محللون: نتوقع حفاظ المشتركة على قوتها ... النظام السياسي لن يستقر

يكثر الحديث في الآونة الاخيرة عن امكانية الذهاب لإجراء انتخابات رابعة في شهر سبتمبر 2020 وذلك بعد الاعلان عن فشل المفاوضات بين حزبي الليكود وكاحول لاڤان.

فما الذي يتوقعه المحللون والخبراء السياسيون في اسرائيل وما هو مستقبل القائمة المشتركة؟ ومن سيشكل الحكومة في حال حصلت انتخابات رابعة؟

مرزوق الحلبي وهو باحث متخصّص في الصراعات ومستشار استراتيجي يعمل في مجال الدراسات المستقبلية والاستشراف قال لـبكرا عن إمكانية اجراء انتخابات رابعة: هو خيارٌ ممكنٌ. والسبب أن الانتخابات الأخيرة كسابقتيْها لم تحسم توازن القوى بين الكتلتيْن. من اللافتِ ـ ورغم كلّ ما يقولونه عن "حنكة" نتنياهو إلّا أنه خسر في نظري ثلاث معارك متتالية رغم أنه خرق كلّ قواعد اللعبة وقاتل بالرئيس الأمريكي وبكل قوى اليمين العالمي. هو يُقاتل بتغيير قواعد اللعب ويُقامر بكل ميزانيات الدولة ويمنحها لشُركائه وجمهور مصوّتيه منذ 12 عاما تقريبًا ـ ومع هذا لم يحسم الانتخابات في الجولات الأخيرة. هناك إغراء أن يُبادر هو إلى انتخابات رابعة بعد أن انهار تحالف "كحول لَبان" مع "يش عتيد" وحزب يعالون. خاصة وإنه يعتقد أن أزمة الكورونا منحته تفوّقًا على خصومه. أنا شخصيًا لا أعتقد ذلك. في العُمق، اليمين على تياراته استنفد قوته في ثلاث جولات متتالية رغم تغيير اصطفافاته. ولن يحصل على نتائج مغايرة كثيرا في انتخابات رابعة إذا جرت. على أي حال لا تزال هناك سيناريوهات غير جولة رابعة. إذا استمرّت المفاوضات أو كلّف نتنياهو بتشكيل الحكومة يعني أن تنفتح بورصة التكهّنات من جديد ـ الكلّ متعلّق بماذا يُريد نتنياهو أن يُحقّق. وأنا أقول ليست كل أوراق اللعب الرابحة في يده ـ هناك محاكمته وإمكانيات فتح ملفّات جديدة ضدّه. وألفت الانتباه إلى أن خارطة الخصوم ستتغيّر بعض الشيء في المرحلة المقبلة".

وعن النتيجة التي يتوقعها في حال حصلت انتخابات رابعة:

أتوقّع أن تحتفظ المُشتركة بقوتها وأن تزيدها قليلا. لكن هذا الوضع لن يبقى طويلا ـ مهما تكن معالم المرحلة المقبلة في المدى المنظور أتوقّع ألا تظلّ الخارطة السياسية العربية على حالها. الأمر متعلّق بالمشتركة نفسها إلى حدّ كبير والناس لا تُعطي شكوك مفتوحة لأحد. إذ لم تتحوّل من شراكة بين أربع قوى متحالفة ـ متخاصمة إلى كتلة سياسية مع مشروع سياسي جامع واستراتيجيا وخطّة عمل فإنها عُرضة للانكفاء والتراجع. الكتلة لا تزال تعمل منفصلة عن بعضها بأشخاصها وتنظيماتها ـ ليس لديها مدير عام ولا ناطق بلسان ولا هيئة استشارية ولا مستشارون ولا طواقم تفكير استراتيجي ولا شيء من هذا. هي أربع مركبّات منفصلة تنسّق لكنها إلى الآن غير قادرة على أن تصير جسمًا واحدًا. هذا مصدر ضعف سيدفع بقوى أخرى في مجتمعنا للميدان بأشكال مختلفة. وأذكّر أن الطاقة الانتخابية للمشتركة تراوح في حدود الـ 60% وما يزيد قليلا من أصحاب حق الاقتراع العرب. مثلا، هناك مكان لشراكة عربية ـ يهودية بشكل لم نعهده من قبل، تُحدث اختراقًا في الفكر السياسي السائد وفي خارطة القوى الانتخابية. هناك قوى "حرّة" من أي التزام للمشتركة بإمكانها أن تنضمّ لأي مبادرة جديدة في الميدان وستكون مبادرات خاصة في المعسكر المناهض لنتنياهو".

