غرغرت عيني مؤيد عدوي والد الشاب محمود عدوي الذي خطفته يد المنية مبكرا قبل أسبوع قتلا بعد نزاع مستمر على خلفية انتخابات السلطات المحلية منذ سنتين، خلال وصفه للطريقة التي قتل بها ابنه الأوسط والاحب الى قلبه صاحب ال 29 ربيعا لمراسلة "بكرا" وعندما يبكي الرجال فإن الألم يفوق الطاقات مجتمعة ولا تتحمله حتى الجبال.

"كنت اشعر انه سيكون قتل قبل بدء الهدنة"

"كنت اشعر انه سيكون هناك قتل، في ذات اليوم الذي فقدت ابني، اما من اولادي واما من أولاد اخي مازن" هكذا بدأ عدوي شقيق رئيس المجلس الحالي مازن عدوي حديثه لبكرا حيث أكد انه قد سبقت المحاولة الأخيرة الذي نجح بها القتلة بسلب محمود حياته محاولات عدة لم يسعفهم الفشل خلالها من التخلي عن هذه المهمة معدومة الإنسانية قبل دخول الهدنة اذ حينها يحرم عليهم القتل وفقا للأعراف والتقاليد المجتمعية "الرجعية"، وقد تحدث مع قياديين ليلة الحادثة منهم النائب الدكتور احمد الطيبي عما يبادر ذهنه من تخوفات وطلب منهم كأعضاء كنيست ومسؤولين عن حماية المجتمع العربي الاعتصام ليلة القتل في طرعان وملازمة البلدة لمنع أي محاولات قتل ممكن ان تحدث الا انه لا حياة لمن تنادي. ولم يصدق كائن أيا كان استغاثة واستنجاد الاب الثاكل... وكانت يد الغدر أسرع وخطفت قطعة من روحه ليحمل اليوم همين الأول فقدان ولده فلذة كبده قتلا دون ان يرتكب أي اثم او خطأ او تكون له علاقة بالنزاع الطرعاني، والثاني تعزية ومواساة والدة محمود التي ما زالت تنهض ليلا وتطلب منه الإتيان به غير مصدقة انه قد اختفى الى الابد وأنها لن تراه او تحضنه وتشم عبق أنفاسه مجددا واخوته ومساعدتهم في تخطي الفقد الذي سيعلم في قلوبهم الى الازل.

"رصاصة واحدة حرقت شرايين محمود وكانت كافية للقضاء عليه"

يتفق اهل طرعان جميعهم من الكبير وحتى الصغير ان المرحوم محمود لم يكن على علاقة لا من قريب ولا من بعيد بما يجري من نزاع بين عائلته والعائلة الأخرى، حدثنا والده بانه كان ينهض صباحا يقوم ببعض التمرينات الرياضية الخفيفة، يخرج الى المطبخ ليتناول فطوره قبل ان يتوجه مباشرة بعدها الى مكان عمله في محطة الوقود التابعة للعائلة في "مفترق جولاني" اذ لم يصادف طيلة حياته أي خلاف مع احد ولم يتدخل أيضا كان شابا خلوقا متواضعا يحب عائلته وهي تبادله هذا الحب، قام ببناء بيت بجهده الخاص وسلمه لأخيه الأكبر منه حتى يتزوج ويعيش فيه، اقصى أحلامه كانت العيش بهدوء بعيدا عن المشاكل والنزاعات، يعود ليلا من عمله في الساعة ذاتها ليجلس مع والديه ويبادلهما اطراف الحديث، الا انه في اليوم المشؤوم قرر محمود تناول طعام السحور في الثانية صباحا مع أبناء عمه مازن رئيس المجلس في ساحة بيتهم حيث سمع صوت حرفشة بين الأعشاب في المساحة السوداء الفارغة القريبة من منزل عمه، "كان قبضاي، عندما سمع الصوت توجه قبل الجميع الى مكان الصوت واقترب ليتم اطلاق النار عليه، كانت رصاصة واحدة من النوع الذي يدخل الجسم ويمزق الشرايين من الداخل ويقتل الشخص على الفور، كانت كافية للقضاء عليه، عندها انتفض محمود وبدأ يركض حول المنزل حتى وصل الى تحت نافذتي وانا كنت نائما حينها، ومات" قال مؤيد عدوي والد محمود الذي نهض فازعا حينها على صوت الصراخ وبدأ هو والعائلة البحث عن محمود ليجدوه مقتولا ميتا تحت شباك والده "ربما ناداني قبل ان يلفظ اخر أنفاسه ويطلق الروح ولكني لم اسمعه" واجهش عدوي بالبكاء، بكاء اب يحاول ان يتمالك دمعته ويبقى صامدا، بكاء بصوت قهقهة خجولة يحاول اخفاءها بجهد حتى لا يسمع ابناءه وعائلته ويضعفون هم أيضا.

الشرطة وصلت خلال أربعين ثانية

الجناة هربوا الى الجبل، الشرطة خلال أربعين ثانية وصلت الى الحادث واحاطت المنطقة وبدأت بالبحث عنهم ويرجح انه ربما القت القبض عليهم وسط تعتيم اعلامي كبير، وضبابية، ليطرح السؤال حول استعداد الشرطة بالفعل بمنع القتل وحماية الأطراف المتنازعة ومخالفة ومعاقبة الجاني..

العائلة تطالب بخروج القتلة

اليوم، وبعد مرور أسبوع او أكثر على وفاة محمود، وانتهاء فترة الهدنة التي وضعتها جاهة الصلح، دون صلح، عائلته تطالب فقط بخروج من قتله من البلدة، ليتوقف النزاع، فهل يستحق كرسي سلطة محلية كل هذا الخلاف وخسارة الأرواح وهل تساوي كل الدنيا قطرة دم نزفها محمود ومن قبله؟ القصة لم تنته النزاع مستمر في كل بلدة في المجتمع العربي، ثقافة الاحياء هي التي تحكم، وسط صمت رهيب من السلطة التي تتهم بتسهيل النزاع وتغذيته بين أبناء الشعب الواحد والبلد الواحدة ما يتطلب خطوات غير تقليدية تتبعها الحكومة بعد ضغط القيادات العربية لوقف الدم السائل في عدد كبير من البلدات والمدن العربية والحفاظ على الأرواح وعدم شرعنة السلاح والقتل.

 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]