لا يمر يوم من ان أعلن عن الخروج التدريجي من ازمة كورونا والحجر الصحي الا ونسمع فيه عن حالة قتل او إطلاق نار في المجتمع العربي، بدأت في طرعان ومن ثم المغار وبعدها في عارة وانتقلت الى قلنسوة وختامها كان امس في جسر الزرقاء، ما يتطلب إعادة حقيقية لخطوات نضالية وتصعيدية ضد ظاهرة القتل التي خمدت نيرانها مؤقتا وعلى ما يبدو فإنها ستشتعل مجددا وتكون اقوى من السابق بسبب ارتفاع نسبة الفقر والبطالة لتحرق مجتمعا كاملا حاول منذ بداية العام ونهاية الماضي من خلال هبة شعبية السيطرة عليها ومحاربتها.

فقر وبطالة وانعدام تكتل اجتماعي سيجعلنا نتعايش مع العنف والجريمة

د. نهاد علي مستشار أكاديمي لمبادرات إبراهيم ومحاضر في علم الاجتماع بدوره رأى ان في طبيعة العلاقة ما بين العنف وكورونا او في الإطار التحليلي للعنف والجريمة في زمن كورونا من الممكن ان نشير الى ثلاث محطات رئيسية. وفصل قائلا: الاولى مع بداية عهد كورونا لاحظنا تراجع في نسبة العنف والجريمة بشكل واضح (ما عدا العنف الاسري) ويمكن تفسير ذلك بالتكاتف والتضامن والتكتل الاجتماعي مقابل العدو الخارجي وهذه الظاهرة معروفة اجتماعيا وعالميا. ففي زمن الحروب، الكوارث الطبيعية وغيرها ننسى او نتناسى خلافاتنا لنقف متكتلين بوجه العدو الخارجي. وعليه، تكلنا بوجه العدو الخارجي، كورونا وتناسينا مشاكلنا وانخفضت الجريمة. المحطة الثانية وهي مرحلة الروتين. في هذه المرحلة وبعد ان اعتدنا مع الواقع الجديد، وتعلمنا ان نتعايش مع كورونا على انها ظاهرة اجتماعية من الممكن ان نتعايش معها، بدأنا بالرجوع الى حياتنا الطبيعية وبدأت الجريمة والعنف ترجع الى نسبها الطبيعية. اما المحطة الثالثة وهي محطة ما بعد كورونا وهي الأخطر من بين المحطات السابقة وهوما نشهده بالأيام الأخيرة وبتقديرنا ما زلنا في اول هذه المرحلة. ففي هذه المرحلة بدأت معالم الخسارات المادية والاجتماعية تظهر للعيان. فالبطالة بازدياد والفقر يدق الأبواب بشدة مما يصعب على المدانين سداد الديون، وشراء الحاجيات الأساسية سيصبح صعب المنال والتكتل الاجتماعي الذي صاحبنا بالمرحلة الأولى سيتراجع وسيفتح الباب على مصراعيه لدخول عائلات الجريمة. لذلك نحن قادمون على مرحلة صعبة، عنيفة وفوضوية

الانسان بطبيعته لدية النزعة الفطرية في إثبات نفسه على أنه موجود

الاخصائية النفسية روزان علي بكري قالت بدورها ل "بكرا": الجريمة في الوسط العربي لم تنته لنقول انها تجددت في الفترة الاخيرة بل هي عمل مستمر وموجة. الجريمة تعرف على أنها سلوك يخترق الاسس الأخلاقية للمجتمع. وقد أصبحت تهديد حقيقي لجميع شرائح المجتمع في الدولة.
ونوهت: لا شك انه في فترة انتشار فايروس كورونا قلت حوادث الاجرام ولكن المعطيات تقول ان هناك ارتفاع في حوادث العنف الاسري الذي بدوره يؤثر على تنمية الجريمة. أسباب الجريمة كثيرة ومتنوعة منها الاسباب النفسية التي تعود لخصائص الشخصية ومركباتها والتي هي مشبعة من التنشئة الاسرية والعالم المحيط بالفرد منذ ولادته.

وأضافت: الانسان بطبيعته لدية النزعة الفطرية في إثبات نفسه على أنه موجود وان له تأثير او سلطة على الامور من حوله. وحين يشعر انه غير قادر او غير مرغوب به فإنه يسعى الى تحقيق ذلك من خلال وسائل مختلفة منها العنف والخمر والتدخين. من هنا فعلينا ان ننظر الى المجرمين على انهم ضحايا لظروف سيئة قد مروا بها والتي دفعتهم الى السلوك الاجرامي في مجتمع هم جزء منه لذلك يجب علينا ان نعيد تأهيل المجرمين من جديد لكي يندمجوا بالمجتمع من جديد تحت القيم والقوانين. بدلا من نبذهم ومحاربتهم في طرق ممكن ان تؤدي بهم الى الزيادة في السلوك الاجرامي. وأخيراً محاربة الجريمة تبداً عندما نصل الى الجناة لإعادة تأهيلهم من أجل الانخراط في المجتمع الحقيقي.

هناك فجوة غير مبررة بين تطور الجريمة والمجرمين وادواتهم

رضا جابر مدير مؤسسة امان لمكافحة العنف قال ل "بكرا": هناك فجوة غير مبررة بين تطور الجريمة والمجرمين وادواتهم والجرأة التي يمارسون بها اجرامهم وبين تعامل الشرطة وأجهزتها مع هذا النوع من الجريمة. بل تبدو الشرطة، بقصد او بدون قصد، أقل تطوراً وأقل رغبة في التعامل في هذا النوع من الجريمة. ولذلك لن يحصل انفراج في موضوع الجريمة بدون اقامة وحدات خاصة متخصصة في هذا النوع من الجريمة داخل مجتمعنا والتعامل معها بكل الوسائل وبصورة عينية. ما عدا ذلك يبقى التعامل مع الجريمة تعاملا يقويها بدا ان يضعفها.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]