وحول هوية مشكل الحكومة في حال كانت انتخابات رابعة، قال: صعب التكهّن ـ لكني لا أرى حسمًا في انتخابات قريبة في غضون أشهر إلا إذا حصلت معجزة."

وفي معرض جوابه على سؤالنا بخصوص استقرار النظام السياسي في اسرائيل، قال:هذا السؤال الأهم. لن يستقرّ النظام السياسي ولن تهنأ الدولة بأي استقرار طالما لم يُحلّ الصراع مع شعبنا الفلسطيني. وهذا ليس شعار ـ لأن الشعب الفلسطيني حاضر هنا بين البحر والنهر بأعداد تساوي أعداد الشعب اليهودي في هذه المساحة. وباعتقادي أن له القول الفصل في نهاية المطاف. لننتبه أن إسرائيل الرسمية بمُعظم نُخبها انسحبت من: أ ـ إمكانية تسوية الصراع على مبدأ تقاسم الأرض وخيار حلّ الدولتيْن وتعتقد أنها قادرة على فرض السيادة الإسرائيلية على فلسطين التاريخية بكاملها. ب ـ أنها انسحبت من كل منظومة اتفاقيات أوسلو وفكرة التسوية بالتفاوض وانتقلت إلى فرض الحلّ من جانب واحد ـ مثلا نزع مواطنة 350 ألف فلسطيني في المثلث. ج- انسحبت من الفكرة اللبرالية التي قامت عليها حتى الآن. وهذه الأمور مجتمعة تعني الذهاب بوعي إلى نظام أبرتهايد واضح، إما أن يكون ناعما أو خشنا عنيفا. أتوقّع أن يحدث هذا في غضون سنوات قليلة لأن القاعدة الأيديولوجية والقانونية والسياسية جاهزة لذلك.

واختتم حديثه: هنا سيأتي دور الشعب الفلسطيني. وأعتقد أنه الطرف الذي سيقرّر في عُمر هذه الحقبة ومآلاتها. يعني نحن ذاهبون إلى عقدٍ عصيب بالنسبة للشعبيْن، عقد لا استقرار فيه".

ازمة حقيقة في المشتركة


وبدوره قال مدير مركز المساواة والمجتمع المشترك في چفعات حبيبة - محمد دراوشة لـبكرا: امكانية اجراء انتخابات رابعة واردة بالحسبان، ولكنها اليوم اضعف السيناريوهات لان حزب بيني چانتس يخاف عواقبها بعد ان زحف الى بنيامين نتنياهو مؤخراً على حساب تجزئة كتلة المركز-يسار مما اعتبره الكثيرون خيانة لثقة المصوتين الذين لا يريدون أي حكومة مع نتنياهو. ولكن على ما يبدو فلا مجال للعودة عن مسار حكومة وحده بالنسبة لهذا الحزب، ولذلك فمن المتوقع انه سيتراجع عن بعض مواقفه وسيرضخ لإملاءات حزب الليكود. ولذلك سيتم تشكيل حكومة ستكون حياتها محدوده ولن تُتَمِّم فترتها الدستورية وقد تندثر بعد سنة او سنة ونصف على اكثر تقدير.

وزاد: القائمة المشتركة علقت في ازمة حقيقية بعد ان قامت بالتوصية على بيني جانتس لتشكيل حكومة بدون حصول على ضمانات بانه سيمتثل لأي من الالتزامات تجاهها. وبعد ان ادار للمشتركة ظهره، فقد تركها في موقف محرج جداً، وأضعف من هيبتها امام مصوتيها.

