الحكومة الجديدة تتشكل اليوم .. نهاية حكم نتنياهو شبه المطلق أم حكومة تمرير صفقة القرن؟

قبل خمسة سنوات بالتحديد في نفس التاريخ الرابع عشر من أيار\مايو عام 2015 أدت الحكومة الرابعة لبنيامين نتنياهو، الحكومة الرابعة والثلاثين لإسرائيل، اليمين الدستوري بدعم 61 عضوًا في الكنيست و59 معارضا. حيث اعتبرت الحكومة التي قضت أطول فترة في التاريخ الإسرائيلي لتتوقف عن العمل غدا الخميس في نفس التاريخ من العام الحالي 2020 إذا لم تحصل مفاجآت جديدة، وتبدأ ولاية نتنياهو مجددا بحكومة جديدة يرأسها هو رغم كل محاولات الإطاحة به. عن ذلك وأكثر تحدث "بكرا" مع مختصين وخبراء حيث لخصوا المرحلة السابقة وأبدوا توقعاتهم للحكومة الجديدة التي تعثرت مساعي تشكيلها لما يقارب العامين

حُكم نتنياهو الشبه مطلق سينتهي بالغد
كما ذكرت سابقا انه بالرغم من محاولات الإطاحة ببيبي الا انه يترأس الحكومة من جديد بينما لا يرى القيادي والسياسي محمد دراوشة الامر من هذه الزاوية حيث حمد الله في بداية حديثه ل "بكرا" ان حُكم نتنياهو الشبه مطلق سينتهي بالغد، حيث ان شراكته مع حزب كاحول-لاڤان ستحد من حريته في التصرف على هواه، وتقلل من ارتكازه لأحزاب اليمين المتطرف المستعدة لحرق الاخضر واليابس لأجل التوغل في سياسات العنصرية والاحتلال. وتابع: بالرغم من ان الحكومة ليست يمين مطلق، الا انها تبقى حكومة بنيامين نتنياهو الذي عرفناه كشخصية انتهازية يعمل لصالحه الشخصي فقط، ولا يثنيه اي رادع للحصول على مبتغاه، وهو سيعمل على اعادة هيكلة اليمين، رغبةً منه التخلص من اتفاق التناوب مع بيني غانتس.
وتابع: هذه حكومة لم يرغب بها نتنياهو ولا غانتس، ولكنهما يتعلقان بها لشراء وقت سياسي لتحسين اوضاعهم الانتخابية في السنوات المقبلة. هي حكومة تفتقد مركباتها الى أدنى مستويات الثقة بينها، ومن المتوقع انها ستشهد ازمات متتالية بسبب عدم تجانسها. لا يمكن القول انها حكومة طوارئ، بل حكومة مصالح، ستقوم ببعثرة اموال ومقدرات الدولة في كل حدب وصوب.

غانتس سيتحول الى كيس ملاكمة خاص لنتيناهو
وتطرق الى المجتمع العربي وقال: بالنسبة للمجتمع العربي، لا يمكننا التعويل عليها باي شيء ايجابي في الوقت الحالي، وخاصةً اننا نواجه ازمات اقتصادية واجتماعية شديدة، مع ما يقارب 180 ألف عربي عاطل عن العمل، و-65% من المصالح التجارية خسرت مدخولات كثيرة خلال الاشهر الاخيرة في موسم المبيعات السنوي الرئيسي.
ونوه: نحن كمجتمع عربي نخرج من ازمة كورونا بجروح اقتصادية متعددة، ولكن ايضا بجرح سياسي ملتهب بسبب تهميش السياسيين العرب من دائرة اتخاذ القرار، فقد عولنا على بيني غانتس الذي خاننا خيانة عظمى، وانتهينا بحكومة واسعه سيكون من الصعب التأثير عليها لأنها لن تحتاج لأصوات اعضاء الكنيست العرب بسبب قاعدتها البرلمانية الواسعة جداً، وبإمكانها احباط دور المعارضة بسهوله. حتى ان فكرة تعيين وزير عربي، التي لوّح بها كاحول-لاڤان لم تثمر عن شيء بالرغم من طرح ٩ اسماء لشخصيات قديرة. وكان بإمكان هذه الحكومة اظهار توجه ايجابي، ولو شكلي بهذه القضية، الا ان المصالح اليهودية هي التي تحكم بوصلتها وتوجهها.
الكاتب والخبير في الشؤون الإسرائيلية عبد اللطيف حصري قال ل "بكرا": على الصعيد التقني لا أرى ضرورة للتكهن وتخمين العمر الافتراضي لحكومة نتنياهو الخامسة، وستكون محكومة بعوامل عدة منذ الساعات الاولى لإعلانها، إذ سيتحول غانتس الى كيس الملاكمة الخاص بنتنياهو، ولن يطول عمر هذه الحكومة لأكثر من عام واحد يضمن خلاله نتنياهو تفكيك عوامل قوة غانتس ويذهب الى انتخابات جديدة بقوة أكبر وصلف أكثر.

