على ما يبدو ان الخطة الاقتصادية المنقذة التي طرحتها الحكومة مؤخرا للخروج من ازمة كورونا بسلام لا يتم تنفيذها فعليا اذ انه اقتصاديا معظم المصالح ستتوقف عن العمل وتعلن افلاسها، نسبة 20 وحتى 40 بالمئة من الاجيرين الذين خرجوا الى سوق البطالة لن يعودوا الى عملهم بالتأكيد، ما سيرفع نسبة الفقر والبطالة السوق السوداء بدأت تنشط وتنتعش وتوسع نشاطها اكثر، ستبدأ بمحاولة السيطرة على البيوت حالات العنف والقتل وبؤر الاجرام التي حاربناها لسنوات ستجد منفذا لها مجددا الى مجتمعنا دون رادع، سنتحول الى غابة يأكل القوي فيها الضعيف وسط تفرج اصحاب السلطة، الذين حاولوا الموازنة بين الاقتصاد وصحة المواطنين غير ان الكفة رجحت لصالح السوق الاقتصادية والرأسمالية الامر الذي لمسناه في بنود خطة اقتصادية هشة لم تنفذ حتى ودفعت بالمواطنين الى الهاوية، السلطات المحلية هشة وضعيفة في ظل انتخابات متعاقبة وانعدام الميزانيات حيث ستطالها براثين الاجرام والخاوة اذ تعتبر بالأساس مغناطيس حيوي لهذه الآفات.
انتحارا ماليا وشخصيا
المحاضر والمحلل الاقتصادي عصمت وتد قال: الأزمة الحقيقية التي سببها فايروس كورونا ليست صحية وإنما اقتصادية. وهذا يبرز من خلال الأرقام القياسية المرعبة كمليون ومئة ألف باطل عن العمل من الأجيرين، وعشرات آلاف المستقلين الذين أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الإفلاس والإملاق. وآلاف الشركات الخاصة التي تعاني من هبوط حاد في مبيعاتها وسيولتها. كل ذلك حدا بالبنوك التجارية، التي بدأت تخاف على حصانتها الاقتصادية وكيانها المالي، بتغيير سياستها المتساهلة، نوعا ما، مع عملائها، وبدء التعامل معهم بحذر شديد، فأغلقوا عليهم مجال التنفس ماليا وتمويليا رافضين مدهم بالقروض والاعتمادات، مما دفع هؤلاء الزبائن إلى اللجوء إلى "السوق الرمادية" رغم أنفهم كملاذ أخير وإلا فالهلاك والدمار.
وتابع ل "بكرا": لكن هذا الملاذ الأخير هو الهلاك بعينه، وإن شئت ممكن تسميه انتحارا ماليا وشخصيا على حد سواء: أقول انتحارا ماليا بسبب نسبة الفائدة الفتاكة القاتلة التي تفوق النسبة التي تعرضها البنوك التجارية أضعافا مضاعفة، وأقول انتحارا شخصيا بسبب عدم مقدرة أولئك المقترضين الماسكين على سداد قروضهم، مما سيؤدي إلى ردة فعل المقرضين التي لا ترأف ولا ترحم بكل ما تحمل هذه الكلمة في طياتها من معنى!!! يجدر التنويه أن المصطلح "السوق الرمادية" هو كناية عن كل جهاز تمويلي مقرض يعمل خارج إطار الجهاز المالي المؤسس والمؤطر والمتمثل في البنوك التجارية المألوفة لنا.
خلق أسواق وزبائن جدد حسب تخطيط مسبق وحسب تعيين أهداف
بدوره الخبير والمستشار الاقتصادي خالد حسن عقب ل "بكرا" قائلا: السوق السوداء إن ازدهار السوق السوداء وتوسع نفوذها وازدياد قوتها لهو منوطٌ بعدة أمور وعوامل وبرأيي، من المهم التشديد هنا بأن هذه العوامل متغيرة وليست ثابتة. والإشارة هنا على قوة وذكاء وخبرة المتحكمين بهذه السوق والقائمين عليها. من الجدير ذكره بأن بداية مصنع الاموال غير الشرعي هذا كانت له أسبابه وأدواته ولكننا نشهد في كل عام تطور خطير في هذه الصناعة المربحة لأصحابها والمضرة للمقترضين وللمجتمع ولاقتصاد الدولة عامة.
