أصبحت الكمامات رمزا عالميا لوباء كوفيد-19، ووسيلة أساسية لاحتواء انتشاره. لكن ما هو مصدر الكمامات التى باتت تغطى الوجوه فى جميع أنحاء العالم؟ وأين يعتبر وضعها إلزاميا؟ وكم هى كلفتها؟ وأين تنتهى بعد استخدامها؟
فى ما يلى بعض الإجابات على هذه الأسئلة..
وضع الكمامات عادة متباينة الانتشار
ظهرت الكمامات قبل قرن فى قسم كبير من شرق آسيا حيث بات وضعها عادة شائعة، ترسخت مع انتشار وباء سارس فى 2002-2003، ما جعل منها "غرضا يوميا، يمكن اللهو بتنويعه وإعطائه طابعا شخصيا"، على ما أوضح اختصاصى الأنتروبولوجيا الطبية خريستوس لينتيريس لوكالة فرانس برس فى أبريل.
ففى اليابان، ينتشر وضع الكمامات "الجراحية" فى الشتاء والربيع، ويعتبر وسيلة لحماية الذات كما للحفاظ على صحة الآخرين.
فى المقابل، كان من النادر حتى الآن وضع كمامة للخروج فى أوروبا، وخصوصا فى فرنسا حيث يفرض "مثال عصر الأنوار" أن "يمثل المواطن مكشوف الوجه فى المساحة العامة"، على ما كتب عالم الأنتروبولوجيا فريديريك كيك فى مقالة مؤخرا فى صحيفة "لوموند".
ويكشف سوء استخدام الكمامات فى بعض الدول عن عدم شيوعها، فيضعها البعض تحت الذقن أو تحت الأنف.
وضع الكمامات إلزامى أينما كان فى بعض الدول وفى بعض الأماكن فى دول أخرى، فى حين اكتفت دول بإصدار توصية بهذا الصدد. وبين الدول الخمسين تقريبا التى تلزم بوضع الكمامات، تفرض الإمارات غرامة 200 دولار للمخالفين، مع عقوبة بالسجن تصل إلى 15 يوما.
غير أن فرض الكمامات لا يكون ممكنا أحيانا. فإزاء الاستياء العام وتهديدات بعض السكان تحت شعار التمسك بالحريات الفردية، اضطر رئيس بلدية مدينة ستيل ووتر بولاية أوهايو الأميركية إلى العدول عن فرض وضع الكمامات فى المتاجر.
أما فى النمسا، فيتحتم على المواطنين وضع الكمامات فى وسائل النقل العام والمتاجر. كما أن وضع الكمامات إلزامى فى وسائل النقل العام فى فرنسا منذ 11 مايو، بعدما أعلنت السلطات فى بادئ الأمر أنه ليس من الضرورى وضع حماية، كما أن الكمامات لم تكن متوافرة بكمية كافية.
هنا يكمن جوهر المشكلة. فالقسم الأكبر من الكمامات المستخدمة فى العالم من إنتاج آسيا، وتحديدا الصين التى تصنع حوالى 50% من الكمامات الجراحية فى العالم بحسب منظمة الصحة العالمية. لكن بمواجهة تفشى وباء كوفيد-19، قررت السلطات الصينية فى مرحلة أولى الاحتفاظ بالكمامات لمواطنيها.
وقال ديفيد غيهو اختصاصى لوازم الحماية فى مجموعة "دلتا بلاس" الفرنسية لفرانس برس "حين ازدادت الحاجة إلى كمامات بشكل حاد فى الصن، لم يعد يحق للمصانع المتعاقدة معنا فى الصين التصدير".
وعندما عاودت الصين بيع الكمامات، كانت المنافسة على أشدها بين الدول المحتاجة إليها، وسجل نقص فى مصر كما فى إيطاليا وإسبانيا.
