ستدفع كل دول العالم ثمن تفشي فايروس الكورونا وثمن الإجراءات والخطوات التي تم اتخاذها لمواجهته، لكن كما هو الحال دائما، سيكون هنالك من يدفع ثمناً أكبر.
فبحسب دراسة أجرتها مؤسسة UNU (United Nations University)، التابعة للأمم المتحدة، من المنتظر أن يتدهور أكثر من نصف مليار شخص حول العالم إلى الفقر المدقع. ستكون هذه أول مرة منذ سنوات الـ 90 من القرن الماضي التي يشهد العالم فيها ارتفاعا بحالات الفقر المدقع، بل إن الأمر في بعض الدول سيصل حد التراجع إلى الحالة التي كان الوضع عليها قبل 30 عاما.
في نهاية شهر شباط المنصرم، كتب باحثون في عدد من المعاهد البحثية إنه وبعد عقد من النجاح في كبح جماح الفقر المدقع، لا شك بأن سكان العالم أصبحوا الآن أكثر استقرارا من الناحية المادية، وهم في أفضل وضع في تاريخ الإنسانية. هذا تماما ما كان قد قاله جيم يونغ كيم، رئيس البنك الدولي قبل نحو سنة ونصف: "على مدار 25 عاما، نجح مليار ونصف من بني البشر بإنقاذ أنفسهم من الفقر المدقع، وقد أصبحت نسبة الفقر المدقع حول العالم عند أدنى مستوى في التاريخ. إنه أحد أهم إنجازات الإنسانية". لكن الآن، أصبحت هذه الإنجازات على شفا الهاوية!
اليوم، يعيش نحو 600 مليون شخص في حالة من الفقر المدقع، وذلك في مقابل 736 مليون شخص عام 2015 (ما يمثل نحو 10% من سكان العالم) بحسب معطيات البنك الدولي، بينما كان هذا العدد يبلغ 804 مليون شخص عام 2013 (أي 11% من سكان العالم).
انخفاض في الهند، وارتفاع في أفريقيا...
مع ذلك، وبرغم هذا الإنجاز، أعربت الكثير من الجهات المختصة خلال العامين الماضيين عن خشيتها من أن وتيرة انخفاض عدد الأشخاص الذين يعيشون في حالة من الفقر المدقع تباطأت بصورة ملموسة، وأنه يجب البدء بالتفكير بطرق جديدة من أجل الحفاظ عليها. كذلك، وعلى الرغم من أن السنوات القليلة الماضية شهدت انخفاضا كبيرا في عدد الفقراء في الهند من 125 مليون فقير قبل سنتين إلى 87 مليون (فقط!) هذه السنة، إلى أن عدد من يعيشون في فقر مدقع ارتفع كثيرا في أفريقيا.
على رأس قائمة الدول المثيرة للقلق، تتربع نيجيريا، وهي دولة عملاقة يقطنها 200 مليون شخص، منهم نحو 96 مليوان – 48% من السكان – يعيشون في فقر مدقع، أي بدخل يومي لا يتجاوز 1.90 دولار. وبالمعدل، فإن العالم يشهد انضمام أربعة أشخاص آخرين في نيجيريا، كل دقيقة، إلى هذه الإحصائيات. كل هذا، ولم يتم الحديث عن تأثير وباء الكورونا على هذه الدولة بعد.
نتائج مدمّرة
في إطار تقرير الـ استخدم الباحثون معطيات البنك الدولي وقاموا بفحص إسقاطات تراجع صرف الأموال في مختلف المرافق الاقتصادية على ثلاثة مستويات مختلفة: الأجر اليومي حتى 1.90 دولار، 3.20 دولار و 5.50 دولار. وتظهر نتائج البحث أنه حتى لو تراجع مستوى الاستهلاك بنسبة 5% فقط، فإن هذا سيؤدي إلى ارتفاع كبير بمستويات الفقر المدقع، في أعقاب تراجع الدخل.
"ستكون النتائج مدمّرة"، يقول أحد معدّي الدراسة... "سيكون هناك تسونامي من الفقر"....
يذكر أن أحد الأسباب التي دعت إلى نشر هذا التقرير هو محاولة تحفيز حكومات العالم على فهم الوضع الحالي، ودفعها نحو اتخاذ المزيد من الخطوات في إطار التعاون الدولي.
[email protected]
أضف تعليق