هزت صورة لعاملين في فرع البناء في بئر السبع وهما يواسيان بعضهما البعض بعد ان سقط زميلهما في العمل من مبنى مكون من 13 طابقا ولاقى حتفه، هزت المشاعر والابدان الا انها لم تحرك ساكنا للجهات المختصة الحكومية، فالحادثة الأخيرة والتي في اعقابها لقي عامل، في الثلاثينيات من العمر، مصرعه بورشة بناء في مدينة بئر السبع، شهدت نفس المسار بدءا من الشرطة التي كالعادة فتحت ملفا للتحقيق في ملابسات الحادث إلى جانب إخطارها ممثلي مكتب وزارة الاقتصاد والصناعة والتجارة والتشغيل، وفقا للمقتضى. الا ان حيثيات الإعلان عنها هذه المرة ارفقت بصورة لزملاء الضحية تجولت في فيسبوك لتلقي الضوء على معاناة هذه الشريحة من العمال.

في اعقاب حادثة العمل الأخيرة يرتفع عدد ضحايا حوادث العمل في عام 2020 الى 12 ضحية في حين أجبرت الحكومة على تقليص عدد المفتشين والمراقبين على ورشات العمل حتى 70% ضمن إجراءاتها الوقائية والاحترازية للحد من انتشار كورونا الا انها لا تحرص بالفعل على الزام العاملين والمقاولين التقيد بتعليمات الوزارة الوقائية لحمايتهم من الإصابة بالفايروس ونظرا للأوضاع الاقتصادية التي سببتها الازمة لا زالت الحكومة تتباطأ تتخاذل بالبدء بالعمل بالنموذج الأوروبي لمنع حوادث البناء بذريعة ادراجه بشكل تام على مدار سنوات.
في عام 2019 قتل 86 موظفا عندما كان 56 % منهم من فرع البناء وما زالت الارقام في الارتفاع هذا العام ايضا. جهود النضال ومكاتب الحكومة لم تساعد! وما زال عدد الوفيات مستمر في الارتفاع في الرسم البياني الاحصائي. 35000 عامل بتصريح و20000 بدون تصريح، مقاولون يهربون عمال فلسطينيون بتشجيع من السلطات الإسرائيلية التي باتت حريصة على عدم اجراء تصليحات في فرع البناء لأنها تستقطب الفلسطينيين الذين وضعوا ارواحهم على كفوفهم لكسب لقمة العيش، لتتركهم السلطات الإسرائيلية لمصيرهم المحتوم.

من أجل لقمة العيش تعرضوا وعائلاتهم لخطر الاصابة بالفيروس

النائب عايدة توما- سليمان رئيسة لجنة الرفاه والعمل تطرقت الى الموضوع معقبة ل "بكرا": عمال فرع البناء، عمالنا؛ الذين أغلبيتهم من العرب، لم يتوقفوا عن العمل أثناء هذه الأزمة التي اجتاحت البلاد. من أجل لقمة العيش تعرضوا وعائلاتهم لخطر الاصابة بالفيروس. كنت قد ناقشت وضعيتهم في اللجنة الخاصة للرفاه والعمل، وطالبت الوزارة النظر في ظروف عملهم الصعبة وتطبيق التعليمات اللازمة للحفاظ على صحتهم ومنع العدوى.

كما قالت توما-سليمان: الحكومة قامت بتعريف عمال البناء بأنهم أساسيون، وفي الوقت نفسه قامت بإخراج مفتشي الأمان في الورشات إلى عطلة غير مدفوعة الأجر، الأمر الذي يفضح سياسات هذه الحكومة التي يهمها فقط اقتصادها وليس حياة المواطن".
وطالبت توما-سليمان الوزارة بتوفير التأمين الصحي وأماكن النوم للعمال الفلسطينيين التي أجبرتهم على المكوث ضمن حدود الدولة وعدم الخروج في هذه الفترة.

وناشدت العمال قائلة: عمالنا الأعزاء، أنتم من واجهتم بشكل يومي خطر حوادث العمل، تواجهون الآن خطر الاصابة بعدوى كورونا، نرجوكم الحفاظ على أنفسكم لأجلكم وأجل عائلاتكم، وعدم التفريط بأي حق تستحقونه، لأنه وللأسف حتى الآن الحكومة تريدكم في العمل ولكن لا تريد حمايتكم.