وأوضح الخبير فى مسائل الصحة ستيفان بيون "وقعنا فى أشراك العولمة ظنا منا أن الحركة بين البلدان ستواصل التدفق بلا انقطاع. لكننا لاحظنا مع هذه الأزمة أن العالم بأسره تقوقع على نفسه".
مع تزايد الحاجة إلى الكمامات، ارتفعت أسعارها إلى مستويات باهظة. ففى لبنان، باتت أغلى بـ25 مرة مما كانت قبل الوباء، بحسب ما أفادت نقابة مستوردى التجهيزات الطبية وكالة فرانس برس. وفى جنوب إفريقيا، أحيلت شركتا سيكورو سيفتى وهينوكس سابلايز إلى محكمة المنافسة لزيادة أسعارهما إلى حد يصل إلى 1000%.
وفى العراق، قال سيد على الصيدلانى فى أحد أحياء بغداد الشعبية لفرانس برس "كان سعر علبة تحتوى على 50 كمامة جراحية يتراوح من قبل بين 2500 و3000 دينار(2 إلى 2,5 يورو). أما اليوم، فسعرها 30 ألف دينار (حوالى 25 يورو)".
وأدت الأزمة إلى ازدهار الإتجار على أنواعه والتقليد على الإنترنت، إضافة إلى تسجيل سرقات فى صيدليات وحتى داخل مستشفيات.
وعاودت الصين إنتاج الكمامات بشكل مكثف فصدرت أكثر من 21 مليار كمامة بين مطلع مارس و25 أبريل. كما باشر صناعيون فى جميع أنحاء العالم صناعة الكمامات.
ففى المغرب، ينتج 20 مصنعا أكثر من 10 ملايين كمامة فى اليوم، وفق ما أفاد وزير الصناعة مولاى حفيظ العلمي.
وفى فرنسا، صادرت الحكومة إنتاج مصانع محلية، كما انطلق بعض الصناعيين فى إنتاج الكمامات. وحددت السلطات سعر الكمامة بما لا يزيد عن 52 سنتا فى فرنسا و50 سنتا فى إيطاليا. وفى المغرب، تباع الكمامات بما يوازى 8 سنتات للوحدة، وسعرها مدعوم من صندوق خاص للطوارئ أمر الملك محمد السادس بإنشائه.
اسرائيل
وفى إسرائيل، بلغ سعر الكمامات من نوع "إف إف بى 2" التى تؤمن حماية أكبر من الكمامات الجراحية البسيطة، 70 شيكل (حوالى 18 يورو)، غير أنها تراجعت إلى الثلث الآن بعد تدخل وزارة الاقتصاد، فيما تباع الكمامات الجراحية بأقل من 80 سنتا.
بموازاة ذلك، انتشر استخدام الكمامات من القماش التى تصنعها خياطات فى غالب الأوقات، وشركات أحيانا. ففى مصر، اختار العديدون، على غرار العاملين فى السوبرماركات، استخدام كمامات يدوية الصنع.
لم تصدر الكثير من الدول أى تعليمات محددة بهذا الصدد، فيتم رمى الكمامات مع النفايات المنزلية، وهو ما يحصل فى شرق آسيا، وما تأمر به السلطات فى بعض الدول مثل إسبانيا.
أما فى فرنسا، فأوصت شركة سيتيو المتخصصة فى إعادة تدوير المواد البلاستيكية، بـ"رمى المحارم والكمامات والقفازات فى كيس من البلاستيك مخصص لها" يتعين بعد ذلك "إغلاقه بعناية والاحتفاظ به 24 ساعة ثم رميه فى كيس النفايات الذى يتم إغلاقه بدوره" قبل رميه مع النفايات المنزلية لحرقه، وهى آلية معقدة تتطلب استخداما مكثفا للأكياس البلاستيكية.
لكن الكمامات تنتهى فى العديد من البلدان مرمية فى الشارع أو فى الطبيعة، بدون أكياس نفايات خاصة ولا عمليات فرز متطورة.
[email protected]
أضف تعليق