برزت مؤخرا مطالبات بإعادة النظر في قضية قرار الحكومة بإغلاق المصالح التجارية في البلدات العربية وخاصة ان المصالح المجاورة للبلدات العربية تعمل كالمعتاد وبهذا يكون المتضرر الوحيد هم اصحاب المصالح في البلدات العربية، وقد جددت الحكومة اليوم سريان مفعول تعليمات الاغلاق من الساعة 19:30 حتى الساعة 03:00 فجرًا في كافة البلدات ذات الأغلبية المسلمة، حتى تاريخ 10.5.2020.
تأتي هذه المطالبات من منطلق ان هذه الفترة هي فترة سوداء وصعبة على الجميع ولكن بلداتنا العربية والمواطنين العرب هم المتضررين الأكبر في هذه الفترة خاصة بعد ارتفاع نسبة البطالة وشح الميزانيات في السلطات المحلية العربية.
قرار خاطئ وغير مدروس
محمد دراوشة مدير مركز جفعات حفيفة عقب قائلا: قرار اغلاق المصالح العربية بين الساعات السابعة والنصف مساءً وحتى الثالثة فجراً كان قراراً خاطئاً، ولكن يسرني التعديل الذي تم بحسبه تقصير الفترة الزمنية، وبدء الإغلاق في السابعة والنصف. الكثير من المصالح العربية تتضرر كثيراً نتيجةً لهذا الاغلاق غير المدروس. فهو يغلق المصالح العربية، في حين ان كل المصالح اليهودية تبقى مفتوحة، مما لا يؤثر فعلياً على حركة الناس وتنقلها خارج بيوتها. غالبية المصالح العربية تعتمد على شهر رمضان كموسم مبيعات مركزي، يساهم بما يقارب 30-50% من دخلهم السنوي. وبما ان المصالح اليهودية تبقى مفتوحة، فأننا نشهد نزوح الكثيرين الى هناك، مما يعني خسارة كامله لمصالحنا في بلداتنا.
وتابع: اعتقد ان الاغلاق هو الوسيلة الصحيحة لمنع انتشار المرض، بل المطلوب ترشيد وتقييد عمل هذه المصالح لتقوم بدورها لمنع انتشار المرض كما هو الامر في ساعات النهار. وإذا كان هنالك حاجة حقيقية ومنطقية للإغلاق فيجب ان يسري ذلك على كل البلدات اليهودية المحاذية للبلدات العربية. وان لا يصبح الاغلاق فقط عقاباً لأصحاب المصالح الذين بالكاد يستطيعون الوقوف على ارجلهم من ناحية اقتصادية. ولكن الأهم من انتقاد الحكومة، علينا ان نساهم في حماية اقتصادنا من خلال الشراء في بلداتنا ومن المحال القريبة لبيوتنا، حتى ولو كان الامر محدودا بساعات معينة. بهذه الوسيلة نمنع انهيار مصالحنا التجارية خلال ازمة فايروس كورونا اللعين.
القرار مضر اقتصاديا لأصحاب المصالح
الاقتصادية لنا ورور قالت بدورها: قرار السلطات المسؤولة بإغلاق المصالح التجارية خلال شهر رمضان بساعات المساء والليل ناتج من محاولة سيطرة على الشارع العربي في ظل كورونا ومنع انتشار المرض. بدون شك القرار مضر اقتصاديا لأصحاب المصالح التي تنتظر شهر رمضان لإنعاش وضعها المادي وعلى الاخص في ظل الاوضاع الاقتصادية الصعبة. كان بالإمكان على السلطات المسؤولة فرض تشديدات ومنهج عمل يفرض على اصحاب المحلات قبل اتخاذ سياسة الاغلاق. على السلطات المحلية التوجه للحكومة ووزارة الصحة لتغيير القرار والتوصل الى حل وسط مناسب يضمن تدخل السلطات المحلية لفحص وضمان التزام المحلات والسكان بمنهج يناسب الظروف الصحية.
المستشار والخبير الاقتصادي خالد حسن قال: رمضان شهر الخيرات والبركات، روحانياً واقتصاديا، فكم مصلحة تجارية تنتظر هذا الشهر الكريم بفارغ الصبر لكي تحقق ما لم تستطع تحقيقه طوال العام. ناهيكم عن المدة الزمنية الطويلة فنحن نتكلم عن شهر كامل ومتواصل حيث تتغير خلاله جميع المنظومات والتصرفات الشرائية لتصبح قوة شرائية أكبر وأربح. بل وهناك قطاعات تزدهر وتنمو موسمياً وخصوصاً في رمضان. طبعاً هذا لا ينطبق فقط على المصالح التجارية العربية بل غالباً ما نرى الشركات المنتجة الإسرائيلية الكبرى والتي تتسابق للوصول إلى المستهلك العربي في رمضان "بحلة رمضانية" جديدة و"بحملات رمضانية" خاصة ومشجعة.
خسائر فادحة!