وقد جاءنا تعقيب من معهد السلامة والامن في ورشات البناء كالتالي: يعمل معهد السلامة والنظافة (MUSL) على تعزيز ثقافة السلامة المهنية والصحة المهنية في جميع قطاعات الاقتصاد. في الأسابيع الأخيرة، شارك المعهد في جهود المجتمع الإسرائيلي لوقف انتشار فيروس كورونا والعمل في حالة الطوارئ هذه وفقًا لإرشادات وزارة الصحة. كجسم رائد في مجال السلامة في العمل وتقديم التوصيات المهنية أيضًا في مجال الصحة المهنية المتعلقة بالحفاظ على النظافة، نوصي دائما ونراقب استخدام الأقنعة وفقًا للمعايير، وضمان التطهير والحفاظ على المسافات كلما أمكن ذلك. إلى جانب ذلك، يستمر المعهد في إدارة "خط الحياة" الذي يسمح للجمهور بالإبلاغ عن أخطار واضحة وفورية في مواقع البناء

فيروس كورونا قد يعبر ولكن فيروس الإهمال متجذر في السياسة الموجهة ضد الفئات المستضعفة

النائب سندس صالح المتابعة لحوادث العمل وخصوصا في فرع البناء منذ ان بدأت عملها الاجتماعي والسياسي حيث أسست جمعية "مجتمعنا" التي من خلالها تابعت هذه القضية بكل تفاصيلها كتبت بدورها عبر صفحتها الخاصة في "فيسبوك" بعد ان نشرت صورا لحادثة عمل: هذه الصور لا تُقلق وزارة العمل، والقتيل الآخر في ورشات البناء يضاف إلى قائمة الضحايا، ويبقى عمال البناء هم الفئة المُهمشة، الشفافة للوزارات المختلفة. فيروس كورونا قد يعبر ولكن فيروس الإهمال متجذر في السياسة الموجهة ضد الفئات المستضعفة. ومرة أخرى قتيل اخر في ورشات البناء.

وطالبت صالح باستراتيجية جديدة ضمن بنود عدة ذكرتها في منشورها لمنع الضحية القادمة وقالت: ممكن منع الضحية القادمة من خلال زيادة عدد المفتشين، إدخال معايير جديدة في العمل وفي المعدات. تحديد بنود " امن وأمان" في المناقصات المختلفة، قوانين تمنع الشرك التي تخالف القانون بالتقدم للمناقصات. فحص معدات العمل المرافقة في بداية عمل اي ورشة وجاهزيتها (مثل الرافعة).
وتابعت: تحذير العمال الذين لا يلتزمون بالقوانين ومنعهم من الاستهتار بهذه التعليمات، دورات توجيه وتعليمات وقائية باللغة العربية مباشرة للعمال، تخصيص ميزانيات للعمال أكثر وضمان حقوقهم القانونية، إقامة اتحاد عمال البناء وليس فقط اتحاد المقاولين، تحقيق فوري بملفات الإهمال وتغريم كل جهة مسؤولة عن الإهمال.

تناقض في سياسة الحكومة

بدوره أشار دخيل حامد من نقابة العمال "هستدروت" الى ان : هناك تناقض في سياسة الحكومة وقال ل "بكرا" في هذا السياق: فهي من جهة تعلن انه قطاع حيوي ومن جهة تقلص عدد المفتشين وقسم منهم لا يملك سيارة ليتنقل بها بين ورشات العمل ويستعمل المواصلات العامة وفي ظل عدم توفر المواصلات يصعب الامر اضعاف، وكون ان الأغلبية الساحقة من حوادث العمل هم من العمال الفلسطينيين والعمال الأجانب ومهاجري العمل لا يحرك لدى الحكومة ساكنا والحكومة همها كبرى شركات العقارات والبنوك ولا تكترث بحياة العاملين وتقوم بتطبيق سياسة اهمال متعمد وهي فضيحة بكل ما يتعلق بالأمن والأمان في قطاعات العمل المختلفة وخصوصا البناء، أصبحت مصيدة ولا تتخذ الإجراءات الوقائية الأساسية وظاهرة الرافعات مقلقة جدا وحتى قبل فترة كان هناك تزييف لرخص تفعيل الرافعات اذ يشغلون رافعة دون الحصول على الحد الأدنى من المعايير. الان يستغلون الظروف الاستثنائية وانتشار كورونا لتعم الفوضى أكثر من السابق.

العامل يتحمل المسؤولية

كامل من مؤسسة الأمان في وشات العمل قال: لا شك ان الوسط العربي له الحيز الأكبر من حوادث العمل في فرع البناء، نواجه مشكلة صعبة جدا، انا كمرشد امان بفرع البناء واعمل في ورشات البناء وارى ان العمال يقومون بالعمل بشكل خاطئ ولا يستجيبون للتعليمات ونؤمن ان كل الأمور هي قضاء وقدر، نقوم في مؤسسة الأمان على متابعة فقط عمال البناء من خلال ورشات ومساقات حول الامن والأمان، نحن كمؤسسة مشرفة على الأمان في ورشات العمل لم نقلص عدد المشرفين والمراقبين ولكننا نعمل بالتوازي مع الدولة، هذا التقليص غير صحيح ومقبول ولكنه جاء بالتوازي مع تقليص عدد العمال، المشكلة الرئيسية هي العامل فهو يخاف المطالبة باقل حقوقه وهي ان يعمل في بيئة آمنة لأنه يخاف ان يتم فصله من العمل، ولكننا نحاول جاهدين ان ننصح العامل انه لا يجب ان يقوم بأي امر يشكل خطورة على حياته وان يواجه المقاول ويطلب منه معدات الوقاية والامن
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]