزويجها مبكرا فإنها تتعرض الى صدمات ما يسبب حالات نفسية سيئة واكتئاب بعد الولادة ووسواس وامراض نفسية ستؤذي مجتمعا كاملا وتربي جيلا كاملا بطريقة غير صحيحة ما يسبب بازدياد الجريمة والظواهر السلبية احدها ان الأمهات والاباء غير جاهزون ليربوا ابناءهم.

ونوهت في ختام حديثها: هذه العائلات بتكون في منطقة الخطر لان هناك عدم فهم وإدراك لحاجيات هذه الفتاة القاصر وهذه الظاهرة تزداد بشكل كبير بسبب الجهل الموجود في المجتمع، ونجن موجودون في دائرة مغلقة، المجتمع ينقسم الى قسمين حيث ان نسبة المتعلمات يرتفع بينما عائلات أخرى في بلاد منغلقة لا نستطيع ان نصل اليها من خلال العمل الاجتماعي والمؤسسات، وزارة التربية والتعليم يجب ان تهتم بهذا الامر وان يكون تدخل من قبل الوزارة ومنع الامر.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]