انتخابات رابعة قريبة ليست في مصلحة المشتركة لان المصوتين قد يتثاقلوا في هذه المرة، وستقل نسبة التصويت لانعدام اي انجاز حقيقي، لذلك فمن مصلحتها ان تكون الانتخابات بعد عام او اكثر، بعد ان تتمكن من استعادة ماء الوجه في دور المعارضة النشِطه في البرلمان.

وأنهى حديثه: استقرار النظام السياسي لن يحدث في اسرائيل بوجود بنيامين نتنياهو كمرشح اليمين. فهو مرشح قوي لا يجرؤ احد تحديه جدياً في الليكود، ولذلك سيستمر بالتلاعب بالسياسة السياسية ليتفادى مواجهة المحاكم والإفلات من عقوبة السجن بتهم الفساد والرشوة. ولذلك سيقوم بفذلكات سياسية جديدة ومبتكرة حتى سقوطه قضائياً. والى ذلك الحين ستستمر حالة عدم الاستقرار.

نجاح المفاوضات

ومن جانبه، قال المحلل السياسي انطوان شلحت لـبكرا:بداية ما زال هناك احتمال لنجاح المفاوضات.. أما في حالة الفشل فهناك سيناريوهان راجحان، الأول: أن ينجح بنيامين نتنياهو في تأليف حكومة يمينية بدعم ٦١ عضو كنيست هم أعضاء الكنيست من معسكر أحزاب اليمين واليهود الحريديم (٥٨ عضو كنيست) + عضو الكنيست أورلي ليفي- أبكسيس + عضوا كنيست أو أكثر من خارج هذا المعسكر.. والثاني، الذهاب إلى انتخابات رابعة..

وتابع: لا أعتقد أن أي أحد معني بانتخابات رابعة.. فمثل هذه الانتخابات ستكون بمثابة مقامرة بالنسبة إلى بيني غانتس بعد أن فكك تحالف أزرق أبيض وزحف إلى حكومة نتنياهو. ومع أن استطلاعات الرأي العام تمنح نتنياهو فوزا في انتخابات رابعة من شأنه أن يؤهله لتأليف حكومة يمينية، فإننا يجب أن نأخذ في الاعتبار أن انتخابات كهذه ستجري في ذروة الأزمة الاقتصادية التي تسبب بها وباء كورونا، ومن شأن ذلك أن يؤثر في نتائجها وفي نسبة التأييد له.

وحول النتيجة التي يتوقعها، قال: من الصعب توقع النتيجة التي ستحصل عليها القائمة المشتركة في حال الذهاب إلى انتخابات رابعة.. وكما سبق أن قلنا مرات كثيرة، فإن نتائج أي انتخابات تكون مرتبطة عادة بما يحفّ بها من ظروف، ولا يكون التصويت مرتبطا فقط بما تجسده المشتركة وتمثله إنما أيضا بما يهدف الناخبون إلى الاحتجاج عليه.. المهم هنا أن يتم الحفاظ على القائمة المشتركة كجسم جامع للمواطنين العرب وكجسم مانع ومقاوم للسياسة الإسرائيلية حيالهم وتجاه القضية الفلسطينية، قضيتهم.

وردا على سؤالنا حول هوية مشكل الحكومة في حال حصلت انتخابات رابعة، قال: لا يمكن التكهن بذلك من النقطة الزمنية الراهنة.. فقد أثبتت عملية تأليف الحكومة بعد الانتخابات الثالثة أن الحلبة الحزبية الإسرائيلية رجراجة وتحمل الكثير من المفاجآت التي يبدو في الظاهر أنها غير متوقعة، أو غير منطقية.

واختتم حديثه:ما يمكن قوله الآن هو أن عدم الاستقرار هو عنوان المرحلة المقبلة في الأفق المنظور، سواء تم تأليف ما يسمى حكومة الوحدة أو الطوارئ، أو فشلت جهود تأليفها وتسبب ذلك إما بتأليف حكومة يمينية بدعم ٦١ عضو كنيست أو بالذهاب إلى انتخابات رابعة.