إن استفحال الجريمة، وأحداث إطلاق النار في الأيام الأخيرة في المدينة، وخاصة في هذه الأيام العصيبة التي يعيشها الناس، بسبب وباء كورونا، تثير القلق أكثر من أي وقت مضى، خاصة وأن هذا الانفلات يأتي في ظل انشغال الناس بالوباء، وغياب الرادع القانوني، بل وغياب الشرطة كليا عن الساحة، حيث لا تظهر إلا بعد وقوع الجريمة، وليس لديها على أرض الواقع أية خطة لمواجهة وباء جرائم إطلاق النار والعنف الذي يتفشى في المجتمع تفشي الأمراض الخطيرة.

إن هذه الحوادث التي باتت تتكرر مؤخرا، دون رادع، ودون وازع، إنما هي مؤشر خطير على انفلات أخلاقي وانفلات أمني على حد سواء، وهذا الانفلات يحتاج إلى علاج على كافة الأصعدة القانونية الرادعة، وعلى صعيد التوعية الاجتماعية والتربوية والأخلاقية، وهذا يحتاج إلى جهود كبيرة تتكاتف فيها جميع الهيئات واللجان الأهلية والشعبية من كافة المشارب والتوجهات، فإن هذا الخطر يستهدفنا جميعا ويمسُّنا جميعا، بل هو طعنة في خاصرة مجتمعنا، في ظل التجاهل التام من المؤسسات والجهات الرسمية وعلى رأسها الشرطة، التي يبدو أنها لا تُحسن سوى تحرير المخالفات في الشوارع، بل إن تعاطي الجهات الرسمية مع العنف في مجتمعنا يترك انطباعا حقيقيا أنها معنية به وباستمراره، ولا نية لديها في استئصاله، وهي تستطيع ذلك دون أدنى شك.
إن لجنة إفشاء السلام في الناصرة تدعو إلى تنظيم حملة توعية، على أوسع نطاق في المدينة، خاصة في أيام شهر رمضان المبارك، الذي يشكل فرصة ذهبية لإيصال الرسائل إلى عناوينها الصحيحة.
وإن لجنة إفشاء السلام في الناصرة تدعو كل من يحملون السلاح ويرفعونه في وجه الناس الآمنين، ويصيبون به الأبرياء، تدعوهم إلى التوبة النصوح وإلى ترك طريق العنف، فهذه الطريق نهايتها وخيمة على الجميع، وأول من يدفع الثمن هو حامل السلاح نفسه، الذي إن كان يظن أنه سينجو من العقوبة في الدنيا، فإنه لن ينجو منها في الآخرة.
إننا نعلم أن أسباب العنف واستخدام السلاح متعددة وخلفياتها كثيرة، ولذلك فإن العلاج يجب أن يتلاءم مع الأسباب والدوافع. ولكن أكثر ما يجب التركيز عليه هو كون أحد أخطر الأسباب هو السوق السوداء وتوابعها من عصابات الخاوة وشبيهاتها، فهؤلاء لا يرون الحياة إلا من خلال فوهة المسدس أو البندقية الرشاشة، ومالُهم حرام ومأكلهم حرام ومشربهم حرام وملبسهم حرام، ويطعمون أولادهم من مال حرام، وهذا إنما يدل على تعاسة عيش هؤلاء الناس الذين يعيشون في الظلام وخلف الأقنعة، بدلا من أن يتركوا هذا الطريق، ويختاروا العيش في النور، وبكرامة وبلقمة حلال، هي خير من الدنيا وما فيها.
إننا مع تحميلنا للجهات الرسمية للمسؤولية كاملة، لأن الجريمة لا تنتشر إلا في بيئة يغيب فيها القانون ووسائل الردع المختلفة، فإننا نعبر عن عدم ثقتنا بأجهزة ضبط القانون والنظام وعلى رأسها الشرطة، ولذلك ندعو مجتمعنا إلى التكاتف لوضع حد لهذا النزيف، لنحقق مجتمعا آمنا خاليا من العنف، خاليا من السلاح الجبان، خاليا من أسباب القلق والتوتر ونشر الرعب وترهيب الناس.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} (يونس: 57).
فيا أيها الذين يحملون السلاح ويرفعونه في وجوه إخوانهم وجيرانهم وأبناء بلدهم وأبناء شعبهم، أيا كانت الأسباب، فإن هذه أفعال الجبناء، لا أفعال الرجال، فتوبوا إلى ربكم قبل أن ينزل العذاب والعقاب في الدنيا قبل الآخرة، واعتبروا مما يدور حولكم، ومما يصيب غيركم، وتذكّروا أن لكم أُسْرةً وأطفالا هم أمانة في أعناقكم، وإنما هم مِرآة أفعالكم، فاحذروا!!
لجنة إفشاء السلام-الناصرة
5 رمضان 1441 هـ./ 28 نيسان 2020 م.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]