وتابع: مقارنةً مع المؤسسات المالية الشرعية في الدولة فإن أصحاب النفوذ بالسوق السوداء يسنون القوانين وينفذونها بمرونة وسرعة فائقة بطرقٍ وأدواتٍ غير شرعية وعندهم قابلية وإمكانية التأقلم مع جميع الظروف لا سيما الظروف المادية الصعبة في أيامنا هذه والتي نتجت عن أزمة كورونا. أخطر ما بالأمر بأن ألقائمين على هذه السوق الرهيبة يملكون القدرة على تسويق بضاعتهم في جميع الحالات حيث إنهم وكما رأينا سابقاً وزعوا القروض لتمويل رفاهيات وكماليات للعائلات هذا الى جانب إقراض أصحاب المصالح ومن ثم السيطرة على مصالحهم، بل الأخطر والأنكى بأنهم يملكون القدرة على خلق أسواق وزبائن جدد حسب تخطيط مسبق وحسب تعيين أهداف.
وأشار قائلا: عندي ظن يلامس اليقين بأن أهدافهم في هذه المحلة الحرجة هي وضع اليد على بيوت سكنية وأملاك وعقارات. أنا لا ألوم فقط البنوك وسياسات الحكومة المالية والأمنية ولكن الى حدٍ كبير ألوم كل من تسول له نفسه للاقتراض بطرقٍ غير شرعية وغير مدروسة. لكي نمنع هذه ألظاهرة أنصح بتنظيم مدخولات ومصروفات البيت أو المصلحة على مستوى شهري وسنوي، وأتوجه لقيادة مجتمعنا العربي بإقامة مركز لمتابعة ومعالجة هذه الظاهرة المقلقة ورصد "رقم ساخن" لتوجه المواطنون، حيث إن المسؤولية سوف تكون مضاعفة على القيادة والمجتمع والدولة إذا ترك هذا الأمر. أخشى بأن تنقضي أزمة كورونا وتتبعثر من بعدها أمراضاً وآفات أصعب من كورونا على مجتمعنا.
تداول هذا النوع من القروض يفوق المليار شيقل بالعام الواحد
المحامي والمختص الاقتصادي رضا عنبوسي قال بدوره: ظاهرة الاقتراض بالسوق السوداء تعمقت بالبلاد منذ سنوات عديدة وازمة كورونا وتداعياتها الاقتصادية تزيد المخاوف من لجوء الكثيرين اليها. في السنوات الماضية عقدت الكنيست جلسات عدة لبحث الظاهرة ووضع مركز الدراسات التابع لها دراسة يفاد منها ان الاستقراض بالسوق السوداء هو ركيزة اساسيه بعمل منظمات الاجرام ومصد دخل وربح رئيسيين لها. الدراسة تفيد ان تداول هذا النوع من القروض يفوق المليار شيقل بالعام الواحد. الوسط العربي كما هو معروف يعاني سنوات طويله من تفشي الجريمة وضيق وسائل التمويل من قبل البنوك او صناديق الاقتراض ولذلك يلجأ الكثيرين الى الاقتراض بالسوق السوداء.
وتابع: لتجنب الوقوع بشرك هذا النوع من القروض اوصي المواطنين ايجاد حلول اقتصاديه تحل مشاكلهم على المستوى البعيد لا ان تعمق ضائقتهم. لحل ضائقه ماليه يطلب اولا تحديد حجم الضائقة ومصدرها. فمثلا: ان كان المستدين صاحب ورشه وله مديونيه للبنوك والمزودين فعليه تحديد المديونية ومصدرها. ثانيا وضع خطة اشفاء وهنا يمكن الاستعانة بمستشار اقتصادي او التوجه الى احدى المراكز المعنية. ثالثا: جدولة الدين من جديد لدى المقرضين واصحاب المديونية. رابعا: التوجه للاقتراض من صناديق حكومية، صناديق التقاعد او جمعيات ومؤسسات تعنى بذلك. خامسا: ادخال شركاء او مستثمرين جدد. سادسا: اعلان الافلاس فيما لم تتواجد بدائل واستمرت الازمه بالتفاقم
[email protected]
أضف تعليق