انتهت المحكمة العليا في إسرائيل لليوم الثاني على التوالي من النظر في مسألتين أساسيتين تتعلقان بالمستقبل السياسي لنتنياهو، مسألة هل يستطيع بنيامين نتنياهو المثقل بتهم تتعلق بالفساد ان يشكل حكومة جديدة ام لا، فإن المحكمة وبهيئتها الموسعة من 11 قاضيا اليوم في مسألة قضائية أساسية أخرى، وهي الطعون ضد بعض البنود الواردة في اتفاق الائتلاف الحكومي بين حزب الليكود بزعامة نتنياهو وحزب "ازرق أبيض" بزعامة غانتس.

وجاءت جلسة المحكمة العليا للنظر في الطعون التي تقدمت بها المعارضة ضد الاتفاق الائتلافي الذي تم ابرامه في العشرين من الشهر الفائت، والذي حسبما تقول المعارضة في طعونها، يتعارض في عدد من بنوده مع القانون الأساس في إسرائيل الذي يعتبر بمثابة نص دستوري.

يذكر ان المهلة الممنوحة للكنيست الإسرائيلي ليفرز حكومة جديدة هو نهاية يوم الخميس من الأسبوع الجاري، وعليه فمن المتوقع ان تصدر المحكمة العليا قراراتها المتعلقة بهذه المسألة في وقت يسبق الموعد النهائي للمهلة القانونية المذكورة.

وكانت المحكمة العليا بذات الهيئة الموسعة قد نظرت أمس في المسألة الأولى التي رفعت اليها خمسة طعون بشأنها وهي هل بوسع نتنياهو تشكيل حكومة إسرائيلية وهو متهم بثلاث قضايا تتعلق بالفساد وخيانة الأمانة!

الضرر قد وقع!

الخبير في الشؤون السياسية عبد اللطيف حصري عقب في حديث ل "بكرا": سواء تدخلت المحكمة العليا في حيثية تكليف متهم جنائي بتشكيل الحكومة أم لم تتدخل، فإن الضرر قد وقع، فالخلل بالأساس هو بالقانون المخزي الذي يتيح لفاسد تشكيل حكومة بينما يمنعه من تولي وزارة أو رئاسة سلطة محلية.

ونوه: لا شك أن المحكمة العليا أمام مأزق غير بسيط، فبدلا من محاصرة الفاسد نتنياهو ليدافع عن نفسه أمام القضاء نجد المحكمة العليا محاصرة وتدافع عن نفسها أمام ماكينة التحريض التي يقودها نتنياهو والتي نجح في جر شرائح واسعة من المجتمع الى هذا المستنقع.

وأشار: لا أقلل من أهمية نجاح نتنياهو في قلب الصورة وإقناع قسم من الرأي العام بمفاهيم وقيم معادية لمصلحة الجماهير ومعادية للديمقراطية، ولا يمكن غض الطرف عن تغول السلطة التنفيذية وتقليص هامش الديمقراطية، ومحاولة ضرب استقلالية السلطة القضائية وتهميش الكنيست كمشرع، لذلك من واجب المحكمة العليا القانوني والأخلاقي التدخل في هذه المسألة، ووضع الأمور في نصابها، فالحقيقة ان الناخب لا يصوت لشخص وانما لحزب، وليس لادعاء نتنياهو أن نصف الشعب ينتخبه أي قيمة قانونية وفعلية في هذا الإطار.

المحكمة لن تميل الى شطب ترشيح نتنياهو كرئيس حكومة

فيما اعتبر المحامي قيس ناصر ان المحكمة لن تميل الى شطب ترشيح نتنياهو كرئيس حكومة وذلك في اعقاب الجلستين الأخيرتين للمحكمة وأضاف ناصر: عقدت المحكمة جلسة إضافية اليوم لنقاش القضية قبل إصدار قرارها النهائي والذي من المتوقع ان تنشره يوم الثلاثاء. أسئلة القضاة اليوم للمحامين من كلا الطرفين وملاحظاتهم المختلفة على الطعون المختلفة تدل على ان المحكمة تستصعب ايجاد الأساس القانوني الذي يخولها ان تشطب تنصيب نتنياهو لمنصب رئيس الحكومة مع انه متهم بالفساد. وقد أوضحت المحكمة ان صعوبة قرارها تنبع بالأساس من حقيقة ان قانون أساس: الحكومة وهو القانون الأساسي الذي ينظم عملية تنصيب رئيس حكومة في اسرائيل لا ينص على ان من قدمت ضده لائحة اتهام تبطل قدرته على تولي هذا المنصب الهام.