واعتبر حسن أن فايروس كورونا جاء لكي يبدد أحلام من حلم في عالم التجارة وجاء لكي يضرب برامج أصحاب المصالح التجارية والمستهلكين على حدٍ سواء، خصوصاً في ظل تخبطات حكومية وقرارات رسمية لا تتفق مع عادات المستهلكين في رمضان ولا تُرضي نهم التجار.
ونوه: أهم القرارات الرسمية التي صدرت كان قرار إغلاق المصالح التجارية بين الساعة السادسة مساءً حتى الساعة الثالثة فجراً، طبعاً هذا القرار كان بإيعاز من بعض رؤساء السلطات المحلية العربية بهدف واحد ووحيد وهو منع التجمهر حفاظاً على صحة المواطنين، هذا الايعاز كان ينقصه بصمة خبراء اقتصاد من مجتمعنا العربي، الأمر الذي أثار حفيظة خبراء الاقتصاد وأصحاب المصالح التجارية على حدٍ سواء. حيث قدم العديد من خبراء الاقتصاد إلى الجهات المسؤولة وبضمنها القيادة العربية أبعاد هذا الإغلاق غير المدروس على الاقتصاد في مجتمعنا العربي عامة وعلى الحركة التجارية في رمضان خاصة، مما حدا بالحكومة إلى تقليص ساعات الإغلاق لتصبح من الساعة السابعة والنصف مساءً وحتى الساعة الثالثة فجراً.
وأضاف: ممكن أن نتساءل هنا قبل التعرض إلى حجم الخسائر المترتبة على هذا الإغلاق، هل قرار الإغلاق هو الحل الأوحد الموجود في مجتمعنا لتفادي العدوى بفايروس كورونا؟ هل إذا توجهت السلطات المحلية والمركزية إلى الجمهور بواسطة حملات توعية ستفي بالغرض؟ هل قلة القدرة على السيطرة من قبل السلطات هي التي تجبرهم على الإغلاق الكلي؟ دائماً ما كنت أراهن على وعي الجمهور، فإذا ما طالبنا بعدم الإغلاق لكي نحافظ على اقتصاد مجتمعنا فهل سيظهر الجمهور وعي كافٍ لتجنب انتشار الفيروس؟ هناك أسئلة كثير تُطرح ولكن حتى اليوم هناك محلات تجارية تعاني الأمرين فنسبة انخفاض المبيعات تتراوح بين 30% وحتى 100% من جهة، ومن جهة أخرى فإن أولئك أصحاب المحلات ما زالوا يبحثون عن منقذ أو معين ولكن وللأسف الشديد دون جدوى. كيف تأتي المساعدة وقد سلمت الحكومة أنابيب الأوكسجين للبنوك ووضعوا بأيديهم حق الخيار، لمن يعطوا ولمن لا. قرار الإغلاق منذ بدايته لم يكن مدروساً ولم يؤخذ بالحسبان جميع الجوانب والأبعاد سوى، ولربما، الجانب الصحي وهو الأهم طبعاً، ولكن في مجتمعنا العديد من خبراء الاقتصاد والاستراتيجيين والذين من شأنهم إن يكونوا عوناً وداعماً لقرارات مصيرية سليمة على المدى القريب والبعيد.
المصالح المحلية الصغيرة في البلدات العربية هي عماد الاقتصاد المحلي
غيداء ريناوي الناشطة الاجتماعية والقيادية المؤثرة قالت ل "بكرا": يواجه المجتمع العربي الصعوبات الاقتصادية الجمة في ظل أزمة كورونا، حيث من المعلوم ان أكثر من 40% من العائلات تحت خط الفقر في الدولة هي عائلات عربية، بالإضافة الى أن المجتمع العربي هو على هامش الاقتصاد الاسرائيلي، وأن جل المصالح التجارية والمالية العربية هي مصالح صغيرة. تأتي كورونا لتذكرنا مرة أخرى بهذه الحقائق، وتأتي الدولة لتخصص صندوق طوارئ بتسهيلات مشروطة للمصالح الصغيرة والمتوسطة.
ورأت ريناوي ان المصالح المحلية الصغيرة في البلدات العربية هي عماد الاقتصاد المحلي، ولكن، ومن خلال فحص أولي لشروط الاستيفاء بهذه القروض نرى أن صاحب المصلحة الصغيرة من البلدات العربية، صاحب الدكان أو المكتبة او بائع الفلافل أو صاحبة المتجر هي بكثير من الحالات شروط تعجيزية.
واختتمت قائلة: مما يزيد من خطورة التوجه نحو اسواق الاستدانة غير الرسمية. على المؤسسات الرسمية العمل والقيادات المحلية العربية من رؤساء مجالس وجمعيات أهلية من ضرورة إقامة صندوق قروض خاص للمصالح الصغيرةֿ العربية التي لا تستوفي شروط البنوك للقروض بضمان الدولة. وأخيرا أدعو الجميع لتشجيع الاستهلاك المحلي البلدي لما فيه من منفعة للعموم. ورمضان كريم.
[email protected]
أضف تعليق