تغول الفاشية وتمرير صفقة القرن
على الصعيد السياسي هناك مؤشر واحد ووحيد لهذه الحكومة وهو تغول الفاشية الصهيونية، ووصول المشروع الصهيوني الى خط النهاية- كمال قال حصري وتابع: أعني الى نظام الفصل العنصري والأبرتهايد. ففي صلب الرؤية السياسية للحكومة الضم وتمرير صفقة القرن، وليس صدفة ان يزور اسرائيل وزير خارجية الولايات المتحدة لساعات معدودة تماما عشية الاعلان عن الحكومة، فالزيارة تشير الى تداخل السياسة الأمريكية في محاولة تثبيت دعائم الأبرتهايد الصهيوني وتصفية القضية الفلسطينية. لكن بالمحصلة المجتمع الاسرائيلي سوف يدفع ثمنا غاليا مرتين، الأولى جراء جائحة كورونا والأخرى جراء جائحة الأبرتهايد.
ونوه: رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة جراء كورونا تتشكل في اسرائيل الحكومة الأكبر عددا بتاريخ الدولة والأكثر اسرافا، وبطبيعة الحال ستكون الأكثر ميلا لمصالح رأس المال المالي والاحتكارات ما يعني سحق الفئات المستضعفة والشرائح الفقيرة.
وأشار الى انه في السياسة سوف يدفع المجتمع الاسرائيلي ثمنا باهظا بحرياته الديمقراطية، فلن يتوقف نظام الفصل العنصري عند حريات العرب دون غيرهم وسيكون المجتمع الاسرائيلي محكوما بأنظمة وقوانين تلامس الفاشية، ما يرفع منسوب التوتر بين الكتلتين القوميتين واحتدام عوامل الصدام الدموي.

ورأى الناشط الاجتماعي والسياسي إيهاب جبارين انه ما بين معسكرين، معسكر الموالين، ومعسكر المشاكسين، هكذا يمكن أن نلخص الحكومة الرابعة لنتنياهو، والحكومة الأطول عمرا في تاريخ إسرائيل. مشيرا الى ان 21 وزارة توزعت بمجملها بين صف الموالين لنتنياهو، والذين استمروا في عهدتهم حتى أخر أيام هذه الحكومة، وبين المشاكسين الذين كلما أراد نتنياهو معاقبة أحدهم سحب منه الحقيبة الوزارية. الملاحظ أن المعاقبة والولاء ليست في تصرفاتهم اتجاه وزارتهم وسيرورة عملها، بل كيفية خدمة رب عملهم والحفاظ على حكومته، التي حصلت على مصداقية تكاد تكفي من البرلمان، 61 عضو لا غير حافظ على ركيزتها في ظل كل الظروف التي عاهدتها.
وتابع: هذا دليل أخر على مدى قوة ذلك المعسكر، ما يسمى بمعسكر بيبي، وولاء منتسبيه، رغم أن نتنياهو حافظ على تقريبا ٧ وزارات في عهدته، وتخلى عنها في ظروف مواتية كإجبار المحكمة العليا له وما نحو ذلك، ولاء الذي نقده نتنياهو نفسه بتشكيل الحكومة الأخيرة تحت مسميات مختلفة وزج حزب يمينا في المعارضة.
واختتم قائلا: بالمجمل هذه الحكومة ذرت الرمال بالعيون لا غير، يحتسب لها تسويق الدولة عالميا، لكن على الحلبة الداخلية تركت دولة تعرج وتنزف. نلخص هذه الفترة بكلمتين لا غير، حماية نتنياهو، هذا ما أجاد نتنياهو اللعب فيه وصوب سهامه نحو هذا الهدف ويمكن القول إنه حصل على مبتغاه، رغم صعوبة هذه المرحلة.