لن تكون هناك مفاجئات كبيره في قرار المحكمة العليا بشأن نتنياهو

بدوره القيادي د. ثابت أبو راس رأى انه لن تكون هناك مفاجئات كبيره في قرار المحكمة العليا بشأن نتنياهو وامكانية استمراره في قيادة الحكومة الاسرائيلية.

وأضاف في حديث ل "بكرا": اتوقع ان يختار قضاة المحكمة العليا ال 11، عدم التدخل في القضية وحسمها في اتجاه منع نتانياهو من الاستمرار في الحكم وذلك للأسباب التالية: أولا، الجو العام في المجتمع الاسرائيلي المتعب بعد ثلاثة معارك انتخابية يعارض انتخابات رابعه حتى بثمن استمرار نتانياهو في الحكم لان نتائج الانتخابات لن تتغير بل ستزيد من قوة نتانياهو. ثانيا: الوضع الاقتصادي المتدهور للدولة مع بطالة عالية لم يسبق لها مثيل، 26% من العاملين في اسرائيل. اسرائيل بحاجة لاستقرار اقتصادي لا يمكن للمحكمة ان تتغاضى عنه. ثالثا: امام المحكمة يقف نتانياهو المدعوم من غانتس وحزبه وقدرته على تركيب حكومة ثابته. رابعا فان الاتهامات ضد نتانياهو واضحة لكن لا يوجد اسبقيات امام القضاة للاعتماد عليها.

الاتفاق الائتلافي مبني على تعقيدات تشكل أساسا لنقضه والذهاب الى انتخابات

وقال المحلل والكاتب المختص في الشؤون الإسرائيلية عودة بشارات ان محكمة العدل العليا ستنهي ابحاثها اليوم، ومن المتوقع اصدار قراراها الخميس القادم. ولكن مما يظهر يبدو ان المحكمة حاولت من خلال مداولاتها ان تجد منفذا بالنسبة لقضية القاء مهمة تشكيل الحكومة على شخص يواجه ثلاث ملفات في الفساد والرشوة. ولكنها لم تجد هذا المنفذ لان هذا الأمر غير موجود في بنود القانون، ولا توجد هنالك سوابق بالنسبة لهذا الامر.

وأشار: لذلك اعتقد، بناء على سير المحكمة، انه من المستبعد ان تقرر بان شخص يواجه تهم جدية بهذا الامر ان يتم منعه من تشكيل الحكومة، وبالتالي على كلا الحالتين، فان هذا الامر سيشكل سابقة إذا اجازت المحكمة لنتنياهو ان يشكل حكومة فهذه سابقة بان المحكمة تسمح لشخص يواجه تهم جنائية بتشكيل الحكومة، واذا قررت عدم اجازة ذلك فهذا ايضا سيشكل سابقة بان المحكمة لا تتيح لمتهم بان يشكل حكومة، ولذلك القضاة في وضع حرج جدا وأتوقع ان يتخذ القضاة موقفا محافظا بعدم التدخل في هذه القضية.

وتابع: بالنسبة للجانب الاخر في المحكمة والذي هو عبارة عن الاستئنافات ضد الاتفاق الائتلافي، اعتقد ان المحكمة ستتدخل وتقول ان هناك بنود لا تتناسب مع قوانين اساس في القانون الاسرائيلي مثل قضية اغلبية 61 عضوا، وقضية القانون النرويجي وتخطي اعضاء في القائمة وغير ذلك من أمور، ومن الممكن ان تشكل عقبة في مواجهة هذا الائتلاف المبني على الكثير من التعقيدات القضائية وهذا الامر من الممكن ان يشكل اساسا لنقض هذا الاتفاق وبالتالي الذهاب الى انتخابات، ولكن الأمور متغيرة وفي كل لحظة ممكن حدوث امور اخرى.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]