في معرض الحديث عن قضية تمثيل النساء والمواطنين العرب في لجنة المختصين الاستشارية التي تقدّم الاستشارة لمجلس الأمن القومي في إسرائيل بشأن مواجهة وباء كورونا المستجد (covid 19)، كان لموقع بكرا هذا اللقاء مع المحامية والحقوقية د. راوية أبو ربيعة، زميلة البحث في أكاديمية بولونسكي التابعة لمعهد فان لير، المختصة بموضوع القانون والجندرية.
بداية سألناها بالنسبة لتمثيل العرب في الهيئة الاستشارية التابعة لمجلس الأمن القومي، علما أن أزمة الكورونا بالمجمل تديرها الهيئات الأمنية في إسرائيل، وقد كانت إحدى الشكاوى التي تم الاستماع لها أن هذا المجلس لا يشمل نساءً ولا مواطنين عرب. لكن هل علينا فعلاً كمواطنين عرب نطالب بالمساواة القومية والجندرية أن نطالب بالتمثيل في مثل هذه الجهات الأمنية، هل هذه المطالبة صحيحة بأي ثمن؟
نعترض مبدئيا على المعالجة الأمنية لأزمة الكورونا!
فأجابت: "طبعا لا بالتأكيد. نحن هنا في مأزق حقيقي. دعني أقول بداية إن لدي اعتراض مبدئي على أن تكون جهات أمنية وعسكرية هي التي تدير هذه الأزمة. هذه أزمة عالمية، صحية اقتصادية مدنية، وقد رأينا كيف تم التعامل معها في الدول الأخرى، هنالك نماذج أنجع وهنالك نماذج أقل نجاعة مثل أمريكا حيث لم يعرفوا كيفية التعامل معها بصورة صحيحة. لكن بالتأكيد هنالك اعتراض مبدئي كفلسطينية وكامرأة وحتى كمواطنة، فلا يعقل أن تكون أزمة مدنية من هذا النوع تحت إدارة مثل هذه الجهات".
بكرا: دعينا نتجاهل للحظة موضوع التمثيل القومي والجندري، وعلما أن الأزمة – كما قلت – تتطرق إلى الجانب الصحي والجانب الاقتصادي وغيرها من الجوانب التي تعتبر أساسية ووجودية بالنسبة لأي دولة، أليس بالإمكان – بصورة موضوعية تماما – رؤية القضية كقضية أمن قومي فعلا؟
أبو ربيعة: "هي بالتأكيد أزمة أمن قومي، ولكننا نعرف أيضا أن هنالك مشكلة في هذه الدولة، أنه يتم تأطير كل شيء وأي موضوع ضمن الإطار الأمني وهذه الأجسام والجهات، لذلك علينا أن نكون بصورة دائمة حذرين جدا بالتعامل مع هذه الجهات، وأن تكون لدينا بصورة دائمة نظرة نقدية، حتى في فترات مثل هذه الفترة التي تعتبر أزمة عالمية، ولا نستطيع أن نسمح لأنفسنا بالتوقف عن كوننا نقديين. لكن بالرغم من ذلك، حتّمت علينا الظروف أن يكون الوضع على ما هو عليه، هنالك جهة معينة (أمنية) تعالج هذه القضية، وبما أن هذه الجهة قامت بتشكيل طاقم من المهنيين لا يتضمن وجود العرب أو النساء، فيجب علينا المطالبة بالتمثيل، لأن قضية التمثيل اللائق هي أيضا قضية قانونية ونحن نطالب بصورة دائمة بالتمثيل اللائق للعرب وللنساء في كافة الهيئات الموجودة، حتى خلال الأوضاع العادية. وسبق لي على المستوى الشخصي أن قدمت التماسا للمحكمة للمطالبة بالتمثيل اللائق للعرب وللنساء في دائرة أراضي إسرائيل، لا نستطيع أن نسمح لأنفسنا بعدم التواجد كمواطنين. نحن نرى ما يحصل الآن في دير الأسد وفي رهو وأم الفحم، وما زال هناك غيرها. طبعا هنالك خصوصية ثقافية واجتماعية لنا، سواء كفلسطينيين أو كنساء، ويجب أن يكون هنالك أناس من مجتمعنا يمثلوا هذه القضايا".
علينا أن نطالب بالتمثيل، ونؤكد بأنه مؤقت
بكرا: في هذا الصدد، أليست هنالك خشية – كمجتمع عربي فلسطيني – من الانزلاق الأمني. رغم أن القانون ينص فعلا على التمثيل اللائق للأقلية القومية العربية، ولكن ألا نخشى من التمسك بنص القانون، ولكن ألا نخشى أن يكون مثل هذا التمثيل مقدمة للخدمة الوطنية والقومية – كما جاء في مقالة لأحد الباحثين في معهد أمني نشرت اليوم- ومن الانزلاق الأمني باتجاه الخدمة الأمنية في أجهزة الأمن الإسرائيلية؟
أبو ربيعة: "لا، لذلك علينا أن نقول إننا نتواجد الآن في فترة طوارئ، وأن نحدّد التمثيل في هذه اللجنة لهذه الفترة فقط. طبعا هنالك الكثير من الأشخاص الذين يحاولون استغلال هذه الفترة – مثل كاتب المقال المذكور – للقيام ببروباغاندا بالنسبة لقضية التجنيد والخدمة الوطنية، لكن من المهم جداً أن نقوم نحن، من منطلق الوعي والتسييس، أن نعرف أننا قطعنا شوطا في هذا المجال، ولم نعد بعد في نفسية (العربي الجيّد)، اليوم لدينا كوادر ولدينا مهنيين وأكاديميين، ولدينا أيضا وعي سياسي".
نحن من نعطي الشرعية للخطاب وللأشخاص، وشعبنا واعٍ كفاية
بكرا: صحيح أننا لسنا في هذه النفسية، ولكن المحكمة الإسرائيلية التي تأخذ بنص القانون في الغالب، بإمكانها أن تقول إذا أردتم ممثلين، هؤلاء ممثليكم – من تختارهم المؤسسة الإسرائيلية – فكيف نستطيع نحن أن نفرض على المؤسسة الإسرائيلية أن يكون هؤلاء الممثلين يمثلونا أمام الحكومة ولا يمثلون الحكومة امامنا؟
أبو ربيعة: "هنالك عدّة قضايا، وبضمنها قضية تقديم القائمة. هنالك دائما حجج، مثلا عندما يكون هنالك مؤتمر، ويكون فيه تمثيل للعرب، أو للنساء، يقولون: لم نجد أشخاص مختصين بهذا المجال، وعندها يتم طرح قوائم، مثلا هنالك موقع الإنترنت إي ليست، للمختصين. عندما يكون عليهم إجراء مقابلات مع عرب، لا يجدون مختصين في مجالات معينة، فتم إنشاء هذا الموقع الذي يتضمن مختصين وأكاديميين عرب، ومن الممكن أن يقولو لدينا مختصين ولا حاجة لهذه القائمة. الأمر الثاني باعتقادي هو القضية التراكمية، القضية هنا ليست قانونية فحسب، هذه قضية اجتماعية وقضية خطابنا الداخلي، نحن نعطي شرعية لخطاب معين ولأشخاص معينين، وننزع الشرعية عن أشخاص أو خطاب معين. عندما تكون هناك شرعية لشخص مثل كاتب هذا المقال في مواقع عبرية معينة، أنا لا أعلم كم من الشرعية يملك في الشارع الفلسطيني. أعتقد أنه لا يملك أي شرعية في الشارع الفلسطيني. أنا أعتقد اليوم أن الشارع الفلسطيني واعٍ، وهذه الظواهر هامشية، ويجب أن تكون لدينا – كمجتمع – ثقة بالنفس، لقد قطعنا شوطا طويلا، وبشكل عام ليس لدينا شرعية للخطاب المتأسرل والخطاب غير المسيّس أو الانبطاحي، ومن المهم جدا أن نبقى طوال الوقت – من جهة- نطالب بالتمثيل، ومن الجهة الأخرى أن نتحدث عن ما هو التمثيل الذي نريده، أي أن يكون تمثيلا جوهريا وليس تمثيلا تقنيا وشكليا فقط. هذا جزء من الخطاب الذي يجب علينا ان نطرحه طوال الوقت، وأن نستمر طوال الوقت بالنقد. مثلا في حال تم تعيين شخص لا يمثل قضايانا بصورة نهائية، من الممكن أن نضغط عليه ليستقيل وأن نقول إنه لا يمثلنا. لكن أود أن أؤمن بانها لجنة مهنية وأن تشمل أشخاصا مهنيين نستطيع أن نتقبلهم سواء كانوا أطباء أو علماء أو اقتصاديين لأنهم يخدمون مصلحة شعبهم".
بكرا: ختاما، بحسب معلوماتك، هل تم تقديم قائمة بأسماء للانضمام لهذه الهيئة؟ وهل حصل تقدم على هذا الصعيد؟
أبو ربيعة: "أنا أعلم أنه تم فعلا تقديم مثل هذه القائمة، لكني لا أملك المعلومات والتفاصيل الكافية لأقدم الإجابات حول مدى التقدم أو أسماء الأشخاص".
[email protected]
أضف تعليق